المقام الثّانی ـ ولایة الفقیه وحقّ التصرّف بالخُمس والزکاة وما شابهها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
بحـوث فقهیة مهمّة
المقام الأوّل: ولایته على القصّر والغیّبالمقام الثّالث من صلاحیات الفقیه: «إقامة الحدود الشرعیة»

ظاهر کلام الأصحاب جواز دفع الزکاة و الخُمس إلى الحاکم الشرعی فی عصرالغیبة، إنّما الکلام فی وجوبه وعدمه.

 

قال شیخ الطائفة فی الخلاف فی المسألة 42 من مسائل زکاة الفطرة: «یستحبّ حمل الزکوات: زکاة الأموال الظاهرة والباطنة، وزکاة الفطرة، إلى الإمام، لیفرقها على مستحقیها، فإن فرقها بنفسه جاز، وقال الشافعی: الباطنة هو بالخیار والفطرة مثلها والظاهرة فیها قولان: «احدهما» یتولاه بنفسه، و«الآخر» یحملها إلى الإمام، ومنهم من قال الأفضل أن یلی ذلک بنفسه إذا کان الإمام عارفاً، فإن کان الإمام جائراً فإنه یلیها بنفسه قولاً واحداً، وإن حملها علیه (إلیه) سقط عنه فرضها، دلیلنا إجماع الفرقة واخبارهم، وأیضاً قوله تعالى (خذ من أموالهم صدقة) یدلّ على ذلک، والإمام قائم مقام النبی (صلى الله علیه وآله) فی ذلک» (انتهى).

وقال العلاّمة فی التذکرة: «لو تعذر الصرف إلى الإمام (علیه السلام) حال الغیبة استحب دفعها إلى الفقیه المأمون من الإمامیة، لأنه أبصر بمواقعها، ولأنه إذا دفعها إلى الإمام أو الفقیه برىء لو تلفت قبل التسلیم، لأن الإمام أونائبه کالوکیل لأهل السهمین، فجرى مجرى قبض المستحق، ثمّ قال: لو طلب الإمام الزکاة منه وجب دفعها إلیه إجماعاً، لأنه معصوم یجب طاعته وتحرم مخالفته، فلو دفعه المالک إلى المستحقین بعد طلبه و إمکان دفعها إلیه فقولان لعلمائن: الاجزاء وهو الوجه عندی، لأنه دفع المال إلى مستحقه... وعدمه لأن الاخراج عبادة لم یوقعها على وجهها لوجوب الصرف إلى الإمام بالطلب، فیبقى فی عهدة التکلیف ولا خلاف فی أنه یأثم بذلک»(1).

وقال الشهید الثّانی فی الروضة فی کتاب الزکاة: «ویجب دفعها إلى الإمام (علیه السلام) مع الطلب بنفسه أو بساعیه... قیل وکذا یجب دفعها إلى الفقیه الشرعی فی حال الغیبة لو طلبها بنفسه أو وکیله، لأنه نائب الإمام، کالساعی، بل أقوى... ودفعها إلیهم ابتداء من غیر طلب أفضل من تفریقها بنفسه، لأنها ابصر بمواقعها، وأخبر بمواضعها، قیل والقائل المفید والتقی: یجب دفعها أبتداءً إلى الإمام أو نائبه، ومع الغیبة إلى الفقیه المأمون.

 

وقال القاضی ابن البرّاج فی المهذب فی مبحث زکاة الفطرة ما یدلّ على وجوب حملها إلیه (علیه السلام) وعند الغیبة إلى فقهاء الشیعة لیضعها فی مواضعها، لأنهم أعرف بذلک (انتهى ملخصاً)(2).

 

وفی الجواهر بعد اختیار هذا القول أعنی وجوب دفعها إلى الفقیه عند طلبها، والاستدلال بإطلاق روایة التوقیع عن صاحب الأمر (علیه السلام): أنه یمکن تحصیل الاجماع علیه من الفقهاء، فإنهم لایزالون یذکرون ولایته فی مقامات عدیدة، لا دلیل علیها سوى الإطلاق الذی ذکرناه(3).

 

ومعلوم أنه من قبیل الاجماع على القاعدة لا الاجماع على خصوص المسألة.

