6 ـ فلسفة الأحکام خاضعة لمصلحة الأکثر، لا الکل

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
بحـوث فقهیة مهمّة
5 ـ ما هی الفائدة فی معرفة فلسفة الأحکام الإلهیة؟7 ـ ضمان العاقلة

کانت حصیلة البحوث السابقة، أوّلا: إمکان معرفة فلسفة قسم معتدٍّ به من الأحکام، وثانیاً: إنّ معرفة فلسفة الأحکام لیست عدیمة النّفع والجدوى، بل هی مفیدة جداً ومربّیة.

 

والآن ننتقل إلى النقطة الثالثة، وهی انّ فلسفة ذلک القسم من الأحکام التی تقع فی مدار المعرفة البشریة لا تکون شاملة وعامّة لمختلف الافراد. وفی جمیع الظّروف والمتغیّرات، بل هی مبتنیة على أساس مصلحة الأکثریة من الناس وهی جاریة فی الغالب من الافراد لا الکل.

 

وتوضیح ذلک هو: إنّ فلسفة أیّ حکم من الأحکام لا تکون متجانسة مع خصوصیات کل الأفراد، کما أنّها لیست منسجمة مع خصوصیات الفرد الواحد على الدّوام وفی کل الحالات، وبتعبیر آخر، لیس فیها عمومیة أفرادیة، ولا عمومیة حالاتیة، بل هی مبتنیة على أساس أغلب الحالات وأغلب الأفراد.

 

ولکن هذا الأمر لا یقدح بعمومیة الحکم، أی أنّ هذا الحکم یجب أن یطبّق حتى على الأفراد والحالات الفاقدة لتلک الفلسفة والحکمة. ولا فرق فی هذه المسألة بین الأحکام الشرعیة والمقررات والقوانین الاجتماعیة.

 

ولمزید من التوضیح إلیک الأمثلة التالیة:

 

1 ـ من قوانین شرطة المرور إنّه یمنع مرور السّیارات إلاّ من جهة واحدة فی بعض الشوارع.

 

وفلسفة ذلک هی الحدّ من حوادث المرور وتخفیف الزحام، ولکن هذه الفلسفة قد لا تصدق لکل الأفراد وفی کل الحالات، نعم هی صادقة فی الأعم الأغلب من الأفراد والحالات، ولکن القانون لابدّ أن یطبّق على الجمیع.

 

فلو انّ سائقاً کان على درجة عالیة من المهارة والانتباه بحیث یمکنه السّیر فی الاتجاه المعاکس فی تلک الشّوارع بدون أن یتسبب فی حادثة أو یعرقل المرور، ففلسفة ذلک القانون غیر صادقة فی حقّه، ومع ذلک لا یجوز له أن یخالف القانون، ولو فعل ذلک عوقب من قبل السلطات المختصة.

وهکذا مثال هذا القانون من قوانین المرور والسیاقة کمنع اجتیاز التّقاطعات فی حالة الضوء الأحمر، والتوقف فی الأماکن التی یمنع التّوقف فیها و...

 

سؤال: إذا لم تکن فلسفة الأحکام دائمیة وشاملة، فلماذا أضحت نفس الأحکام دائمیة وشاملة؟

 

ففی المثال السابق لماذا لا یکون مرور الأشخاص الذین یمکن أن یؤدی مرورهم من تلک الشوارع إلى حدوث حوادث واصطدامات أو یؤدی إلى عرقلة السیر، ممنوعاً، ویکون مسموحاً للآخرین؟

 

والاجابة على هذا السّؤال جلیّة، فان القانون إذا لم یکن عاماً وشاملا، کان ضعیفاً ومضطرباً، ولا یمکن تطبیقه بالمرّة، إذ أنّ کل شخص حینئذ سیدعی أنّه مستثنى من ذلک القانون ولذا ینبغی أن تکون صیاغة القانون بشکل یوفّر له الشمولیة على الرغم من کون فلسفة هذا القانون تابعة للأعم الأغلب لا للکل.

