الأفضل أن نطرح هذا السؤال بصورة أکثر تفصیلاً بأن نقول:
هل کل من منعه الإسلام بعض المناصب یعدّ فی ضعفاء الإیمان؟!
وإذا کانت دیة المرأة أقل من دیة الرّجال، أو اُعفیت من اشغال بعض المناصب، فهل یدلّ ذلک على ضعف إیمانها ونقص عقلها؟!
للإجابة على مثل هذه الأسئلة لابدّ من الالتفات إلى أنّ احراز منصب معین یحتاج إلى الاتصاف بصفات وشرائط ذلک المنصب، فإذا لم تتحقق تلک الشرائط فی شخص معین، وأُبعد عن هذا المنصب، فان ذلک لا یدلّ على نقص فی ذلک الشخص، فلا یقال انّ إیمانه ضعیف أو أنّ عقله ناقص.
وتوضیح ذلک هو أنّ عدداً من المناصب الحساسة والخطیرة فی أی مجتمع من المجتمعات یشترط فیها بعض الشروط والمواصفات، فمثلا للقیام بمنصب القضاء یشترط القانون حدّاً أعلى، وحدّاً أدنى للسن، فلا یسمح لمن کان فی سنّ أقل من الحد الأدنى أو أکثر من الحدّ الأعلى القیام بوظیفة القضاء، لأنه إن کان فی عمر أقل من الحدّ الأدنى فانه یفتقد التجربة والخبرة الکافیة، وان کان فی عمر أکثر من الحدّ الأعلى فانه قد لا یمتلک الصبر اللازم لمنصب القضاء الخطیر.
وعلیه، فمن لم یکن عمره فی إطار الشرط المذکور، لا یعتبر ضعیف الإیمان، ولا ناقص العقل، ولا مذنباً!
وکذا من أراد أن یکون طیّاراً، لابدّ أن یکون طوله بحدّ معین، فمن لم یکن کذلک، بل کان أقصر مثلاً، فإنه یمنع من القیام بهذه المهمة، ولیس ذلک ضعفاً فی إیمانه، ولا نقصاً فی عقله.
وبالجملة إن کل عمل مشروط بشرائط معینة، ویحق فقط لمن حاز تلک الشرائط أن یکون مؤهلاً لذلک العمل وإلاّ فلا، ولا یعنی ذلک ضعفاً فی إیمانه، أو نقصاً فی عقله.