 

والمحکی عن أکثر فقهاء العامّة إیجاب الدفع إلى الأمراء وإن علم عدم صرفها فی محالها، ورووا ذلک عن أبی سعید الخدری وعبدالله بن عمر وأبی هریرة وعائشة والحسن البصری وإبراهیم النخعی وغیرهم، بل حکی عن بعضهم أنه سئل عن الزکاة فقال: ادفعوها إلى الأمراء ولو أکلوا بها لحوم الحیات!(4).

ویتحصل من جمیع ذلک أن فی المسألة أقوالاً ثلاثة:

 

أوله: وهو الأشهر بینهم أنه یجب دفعها إلى الفقیه إذا طلبها، وقال السید (قدس سره) فی العروة: یجوز دفع الزکاة إلى الحاکم الشرعی بعنوان الوکالة عن المالک فی الاداء، کما یجوز بعنوان الوکالة فی الإیصال، ویجوز بعنوان أنه ولی عام على الفقراء(5).

 

وقد تلقاها المحشون بالقبول.

 

ثانیه: وجوب دفعها إلیهم مطلقاً کما عن المفید والتقی:

 

ثالثه: عدم وجوبه مطلقاً کما لعلّه یظهر من کلمات الاصبهانی فی شرحه على الروضة على ما حکاه فی الجواهر.

 

إذا عرفت ذلک فاعلم: أن الأقوى فی المسألة قول رابع فیه تفصیل ستعرفه إن شاء الله بعد ذکر أدلّة المسألة، فنقول ومنه جلّ ثنائه التوفیق والهدایة.: أنه لم یرد فی المسألة نصّ خاصّ بل المستفاد من کلماتهم فی المقام استنادهم فی مسألة جواز دفع الزکاة أو وجوبه اُمور:

 

1 ـ أنه اعرف بمواضعه ومصارفه کما ورد فی کلام المهذب وغیره.

 

وفیها أن مجرد کونه أعرف بذلک لایدلّ على وجوب الدفع إلیه، بل ولا على جوازه إلاّ أن یکون الفقیه وکیلاً عن المالک، ومضافاً إلى أنه لا یختص الحکم به بل بکلّ عارف بمصارفها ولو تقلیداً.

 

2 ـ اولویته من الساعی حیث یجب الدفع إلیه إذا طلبها،وفیه ما حکی عن الاصبهانی فی شرحه على الروضة من أن الساعی إنّما یبلغ أمر الإمام (علیه السلام) فاطاعته إطاعة الإمام (علیه السلام) بخلاف الفقیه، ولا یجدی کونه اعلى رتبة انتهى، وحاصله أن اللازم إثبات عموم ولایة الفقیه فی هذا الأمر أولاً، فمجرد کونه أعلى رتبة من الساعی لایفید شیئاً بعد کون ید الساعی ید الإمام المعصوم (علیه السلام).

 

3 ـ قوله تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزکیهم بها)، وهذا الأمر دلیل على وجوب الأخذ ولا أقل من جوازه (إذا کان فی مقام دفع توهم الحظر).

 

وفیه أن الاستدلال بها فرع ثبوت نیابة الفقیه عنه (صلى الله علیه وآله) ومعه لا یحتاج إلى هذا الاستدلال، لأن جواز أخذه (صلى الله علیه وآله) الزکاة من الضروریات الغنیة عن البرهان.

 

4 ـ تحصیل الإجماع علیه کما عرفت فی کلام الجواهر، ولکن قدعرفت أنه من قبیل الاجماع على القاعدة، بناءً على کونه من باب الاجماع على إطلاق التوقیع وشبهه، وإلاّ فالمسألة کما عرفت خلافیة ذات أقوال متعدّدة ولیست اجماعیة.

 

5 ـ إن الفقیه نائب عام عن الإمام (علیه السلام) فی أمثال هذه الاُمور، ووکیل عن الفقراء ـ وهذا هو العمدة فی المقام، وتوضیحه یحتاج إلى ذکر مقدمة وهی: إن المستفاد من أدلّة تشریع الزکاة أنها إنّما شرعت لسد خلّة الفقراء ودفع الشدّة عنهم، مضافاً إلى شدّ حوائج الحکومة الإسلامیة، بل دفع النوائب عن الفقراء أیضاً من وظائف الحکومة العادلة القائمة على اساس العدل، کما لایخفى على الخبیر.

