المقام الثّانی: فی حقیقة الانشاء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
بحـوث فقهیة مهمّة
المقام الأوّل: الأقوال الواردة فی المسألةالمقام الثّالث: فی بیان الدلیل على لزوم الانشاء فی العقود والایقاعات

المعروف بین أرباب التحقیق أن الانشاء هو: «إیجاد المعنى باللفظ» ولکن أورد علیه «بعض أعاظم العصر» بما حاصله: «إن الایجاد إن کان بمعنى الایجاد الخارجی فهو ضروری البطلان، بداهة أن الموجودات الخارجیة مستندة إلى عللها الخاصّة التکوینیة فالنار لا تکون إلاّ بعلتها، وکذا الماء والشجر والحجر، وإن کان المراد الایجاد الاعتباری فی نفس المتکلّم فهو أیضاً واضح الفساد، لأن الاعتبار النفسانی من أفعال النفس لا حاجة له إلى الألفاظ مطلقاً، وإنّما یحتاج إلى الألفاظ لابراز ما فی النفس.

وإن کان المراد منه اعتبار العقلاء فهو موقوف على تحقق الانشاء أولاً من المنشىء حتّى یعتبر العقلاء ویمضیه الشرع.

وبالجملة لا یعقل معنى محصل لتعریف الانشاء بایجاد المعنى باللفظ، بل الحقّ أنه إبراز الاعتبار النفسانی بمبرز خارجی کما أن الخبر إبراز قصد الحکایة انتهى ملخصاً(1)».

أقول: أوّل: کون الانشاء أمراً ایجادیاً فهو أمر وجدانی لا ینبغی الشکّ فیه، سواء فی البیع والهبة والنکاح بل وفی مثل النداء والتمنی والترجی وأشباهها، یجد ذلک کلّ من اختبر نفسه عند انشاء شیء.

فالوجدان اَصْدق شاهد على أنه عند ذکر هذه الصیغ بقصد الانشاء یوجد أمر، اعتباری، فقول القاضی «حکمت وقضیت بأن هذا المال لفلان» وکذلک قول العاقد «انکحت وزوجت فلانة من فلان» وهکذا قول الشاعر.

«فیالیت الشباب یعود یوماً» یوجد أمراً اعتباریاً لم یکن من قبل لا أنها کاشفات عن اُمور اعتباریة حصلت من قبل فی نفس المتکلّم، ثمّ یخبر عنها بهذه الاُمور، ویکشف عن وجودها بهذه الألفاظ، وإن شئت اختبر نفسک عند انشاء بعض العقود تجد ما ذکرناه أمراً ظاهراً بیّنا.

وثانی: لو کان الانشاء ابراز الاعتبار النفسانی کان کالخبر یحتمل الصدق والکذب، فإن القائلین بأن الانشاء لا یحتمل الصدق والکذب إنّما ذکروا ذلک لکونه أمراً ایجادیاً، ومن الواضح أن الایجاد لیس حکایة عن شیء حتّى یقبل الصدق والکذب، وأمّا إذا قلنا أنه ابراز ما فی الضمیر والأخبار عن وجود الاعتبار فی النفس، فهو کالخبر یحتمل الصدق والکذب، مع أنه خلاف المتفق علیه بینهم.

إن قلت: بین الخبر والانشاء فرق واضح فإنه لیس فی الانشاء وراء الاعتبار النفسانی شیء فی الخارج، ولکن فی الأخبار وراءه شیء آخر.

قلت: هذا الفرق غیر فارق، فإنه إذا ذکر أمر ولم یطابق الأمر الثابت فی النفس کان کذباً فی إبرازه وإظهاره لا محالة، فکان المجری للصیغة بقوله «بعت» یقول إنی اعتبرت فی نفسی کون هذا المال لفلان فی مقابل ذاک الثمن ومن الظاهر إن هذا أمر یحتمل الصدق والکذب، فإن کان الاعتبار موجوداً فی نفسه کان صدقاً وإلاّ کان کذباً.

وثالث: ـ وهو العمدة ـ أن حقیقة الانشاء لیست مجرد الاعتبار النفسانی ولا مجرد الألفاظ، بل هو اعتبار عقلائی یوجد بأسبابه المعدّة له وبما دلّ علیه من الألفاظ أو غیرها مع النیّة والقصد.

توضیح ذلک: أن حقیقة الملکیة مثلاً کانت فی بدأ الأمر هی السلطة الخارجیة على شیء، وکان تملیک الغیر شیئاً هو تسلیطه علیه فی الخارج.

ثمّ لما أخذت المجتمعات البشریة تتسع نطاقها تبدلت هذه السلطة التکوینیة الخارجیة إلى شکل اعتباری قانونی، وقام الانشاء مقام الإعطاء الفعلی الخارجی، فمجرد الاعتبار النفسانی لا أثر له عند العقلاء، ولا یوجد السلطة الاعتباریة القانونیة وإنّما توجد هذه السلطة بالفاظ أو أفعال وضعت لها مع قصد ایجادها بها، فانشاء الملکیة هو ایجاد اعتبار عقلائی قانونی بأسبابه، لا ایجاد أمر تکوینی، بل ولا ایجاد اعتبار نفسانی حتّى لایحتاج إلى الألفاظ، بل هی ایجاد سلطة قانونیة عقلائیة على شیء وهذا المعنى یحتاج عندهم إلى أسباب خاصّة مع قصد ایجادها وکذلک الطلاق مثلاً هو انفصال قانون عقلائی بین الزوج والزوجة بأسبابها، وهکذا فی سائر الاُمور الانشائیة من العقود والایقاعات.

فما ذکره (دام علاه) أنه لا معنى محصل لتعریف الانشاء بایجاد المعنى باللفظ غیر موافق للتحقیق، فإن الوجود الخارجی والنفسانی لایحتاجان إلى الألفاظ ولکن الاعتبارات العقلائیة تابعة لأسبابها والألفاظ وشبهها إنّما هی أسباب لایجاد الاعتبارات العقلائیة.

لا أقول أن حقیقة الانشاء هی ذکر الألفاظ وشبهها، بل أقول أنها ایجاد اعتبارات عقلائیة بهذه الأسباب مع النیّة والقصد فتدبر فإنه حقیق به.


(1) مصباح الفقاهة: ج 2 ص 50.

 

المقام الأوّل: الأقوال الواردة فی المسألةالمقام الثّالث: فی بیان الدلیل على لزوم الانشاء فی العقود والایقاعات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma