6 ـ الإجابة عن عدّة أسئلة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
بحـوث فقهیة مهمّة
الجانب الاقتصادی7ـ هل یعتبر تنصیف دیة النّساء ومنعهنّ عن بعض المناصب الاجتماعیة،دلیلا على ضعف إیمانهنّ؟!

السّؤال الأوّل:

 

کما مرّ سابقاً لا یخفى أن للنّساء فی هذا العصر مشارکة فعّالة فی کثیر من الحقول الاقتصادیة جنباً إلى جنب الرّجل، بل أنّ المرأة قد سبقت الرّجل فی بعض النّشاطات، ومن هنا نجد أحیاناً انّ بعض النّساء ینتخبن کعاملات نموذجیات فی مجال الصناعة أو الزراعة، والسؤال هو: هل أنّ دیة مثل هؤلاء النسوة نصف دیة الرّجل أیضاً، أم أنّها مساویة لدیته؟

الجواب:

 

أشرنا مسبقاً الى أنّ تشریع القانون یلاحظ فیه الحالات العامة والغالبة، لا الحالات الفردیة المحدودة، ولا شک فی أنّ مجموع رجال مجتمع أکثر فعالیة من مجموع النّساء فی ذلک المجتمع.

وبتعبیر آخر، انّ فلسفة وحکمة تشریع القوانین موجودة فی الحالة الغالبة والعامة، لا فی کل الأفراد، ومع ذلک فانّ القانون یطبّق على کل الأفراد بلا استثناء، حتى اُولئک الذین لا تتوفر فیهم حکمة القانون وغایاته(1).

وهذا المعنى هو السّائد فی القوانین والعادات العرفیة أیضاً، فمثلا الغرض من منع اجتیاز إشارات المرور فی الشوارع المتقاطعة إنما هی للحدّ من حوادث المرور، فلو فرضنا أنّ شخصاً کان یقود سیارته ووصل إلى تقاطع ما، فکان الضوء أحمراً، ولم یکن فی الجهة المقابلة أی واسطة نقل یحتمل اصطدامه به، فهل یحقّ له اجتیاز التقاطع فی تلک الحالة بحجة أنّ الشارع خال من السیارات؟ کلاّ، فانه لو کان ذلک جائزاً لأمکن التشکیک والاخلال فی کل الأحکام.

السّؤال الثّانی:

 

قد یکون المقتول طفلا ذکراً أو اُنثى، فهل أن دیة الطّفل الذکر ضعف دیة الاُنثى کذلک؟ فی حین أنّه لا فرق بین هذین الطفلین، فان الفراغ الناشئ من فقدان الطفل الذکر مساو للفراغ الناشی من فقدان الطفلة (إذا کان المعیار هو الضرر الاقتصادی)، فلماذا تکون دیة الاُنثى هنا نصف دیة الذکر؟

الجواب:

أوّل: انّ هذین الطفلین لن یبقیا طفلین إلى آخر العمر، وعلیه فان الطّفل الذکر یعتبر منتجاً اقتصادیاً بالقوّة، وإن لم یکن کذلک بالفعل، وجانبه الاقتصادی هذا أقوى من جانب الاُنثى الاقتصادی وان کان بالقوّة ولیس بالفعل!

ثانی: کما قلنا فی الجواب على السؤال الأوّل، فانّ القوانین یلاحظ فیها الحالة العامة والغالبة، ولا یمکن أن یستثنی تطبیقها فی بعض الموارد الجزئیة، لأنّ ذلک یؤدی إلى زعزعة تلک القوانین.

السّؤال الثّالث:

 

إذا کانت الغایة من تشریع الدّیة هی تعویض الخسارة الاقتصادیة النّاشئة من فقدان القتیل، فانّ هذه الغایة تختلف شدّة وضعفاً فی نفس جنس الرجال، فلابدّ أن تختلف الدّیة فی الرجال أنفسهم، فانّ الفراغ الذی ینشأ من فقد الرّجال لیس متساویاً، فهو فی فقد العالم أکبر منه فی فقد العامل مثلا! ولا یتساوى الفراغ الناشئ من فقد مهندس ماهر مع فقد عامل بسیط أبداً! وکذا الفراغ الناشئ من فقد طبیب متخصص حاذق و فقد مضمّد عادی! وعلیه فلابدّ من اختلاف فاحش فی دیات الرّجال أنفسهم ؟

الجواب:

کما قلنا سابقاً، فانّ الفرد لیس هو الملاک فی وضع القوانین، وإنّما المعیار هو مجموع أفراد المجتمع، وعلیه إذا أخذنا بعین الاعتبار مثل هذه الفروق فانّ المجتمع سیتعرض إلى اختلاف وجدال دائمی، وقد ینجر الأمر إلى الفوضى الاجتماعیة والاضطراب.