 

ومن أقوى الشواهد علیه المصارف التی نصّ علیها کتاب الله عزّوجلّ، منها سهم العاملین علیها الذین هم العاملون للحکومة والمأمورون من قبلها، وکذا سهم المؤلفة قلوبهم الذین یألفهم الحکومة على موافقة المسلمین، بل یستمد من قواهم فی مقابل الأعداء کما ورد فی سیرته (صلى الله علیه وآله) من إعطاء المؤلفة قلوبهم من أهل مکّة أو غیرها.

 

وأوضح منه سهم سبیل الله والقدر المتیقن منه الجهاد، ومن الواضح أن الجنود والعساکر تکون تحت سیطرة الحکومة، ولو قلنا بأن مفهومه عامّ لکلّ خیر یکون منفعة عامّة، کان أیضاً من الاُمور الراجعة إلى الحکومة قبل غیرها، لأنها المعدة لمثل هذه الاُمور کما لایخفى، بل قد عرفت أن سهم الفقراء والمساکین ذریعة لإقامة العدل، وأحق الناس بها هو الحکومة.

 

ومن هنا یظهر أن الزکاة فی الحقیقة من منابع بیت المال، فإن الحکومة لا تقوم إلاّ ببیت المال، لمصارفها وحل مشاکلها، وبیت المال یحتاج إلى منافع، ولعلّ حکم بعض العامّة بوجوب دفعها إلى الأمراء وإن لم یصرفوها فی مصارفها مأخوذة من ملاحظة ماهیة الزکاة ومحتواها، وإن وقعوا فی الخطأ من حیث توهم کون الدفع إلیهم موضوعیاً، مع أنه طریقی، فإذا علم بعدم صرفهم إیاها فی مصارفها لابدّ من منعها منهم قطعاً.

 

ویؤید تشریع الزکاة فی المدینة عند بناء الحکومة الإسلامیة من ناحیته (صلى الله علیه وآله) وکذا ما ورد فی آداب المصدق وانه إذا أتى صاحب المال یقول لهم... فهل لله فی أموالکم من حقّ فتؤدوه إلى ولیه(6).

 

وبعد ذلک کلّه نقول: إن قلنا ان الفقیه هو الذی یتصدى للحکومة الإسلامیة ـ کما سیأتی فی المقام الخامس إن شاء الله ـ فإذا کان مبسوط الید فیمکن القول بوجوب دفعها إلیه کما ذکرنا فی تعلیقاتنا على العروة الوثقى ما هذا عبارته: هذا (أی أفضلیة نقل الزکاة إلى الفقیه) إنما هو فی زمان قبض ید الإمام (علیه السلام) أو الحاکم، أمّا فی زمان بسط الید فلا یبعد وجوب دفعها إلیه لأنه الحافظ لبیت مال المسلمین، والإسلام لیس مجرّد فتاوی (وأحکام) ونصائح بل الحکومة جزء منها لا ینفک، وهی تحتاج إلى بیت مال متمرکز، کما یشهد له سیرة النبی (صلى الله علیه وآله) الولّی (علیه السلام) ولو ان کلّ إنسان أعطى زکاة ماله بنفسه لا یکون لبیت المال ومن یکون عیالاً علیه، قائمة.

 

والحاصل: أنه إذا تحققت الحکومة الإسلامیة العادلة الکاملة العیار فالأقوى ولا اقل من الأحوط وجوب دفعها إلیها ابتداء ولو من دون طلب، وأمّا بدون ذلک فهو أفضل، ولو طلبها لبعض المصالح ولو فی زمن قبض الید، واجب أیضاً بأدلة الولایة الآتیة والله العالم. هذا کلّه بالنسبة إلى حکم الزکاة.