 

2 ـ یعتبر اعتداد المرأة بعد طلاقها أحد القوانین الإسلامیة، ومن فلسفة هذا الحکم هو معرفة ما إذا کانت الزوجة قد حملت من زوجها السابق، فلا تضیع الانساب وإلاّ فقد یتداخل النسب ویشکل معرفة ذلک فیما لو تزوجت المرأة مباشرة بعد طلاقها ثم حملت، فلا یعلم من هو أب الولد هل هو الزوج الأول، أو الثانی؟ فهذه جزءین فلسفة الاعتداد، ولکن هذه الفلسفة قد لا تصدق فی حقّ بعض النّساء، کالنّساء العقیمات اللائی نعلم بعدم انجابهنّ، ومع ذلک فانّ الاعتداد واجب علیهن فی حال طلاقهنّ.

 

کما أنه یمکن أن لا یکون لهذا الغرض موردٌ فی نساء اُخریات فی بعض الحالات، ومع ذلک یجب علیهنّ الاعتداد، ولکی لا یکون ذلک حجّة للفرار من الاعتداد وأن یقول کل شخص: أنی أعلم بأنّ تلک المرأة لیست بحامل.

 

3 ـ المثال الثّالث، مسألة أسهم الارث لکل من الذکر والاُنثى ـ التی یتوجّه بالاعتراض إلیها الیوم بعض الناس، وحتى بعض الهیئات الدولیة وأثاروا حولها ضجّة دون أن یلتفتوا إلى فلسفتها ـ وعلّة کون سهم الذکر ضعف سهم الاُنثى هو أنّ النفقة تکون على عاتق الرّجل ولیست على المرأة مسؤولیة الإعاشة فی الاُسرة.

 

ولکن هذه الفلسفة أیضاً لیست متحققة دائماً وإنما، هی غالبة ومع ذلک فالقانون کلی ویجب تطبیقه فی کل الأحوال والموارد; فالطفل الصغیر لا یتعهد بشیء من النفقة على عائلته، ومع ذلک فهو مشمول لهذا الحکم، وکذا لو کبر ربّ الاُسرة وعجز عن العمل فأخذت زوجته تعمل وتصرف علیه، فانّها مع ذلک لا تستثنى من هذا الحکم مع أنّ فلسفة الارث مفقودة هنا.

 

ومن الواضح أنّ الأحکام لو خضعت لمثل هذه المتغیّرات لنشب الجدل العقیم بین النّساء والرجال فلا ینقطع أبداً.

 

4 ـ الإسلام یحکم بأن دیة المرأة نصف دیة الرّجل، أی لو قتل رجل وحکم على القاتل بدفع الدّیة، وجب علیه أن یدفع ألف دینار ذهب إلى أولیاء المقتول، أما إذا کان المقتول امرأة وجب علیه دفع خمسمائة دینار ذهب فقط.

 

وفلسفة هذا الحکم أنّ الدّیة لیست ثمناً للدم إذ أنّ دم الإنسان لا یقیم بثمن، وإنّما الدّیة شرعت لتعویض الخسارة النّاشئة من فقدان القتیل، ومن المسلّم انّ الخلل الاقتصادی والخسارة المادیة النّاشئة من فقد الرّجل أکبر من الفراغ النّاشئ من فقد المرأة من جهة مدلولاته الاقتصادیة على العائلة، ولذا کانت دیة الرّجل ضعف دیة المرأة. ولکن هذه الفلسفة قد لا تکون متحققة دائماً بل اخذت فیهما جهة الأغلبیة فمثلا لو کان المقتول طفلا فلا تصدق هذه الغایة علیه، ومع ذلک فالحکم ثابت ولا یتغیّر بارتباک بعض الموارد.

 

ولو کان الفراغ الحاصل من فقد المرأة أکبر من الفراغ الاقتصادی الحاصل من فقد الرّجل فی بعض الاُسر، فالقانون یبقى عاماً وشاملاً لمثل هذه الموارد مع أنّ الغایة غیر متحققة ظاهراً.

 

والنّتیجة، هی أنّ الحکم الشرعی والقانون الالهی عام من حیث التطبیق، وأمّا فلسفة الحکم فهی مبتنیة على الأعم الأغلب.

 

وبالالتفات إلى هذه النکتة تتضح الکثیر من الإشکالات التی یثیرها البعض حول الأحکام الإسلامیة.

5 ـ ما هی الفائدة فی معرفة فلسفة الأحکام الإلهیة؟7 ـ ضمان العاقلة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma