ممّا تقدّم أعلاه تتّضح هذه الحقیقة بشکل سافر، هی أنّ أهالی المناطق القطبیّة لا یجب علیهم صوم جمیع الأیّام الطویلة فی شهر رمضان کأن یکون الیوم بمثابة شهر عندنا، فلا یجب علیهم الإمساک طیلة ذلک الیوم، أو الاکتفاء بعدّة رکعات لکافّة ذلک الیوم الطویل بل یجب علیهم ملاحظة الاُفق فی المناطق المعتدلة ویعملوا وفقه. یعنی أن یقوموا باحتساب الأیّام والأسابیع والأشهر طبقاً لما هو موجود فی المناطق المعتدلة، وهکذا یکون حساب النهار واللیل فی مختلف فصول السنة وطبقاً للمناطق المعتدلة کذلک.
وطبعاً کما تقدّم آنفاً، إنّ الظهر الحقیقی فی هذه المناطق یمکن معرفته بسهولة من خلال حرکة الشمس وإرتفاعها إلى الحد الأعلى من الاُفق، وبواسطة شاخص عادی، وبذلک یدخل فی دائرة الحدیث المعروف (إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتین) أی الظهر والعصر، فیشملهم هذا الحدیث الشریف.
وکذلک منتصف اللیل هناک حیث یُعلم من خلال هبوط الشمس ودنوّها من الاُفق بالحدّ الأدنى، فیعلم من ذلک آخر وقت صلاة المغرب والعشاء بهذه الطریقة(1).
وبهذا الترتیب یُعلم بدایة وقت صلاتین من الصلوات الیومیّة الخمسة، ونهایة وقت صلاتین اُخرى دون الاحتیاج إلى وسیلة من الوسائل، بل من خلال حرکة الشمس فقط.
وتقدّم فی معرفة اللیل والنهار هناک أنه یتم من خلال زیادة الضوء وقلته فی الجوّ بواسطة إرتفاع وانخفاض الشمس. وکذلک من خلال زیادة الظلام وقلّته فی اللیالی الطویلة فی تلک المناطق بشکل محسوس.
والشیء الأخیر المتبّقی هو معرفة بدایة (طلوع الفجر) وکذلک وقت (غروب الشمس) لأن المفروض أنّ الشمس هناک لا تشرق ولا تغرب إلاّ مرّة واحدة طیلة شهر کامل أو کثیر. بل تدور حول الاُفق. والطریق إلى معرفة ذلک هو الرجوع إلى بدایة الفجر والمغرب فی المناطق المعتدلة. وبعبارة اُخرى، إنّهم یمکنّهم الاعتماد على تقویم بسیط کما هو موجود فی المناطق المعتدلة فى تعیین بدایة شهر رمضان عندنا، ویمکنهم العمل وفق ذلک.
وبعبارة أوضح أیض: إنّهم باستطاعتهم الاستماع إلى أذان الصبح فی المناطق المعتدلة، ویشرعون فی صومهم، وعندما یسمعون أذان المغرب فی المناطق المعتدلة کذلک یفطرون. (وطبعاً یجب الأخذ بنظر الاعتبار محل منطقة الأذاعة وضرورة کونها موافقة لمحل سکن الشخص من حیث الاُفق، أی أن تقع النقطتان على خطّ نصف النهار، مثلاً الأشخاص الذین یسکنون فی شمال فنلاند یمکنهم الاستفادة من الأذاعات التی تبث برامجها فی المناطق المعتدلة التی توازیهم فی الاُفق.
(1) إن نصف اللیل المتحصل بهذه الطریقة یعادل نصف ما بین غروب وشروق الشمس، بینما نصف اللیل الشرعی هو نصف ما بین غروب الشمس وطلوع الفجر ولهذا یکون منتصف اللیل الشرعی قبل منتصف اللیل المتعارف قلیلاً.
