إذا توقّف إنقاذ حیاة مسلم على أخذ العضو ووصله فی بدنه جاز ذلک قطعاً; لما فیه من الأولویّة والضرورة. وإن شئت قلت: دار الأمر هنا بین الأهمّ والمهم، ولا ریب فی أنّ الترجیح للأهم.
وأمّا إذا کان العضو ممّا لا تتوقّف علیه الحیاة ـ کما فی زرع العین المأخوذة من المیّت(1) ـ فإنّه قد یقال بعدم جواز أخذه فی الموارد المحرّمة بالعنوان الأوّلی، کالأخذ من میّت المسلم; فإنّ مجرّد المصلحة غیر کافیة فی تجویز المحرّمات ما لم تکن مصلحة ملزمة أهمّ من المفسدة الملزمة.
اللّهمّ إلاّ أن یقال: إنّ الإنسان وإن کان قادراً على العیش مکفوف العین أو مشلولاً، ولکنّ لا إشکال فی عدّ العرف وجود العینین کلیهما ورفع الشلل من الضروریات التی یهتمّ بها الشارع المقدّس، وإنّ حفظ سلامة الإنسان الحیّ فی نظر الشارع أهمّ من حفظ سلامة بدن المیّت المسلم، فیجوز حینئذ الأخذ من المیّت وترمیم أعضاء الحی.
ویمکن الاستشهاد له بما مرّ فی أخذ السنّ من المیّت المسلم وجعله مکان السنّ الساقط من الحیّ; فإنّ السنّ ممّا لا تتوقّف علیه حیاة الإنسان.
نعم، لا یجوز ذلک فی التجمیل وشبهه ما لم یبلغ القبح فیه حدّاً یوجب لصاحبه العسر والحرج الشدیدین ـ کما هو المشاهد فی بعض موارد حرق الوجه أو الأصابع أو غیر ذلک ـ ، فلو بلغ هذا الحدّ دخل فی القسم الثانی.