ولذا فانّ الشارع المقدّس لم یلاحظ هذه الاختلافات الجزئیة فی ملاکاته القانونیة.

السّؤال الرّابع:

إنّ الإختلاف بین الرّجل والمرأة فی المجالات والفعالیات الاقتصادیة هو حصیلة ظلم الرّجال للنساء على مرّ التّاریخ، وترتب على ذلک إبعاد المرأة عن الحیاة الاقتصادیة، فلم تتمکن من الإبداع والإزدهار.

فهذا الانکماش للمرأة من قبل الرّجل فی النّشاط الاقتصادی ولید المعادلات الظالمة ولا ینبغی ترسیخ هذا الظلم ومن أجله یحکم بتنصیف دیة المرأة ؟

الجواب:

قلنا قبل الخوض فی هذا الفصل، انه ینبغی أن لا تتأثر البحوث العلمیة بالعواطف والشعارات، فإذا ما تأملنا جیداً فی الفوارق الطبیعیة الموجودة بین الرّجل والمرأة، لم یرد مثل هذا الإشکال.

وبتعبیر آخر، إذا فرضنا أنّ المرأة لم تتعرض أصلا لأی ظلم من قبل الرجال، وأنّ کل الأحکام الإسلامیة تطبق بشکل دقیق، مع ذلک سنجد فرقاً بینهما فی الجانب الاقتصادی، فمن الذی یمنع المرأة الیوم فی مجتمعنا من أن تمارس نشاطاً أو عملا اقتصادیاً؟

 

لا یمکننا أن ننکر وجود بعض الموانع الطبیعیة التی تمنع المرأة عن ذلک حتى لو لم یمنعها الرجل، وعلیه فالاختلاف بینهما فی الجانب الاقتصادی أمر طبیعی، ولا ربط له بمسألة ظلم الرّجل للمرأة عبر التاریخ، وان نکن جاحدین لمثل هذا الاجحاف.

السؤال الخامس:

بعد قبول صّحة قبلنا مسألة تنصیف دیة النّساء، فانّ مفهوم ذلک هو انه لا مساواة بین الرّجل والمرأة، وهذا مخالف لمقتضى العدل الإلهی ؟

الجواب:

إنّ المهم فی الأمر هو تحقیق العدل، والعدل لا یساوق دائماً المساواة، بل قد تکون المساواة أحیاناً ظلماً، أی انّ المساواة فی بعض الأحیان عدل، وفی أحیان اُخرى ظلم، فمثلا لو انّ معلّماً منح کل طلابه درجات متساویة، فهذه مساواة، ولکنها تمثل ظلماً، لاختلاف مستویات الطلاب العلمیة والاکتسابیة.

نموذج آخر: لم یعتبر الشارع المساواة فی الارث، وإنّما حدّد نسبة معینة لکل وریث بحسب الطبقات، لأنّ المساواة هنا ظلم، فلاینبغی أن یأخذ الجمیع بالتساوی وإنما لابدّ من ملاحظة درجة قرابة الوریث للمورث(2).

وکذا الکلام فی تنصیف إرث المرأة بالنسبة إلى حصة الرّجل. لاحظوا هذه الرّوایة الواردة فی هذا المعنى:

روى هشام بن سالم ـ وهو من أصحاب الإمام الصّادق (علیه السلام) ـ قال: قال عبدالکریم بن أبی العوجاء لمحمد بن علی بن النعمان (مؤمن الطاق) ـ وهو موثّق من قبل علماء الرجال و کان عالماً وماهراً جدّاً فی علم الجدل ـ قال: ما بال المرأة الضعیفة لها سهم واحد وللرجل القوی المؤسر سهمان؟ قال: فذکرت ذلک لأبی عبدالله (علیه السلام)فقال: «أن لیس لها عاقلة ولا نفقة ولا جهاد ـ وعدّ أشیاء غیر هذا ـ وهذا على الرّجال، فلذلک جعل له سهمان ولها سهم»(3).

فهنا لو قلنا بتساویهما فی الارث لکان ذلک ظلماً.

أضف إلى ذلک، إنّنا إذا تأملنا جیداً وجدنا بأنّ سهم المرأة أکثر من سهم الرّجل، لأنّ الرّجل یصرف سهماً له ویصرف الآخر على عائلته ومنهم الزوجة، بینما المرأة لا تصرف من سهمها شیئاً على عائلتها، فهی تستفید من حصّة الزوج مضافاً إلى حصتها، ولا عکس، فحصة المرأة إذن أکثر من حصة الرّجل.

وعلیه، فمضافاً الى أن المرأة لا تتعرض للظلم والاجحاف فی مسألة الإرث، بل وانّ الشارع المقدس أولاها برعایة خاصة ـ والنتیجة هی انّ المساواة لیست دائماً عدلا، بل قد تکون ظلماًأحیاناً(4).

ومن مجموع هذه البحوث نستنتج أن لتنصیف دیة النّساء فلسفة واضحة، وهی انّ الضرر الاقتصادی الناشئ من فقدان الرّجل أکبر بمراتب من الضرر الناشئ من فقدان المرأة، ولذا کانت دیة الرّجل ضعف دیة المرأة.

وما ذکرناه کان أحد الطرق لحلّ مثل هذه الشبهات، ویمکننا هنا أن نعالج الموضوع بنحو آخر، وهو أن نقول:

نحن نعتقد بأنّ الأحکام الإلهیة مبتنیة على أساس العلم الإلهی اللامحدود، وأنّ القوانین والشرائع خاضعة وتابعة للمصالح والمفاسد، وعلیه فانّ ما ندرکه من فلسفة الأحکام یرتبط غالباً بالأحکام الکلیة، کالصلاة، والصوم، والجهاد، والحج، والأمر بالمعروف، والنهی عن المنکر، والدّیة، والارث، وأمثالها، أمّا جزئیات هذه الأحکام فیمکن لنا أن ندرکها ویمکن أن لا ندرکها، وهی مصداق للحدیث الشریف: «لا شیء أبعد عن عقول الرجال من دین الله»(5).

فلماذا کانت صلاة الصبح رکعتین؟ ولماذا کان الطواف سبعة أشواط؟ ولماذا یجب الطواف من الیمین إلى الیسار؟ ولماذا لابدّ أن یبدأ السعی من الصفا ویختم بالمروة؟ وأمثال هذه الأسئلة فی خصوص بعض الجزئیات، فقد لا ندرک فلسفتها، ولکن یکفی أن نعلم بأنّ کل هذه الأحکام قد رسمت معالمها بالعلم الإلهی الأزلی، وبعد أن اعتقدنا بالنبوة وعصمة وحقانیة أئمة الهدى (علیهم السلام)، نخع لکلّ ما جاء عنهم ونسلّم تسلیماً.

هذا، ولا تشکل هذه المسألة مانعاً من السعی لإدراک وتعقُل فلسفة المسائل الکلیّة (کفلسفة أصل الصلاة والحج وأمثال ذلک).


(1) وقد تعرضنا لهذا البحث بالتفصیل فی بحث «فلسفة ضمان العاقلة».
(2) ورد هذا المعنى فی سورة الأنفال الآیة 75.
(3) علل الشرائع: ج 2 الباب371.
(4) ذکر الشّهید الاستاذ مرتضى المطهری ـ رضوان الله علیه ـ فی کتابه «عشرون مقالة» الصفحة 97، بحثاً مفصلا عن التمییز الإیجابی والتمییز السلبی.
(5) فرائد الاُصول: طبع جامعة المدرسین، ج 1 ص 218 و 255.

 

الجانب الاقتصادی7ـ هل یعتبر تنصیف دیة النّساء ومنعهنّ عن بعض المناصب الاجتماعیة،دلیلا على ضعف إیمانهنّ؟!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma