ما هی النسبة بین أدلّة العناوین الأولیة والعناوین الثانویة، هل هی الورود أو التخصیص أو الحکومة
لا إشکال أنّه لیست النسبة الورود; فإنّ موضوعات الأدلّة الأولیة محفوظة عند انطباق العناوین الثانویة علیها، فإذا اضطرّ الإنسان إلى أکل المیتة فلا شکّ أنّ عنوان المیتة صادق حتّى عند الاضطرار، وکذا عنوان الغصب والتصرف فی أموال الناس عند الحاجة إلیه فی إنقاذ الغریق، وکذا عنوان صیام رمضان عند العسر والحرج الشدید... إلى غیر ذلک، فلا ترتفع العناوین الأولیة بورود أدلّة العناوین الثانویة علیها.
نعم، هی حاکمة علیها غالباً; بناءً على ما هو المختار من أنّ الحکومة هی أن یکون أحد الدلیلین شارحاً للآخر وناظراً إلیه نظر تفسیر أو توسیع أو تضییق لدائرة موضوعه أو حکمه، فقوله تعالى: (وَ مَا جَعَلَ عَلَیْکُمْ فِی الدِّینِ مِنْ حَرَج)(1)بصراحة لفظة ناظر إلى جمیع أحکام الدین وأنّها لیست حرجیة، وکذلک قوله (صلى الله علیه وآله): «لا ضرر ولا ضرار (فی الإسلام)»(2) ناظر إلى أحکام الإسلام وأنّها لا تشتمل على حکم ضرری.
وهکذا أدلّة حرمة التعاون على الإثم والعدوان بالنسبة إلى أدلّة المباحات الأولیة، کبیع العنب ممّن یعمله خمراً وشبه ذلک، واستعمال التتن والتنباک.
نعم، قد تکون بعض أدلّة العناوین الثانویة بمنزلة الاستثناء فی العناوین الأولیة، کقوله تعالى: (حَرَّمَ عَلَیْکُم إلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ...)(1).
هذا کلّه فی ما إذا کان الدلیل لفظیاً; فإنّ النسب الأربع من التخصص والتخصیص والحکومة والورود إنّما هی ثابتة بین الأدلّة اللفظیة.
وأما إذا کان الدلیل على حکم العنوان الثانوی دلیلاً عقلیاً کقاعدة الأهم والمهم فلا تندرج فی شیء من هذه العناوین الأربعة، بل هو من قبیل الترجیح بین ملاکات الأحکام، فملاک إنقاذ المؤمن أقوى من ملاک الغصب فیقدم علیه; لأنّ الأحکام تابعة لما هو الأقوى من الملاکات، إلى غیر ذلک من أشباهه.