 

أما الخُمس: فهو أوضح حالاً من الزکاة ولذا کان المعروف بینهم عدم جواز تصدی صاحب الخُمس لصرفه (بالنسبة إلى سهم الإمام (علیه السلام)) وإلیک بعض کلماتهم:

 

1 ـ قال العلاّمة المجلسی (قدس سره): أکثر العلماء قد صرّحوا بأن صاحب الخُمس لو تولى دفع حصّة الإمام (علیه السلام) لم تبرء ذمته بل یجب علیه دفعها إلى الحاکم وظنی أن هذا الحکم جار فی جمیع الخُمس(7).

 

2 ـ وقال شیخنا المفید فی الرسالة الغریة ومتى فقد إمام الحقّ ووصل إلى الإنسان ما یجب فیه الخُمس فلیخرجه إلى یتامى آل محمّد (صلى الله علیه وآله) ومساکینهم وأبناء سبیلهم (انتهى).

 

وظاهر هذا الکلام عدم الحاجة إلى أذن الفقیه، ولکن المحقّق فی المعتبر بعد نقل هذا الکلام منه قال: وما ذکره المفید حسن... لکن یجب أن یتولى صرف ما یحتاجون إلیه من حصّة من له النیابة عنه فی الأحکام، وهو الفقیه المأمون من فقهاء أهل البیت (علیهم السلام)(8).

 

3 ـ قال العلاّمة فی المختلف فی کتاب الزکاة والخُمس: اختلف أصحابنا فی مستحق الإمام (علیه السلام) فی حال الغیبة من الأخماس والأنفال وغیرها... إلى أن قال: وهل یجوز قسمته فی المحاویج من الذریة کما ذهب إلیه جماعة من علمائنا الأقرب ذلک... إذا ثبت هذا فإن المتولی لتفریق ما یخصه (علیه السلام) فی محاویج الذریة من إلیه الحکم عن الغائب (علیه السلام) لأنه قضاء حقّ علیه، کما یقضی عن الغائب، وهو الفقیه المأمون الجامع لشرائط الفتوى والحکم، فإن تولى ذلک غیره کان ضامناً (انتهى موضع الحاجة)(1).

 

4 ـ هذا ویظهر من بعضهم وجوب دفعه إلى الأعلم من العلماء مثل شیخنا «کاشف الغطاء» فی الفردوس الأعلى حیث قال: أمّا الدلیل على لزوم إعطاء سهم الإمام (علیه السلام) للمجتهد فإنه یکفی فیه کون المجتهد هو الوکیل العامّ للإمام (علیه السلام) فهو مال الغائب یجب دفعه إلى وکیله، ولا أقل من أنه هو القدر المتیقن لبراءة الذمّة فیجب، والواجب دفعه إلى الأعلم، فکما یجب تقلید الأعلم کذلک یجب دفع الحق إلیه... أمّا الیوم فقد صار مال الإمام (علیه السلام) کمال الکافر الحربی! ینهبه کلّ من استولى علیه!(10)وکلامه هذا دلیل على شدّة تأسفه على ما آل إلیه الأمر بالنسبة إلى هذا السهم المبارک فی زمانه.

 

5 ـ وفی مقابله قول من قال بجواز صرفه من ناحیة المالک بعد احراز رضى الإمام (علیه السلام) کما فی المستمسک حیث قال: «نسب إلى أکثر العلماء تارة وأکثر المتأخّرین اُخرى... وجوب تولی الحاکم لحصته (علیه السلام) بل عن الشهید إجماع القائلین بوجوب الصرف للاصناف على الزمان لو تولاه غیر الحاکم... ولاسیّما إذا کان الحاکم بمرتبة عالیة من العقل والعدالة والأمانة والاهتمام بالمصالح الدینیة والقدرة على تمییز الأهم والمهم منها، فإنه حینئذ یکون أبصر بمواقعه وأعرف بمواضعه، فیتعین الرجوع إلیه فی تعیین المصرف» ولکنّه مع ذلک أجاب عن کلّ ذلک ولم یقبله، ثمّ قال: «فإذا احرز رضاه (علیه السلام) بصرفه فی جهة معینة جاز للمالک تولی ذلک بلا حاجة إلى مراجعة الحاکم الشرعی»(11).

 

وهذه الکلمات کما ترى فی طرفی الخلاف والنقیض من اعتبار الأعلمیة أو عدم اعتبار شیء حتّى الاجتهاد والعدالة.

 

6 ـ ولنتم هذه الکلمات بما أفاده المحقّق فی الشرائع فی کتاب الخُمس حیث قال: «ویجب أن یتولى صرف حصة الإمام (علیه السلام) فی الموجودین، من إلیه الحکم بحقّ النیابة، کما یتولى اداء ما یجب على الغائب».

 

وقال ثانی الشهیدین فی المسالک فی شرح هذه العبارة: «ولو تولى ذلک غیره کان ضامناً عند کلّ من أوجب صرفه إلى الاصناف»(12).

 

هذا شطر من کلمات الأصحاب (رضوان الله علیهم) فی هذا الباب، ویظهر منها أن الأقوال فیه أیضاً مختلفة ولکن الأشهر أو المشهور هو لزوم دفع سهم الإمام (علیه السلام)إلى الحاکم الشرعی، وأمّا دفعه إلى الأعلم أو جواز صرفه من ناحیة المالک فهو شاذ.

 

إذا عرفت هذا فاعلم: أن هذه المسألة مبنیة على أن تعلم ما الواجب فی سهمه (علیه السلام)فی عصر الغیبة، فقد اختلفت فیه الأقوال وتضاربت تضارباً شدیداً حتّى أن المحقّق النراقی حکى فی المستند فی کتاب الخُمس أقوالاً تسعة بالنسبة إلى سهم الإمام (علیه السلام) وأقوالاً خمسة فی سهم السادة فأصبحت أربعة عشر قولاً فراجع(13).

 

وذکر فی الحدائق أیضاً أربعة عشر أقوال فی المقام(14) وعمدتها عشرة أقوال ذکرناها فی التعلیقة على العروة وإلیک موجزها وملخصه:

 

1 ـ إباحتها للشیعة وسقوطها مطلقاً (سهم السادة وسهم الإمام (علیه السلام)) کما عن سلاّر وصاحب الذخیرة.

 

2 ـ عزله بجمیعه والوصیة به کما عن المفید.

 

3 ـ دفنه کما حکاه المفید عن بعض من لم یسمه!

 

4 ـ دفع حقّ السادة إلیهم وأمّا حصة الإمام (علیه السلام) یودع أو یدفن!

 

5 ـ حقّ السادة یدفع إلیهم أمّا حصته (علیه السلام) فتقسم على الذریة کما هو المشهور بین جمع من المتأخرین.

 

6 ـ صرف حقّ السادة إلیهم، وأمّا حصته (علیه السلام) فهو مباح للشیعه فی عصر الغیبة کما فی المدارک وغیره.

 

7 ـ صرف حقّ السادة إلیهم، أمّا سهمه (علیه السلام) فیصرف فی موالیه العارفین بحقّه إذا کانوا فقراء کما عن ابن حمزة وغیره.

 

8 ـ إن حقّ السادة یدفع إلیهم، وأمّا خُمس الأرباح مباح مطلقاً.

 

9 ـ صرف حقّ الأصناف الثلاثة (حقّ السادة) إلیهم، والتخییر فی حصته (علیه السلام)بین الدفن والوصیة وصلة الأصناف مع الاعواز، بإذن الفقیه، کما عن الشهید فی الدروس.

 

10 ـ وهو العمدة والمختار، دفع سهم الأصناف الثلاثة إلیهم، وأمّا سهم الإمام (علیه السلام) فیصرف فی کلّ أمر یحرز به رضاه، من تعظیم الدین، ونشر العلم وتبلیغ الإسلام، وصلة الأصناف وغیرهم من الفقراء والمحتاجین، وغیر ذلک ممّا یحرز به رضاه (علیه السلام).

 

وإذ قد عرفت ذلک فاعلم أن الحقّ من بین هذه الأقوال هو الأخیر، والسرّ فیه أنه لاینبغی الشکّ أن تشریع حکم الخُمس بالنسبة إلى حصة الإمام (علیه السلام) إنّما هو لإمامته الإلهیة، وکونه منصوباً للحکومة على الاُمّة، وإلاّ فسهم الإمام (علیه السلام) لیس مصرفاً شخصیاً له لأنه کانسان یحتاج إلى شیء یسیر من هذه الأموال الضخمة، ومن البعید جدّاً بل من الممتنع فی حکمة الحکیم أن یجعل له ما لایحتاج إلیه إلاّ شیئاً قلیلاً منه جدّاً، فإن الناس لو أدوا خُمس أموالهم فی جمیع أقطار الأرض بلغ سهم الإمام (علیه السلام) مبلغاً عظیماً لایقدر ا ی إنسان على مصرفه إلاّ أن یکون على رأس الحکومة ویصرفه فی مصارفها.

 

لا أقول أن سهم الإمام (علیه السلام) ملک للمقام لا لشخصه، حتّى یکون تلقی الفقیه النائب له إذا کان على رأس الحکومة تلقیاً استقلالیاً من غیر حاجة إلى وساطة الإمام المعصوم (علیه السلام)، بل أقول أنه (علیه السلام) مالک له بسبب کونه مبعوثاً لهذا المقام، فلو کان حاکماً بالفعل صرفه فی مصارفه الحکومیة والمقامیة، ولو منعه الظالمون من ذلک صرفه فیما یمکن أن یصرفه فیه من مصارفه، ویبیحه للشیعة أحیاناً فی مواقع خاصّة، کما ورد فی غیر واحد من روایات الباب، لا الإباحة المطلقة لاختلاف الأزمنة فی ما یقتضیه من المصالح.

 

وبالجملة احتمال کونه مالکاً لهذه الأموال الضخمة الکثیرة بما أنه شخص خاصّ بعید جدّاً لایحتمله الخبیر قطعاً، بل بما أنه سائس عام وحاکم إلهی على الاُمّة.

 

والفرق بینهما ظاهر، ففی الأوّل یرث هذه الأموال جمیع وراثه، وفی الثّانی لایرثه إلاّ الإمام، الذی بعده، کما ورد فی بعض الأحادیث.

 

ومن الواضح أن غیبته (علیه السلام) لاتوجب نفی هذه المصارف، بل کثیر منها باقیة ولو من دون قیام الحکومة، وکلّها باقیة عند إقامتها، فلا وجه لدفنها، کما لا وجه لایداعها والوصیة بها، بل اللازم صرفها فی مصارفها مهما أمکن، والمأمور بهذا الصرف هو نائبه الخاصّ أوالعامّ، فإذا أثبتنا ولایة الفقیه مطلقاً أو فی الجملة بحیث یشمل المقام کان اللازم دفعها إلیه.

 

وبالجملة کلّ من حکم بدفنه أوالایصاء به،أو أن الفقیه ینظر فیه کأموال الغیّب اعتبره أنه مال شخصی له کسائر أمواله الشخصیة، مع أنه لیس کذلک قطعاً، بل هو ملک له بماله من المقام، فلو حرم الناس من لقائه (علیه السلام)وتصرفه فیهم، لم یمنع ذلک من صرف هذه الأموال العظیمة فی مصارفها إن کانت الحکومة الإسلا میة مبسوطة السلطة قائمة، وإلاّ ففیما یمکن من مصارفها من نشر العلم وتبلیغ الإسلام ودعم الحوزات العلمیة وحفظ ضعفاء الشیعة، وتکمیل سهم الأصناف، وغیر ذلک من أشباهه، ولایمکن تعطیل جمیع ذلک فی غیبته.

 

فالمراد من صرفه فی ما یحرز به رضاه هو ذلک، فإن رضاه یتعلق بهذه الاُمور ولو کان هو (ارواحنا فداه) حاضراً شاهداً صرفها فیما ذکر قطعاً.

 

والمتکفل لهذا الصرف هو الفقیه الجامع للشرائط. لا لأنه أبصر بمصارفه فقط، لماعرفت أن مجرّد أبصریته غیر کافیة فی إثبات المراد.

 

ولا لأنه ولیّ الغائب فإن ذلک فرع کونها أموالاً شخصیة.

 

ولا لأنه مجهول المالک، لأن عدم القدرة على تسلیم المال لمالکه مع کونه معلوماً لایجعله بحکم مجهول المالک، نظراً إلى اتحاد الملاک وهو عدم إمکان الوصول إلیه سواء کان لعدم معرفته أو لعدم الوصول إلیه، فإن هذا الاحتمال ضعیف جدّاً لاتدلّ علیه أدلّة حکم «مجهول المالک».

 

بل لأمرین آخرین احدهم: أدلة الولایة العامّة الآتیة إن شاء الله، فإن القدر المسلّم منها هو هذه الاُمور واشباهها.

 

ثانیهم: اصالة اشتغال الذمّة وعدم الیقین بالبراءة بدونه، ولا إطلاق هنا یدلّ على البراءة وجواز صرف المالک بنفسه، وإن شئت قلت: القدر المتیقن من رضاه ذلک، ودعوى العلم برضاه ولو بدون ذلک مشکل جدّاً لایجتری علیه الخبیر.

ومن هنا یظهر الإشکال فیما ذکره فی الحدائق حیث قال ـ معترضاً على العلاّمة المجلسی فیما عرفت من کلامه فی زاد المعاد : انّا لم نقف له (لدفعه إلى الفقیه) على دلیل، وغایة ما یستفاد من الأخبار نیابته بالنسبة إلى الترافع إلیه، والأخذ بحکمه وفتاواه، وأمّا دفع الأموال إلیه فلم أقف له على دلیل لا عموماً ولا خصوصاً، وقیاسه على النوّاب الذین ینوبونهم... لا دلیل علیه(15).

 

قلت: دلیله ما عرفت من شمول عموم أدلة الولایة من قبله (علیه السلام) لمثله کما سیأتی إن شاء الله، مضافاً إلى أن جواز صرفه بنفسه یحتاج إلى دلیل، وإلاّ فاصالة الاشتغال کافیة فی المنع.

 

ولعلّ هذا هو مراد صاحب الریاض حیث قال أن الأوّل (مباشرة الفقیه) أوفق بالاُصول(16).

 

کما یظهر لک أن الجمع بین أدلّة الولایة (أعنی ولایة الفقیه عن الإمام (علیه السلام)) وأدلّة تولیته التصرّف فی مال الغائب کما ذکره فی المستند(17) أیضاً لا وجه له لما عرفت من الفرق الکثیر بین الولایتین فإن الأوّل ولایة عنه والثّانی ولایة علیه.

 

بقى هنا اُمور:

 

الأوّل: أنه على ما ذکرنا یمکن أن یقال لو قامت الحکومة الإسلامیة المطلقة السلطة کان الفقیه المتصدی لها أولى من غیره بحصة الإمام (علیه السلام)، لأن المفروض أن مصرف هذه الأموال فی الواقع هو إقامة هذاالأمر، وکذلک إذا کان الفقیه کافلاً للحوزات العلمیة کان أولى به من غیره، وکذا إذا کان کافلاً لغیر ذلک ممّا یهتم به الإمام (علیه السلام)من نشر الإسلام وعلومه فی اقطار الأرض عامة، وبلاد المسلمین خاصّة.

 

وبالجملة کلّ فقیه مبسوط الید أولى من غیره بمقدار بسط یده، بل قد یجب الدفع إلیه إذا احتاج إلیه احتیاجاً مبرماً مع کونه مبسوط الید فتدبّر جیّداً.

 

وممّا ذکرنا یظهر الحال فی الأوقاف العامّة، وإن الفقیه هو المتصرّف فیها عند فقد المتولی الخاصّ، بل له نصب المتولی للاوقاف التی لا متولی لها، أو جعل الناظر للمتولی إذا احتمل خیانته، لأن أدلّة الولایة تشملها، ولیست ملک الاوقاف أولى من الأخماس والزکوات التی عرفت حالها.

 

الثّانی: أنه قد عرفت عند نقل کلام شیخنا کاشف الغطاء (قدس سره) فی الفردوس الأعلى حکمه بوجوب دفع سهم الإمام (علیه السلام) إلى الأعلم، وأنه کما یجب تقلید الأعلم یجب دفع الخُمس إلیه، وکم فرق بینه وبین من قال بجواز صرفه فی المصارف الشرعیة ولو من دون الدفع إلى المجتهد.

 

وعلى کلّ حال فالظاهر أن دلیله هو الأخذ بالقدر المتیقن، ولکنّه کما ترى لعدم جواز الأخذ به بعد عموم أدلّة الولایة واطلاقاتها، ولو فی مثل هذه الاُمور، کما سیأتی وقیاسه على مسألة التقلید قیاس مع الفارق جدّاً، لقیام الدلیل على وجوب تقلید الأعلم ولو عند العلم التفصیلی أو الاجمالی بالاختلاف بینه وبین غیره فی موارد الابتلاء، لبناء العقلاء على ذلک قطعاً وهو المدار الأصلی فی مسألة التقلید، وقد امضاها الشرع بعدم ردعه، بل بالتصریح باعتباره بناء على دلالة مقبولة عمر ابن حنظلة علیه فی قوله «الحکم ما حکم به اعدلهما وافقههما...»(18) (وفیه کلام فی محله) والاخماس لیست کذلک قطعاً ومجرّد کون الأعلم أبصر من غیره، غیر کاف، مع أنه لو کان أبصر بحکمه فلیس أبصر بموضوعه کما لایخفى.

 

الثّالث: قد یرى بعض الفقهاء على مقلدیهم بایصال الأخماس إلیهم، فهل هذا مجرّد استدعاء منهم، أو یوجب لهم تکلیفاً إلهیاً فی ذلک ؟ الظاهر عدم الدلیل على ذلک، لأن هذا لیس على سبیل الفتوى، فإن الفتوى إنّما تشتمل على حکم کلّی لا شخصی جزئی کما هو ظاهر، وأمّا نفوذه من باب حکم الحاکم أیضاً محل تأمّل، لأن حکم الحاکم إنّما یتعلّق بمصالح الاُمّة، وکون ذلک دائماً مصلحة الاُمّة أول الکلام حتّى فی اعتقاده، ولازم ذلک أنه لو حکم أحد الفقهاء بدفع جمیع الأخماس إلیه وجب، وهو کما ترى.

 

نعم لو کان الفقیه مبسوط الید کان الأولى بل اللازم فی بعض الفروض الدفع إلیه لاسیّما إذا طلبه کما عرفت، وکذلک لو علم المقلّد بأن غیر مقلده یصرفه فیما لایوافق فتواه کماً أو کیفاً یشکل الدفع إلیه، لعدم براءة ذمّة المقلِّد (بالکسر)، طبقاً لفتوى مرجعه، اللّهم إلاّ أن یقال تبرأ ذمة المقلد بمجرد الدفع إلى أحد حکّام الشرع لأنه الولی من قبل الإمام (علیه السلام) ولا یهمه فیما یصرفه هذا الولی،والاحتیاط هنا کسائر المقامات سبیل النجاة، کما أن الأحوط للمجتهد الذی یدفع إلیه الخُمس أن یصرفه فی ما هو المتیقن المعلوم من مصارفه إذا کان المعطی غیر مقلد له، والله العالم.

 


(1) تذکرة الفقهاء: ج 1 ص 241.
(2) المهذّب البارع فی الفقه: ج 1 ص 175.
(3) جواهر الکلام: ج 15 ص 421.
(4) جواهرالکلام: ج 15 ص 419.
(5) العروة الوثقى: کتاب الزکاة الفصل 10 المسألة 3.
(6) الوسائل: ج 6 ب 14 من أبواب زکاة الانعام ح 1.
(7) جواهر الکلام: ج 16، ص 178.
(8) المعتبر فی شرح المختصر: ج 2، ص 641.
(9) مختلف الشیعة: ج 2 ص 37.
(10) الفردوس الأعلى: ص 55.
(11) المستمسک على العروة الوثقى: ج 9 ص 583.
(12) مسالک الأفهام: ج 1 ص 69.
(13) مستند الشیعة: ج 2 ص 87 .
(14) الحدائق الناضرة: ج 12 ص 437.
(15) الحدائق الناضرة: ج 12 ص 470.
(16) ریاض المسائل: ج 1 ص 301.
(17) مستند الشیعة: ج 2 ص 87 .
(18) الوسائل: ج 18 ب 9 من أبواب صفات القاضی ح 1.

 

المقام الأوّل: ولایته على القصّر والغیّبالمقام الثّالث من صلاحیات الفقیه: «إقامة الحدود الشرعیة»
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma