یعتبر التأمین فی الوقت الراهن مسألة مقبولة، معقولة ، مشروعة فی کل المجتمعات، وفلسفة التأمین هی حفظ الأشخاص والمؤسسات أو الشرکات الصغیرة والکبیرة من خطر التلاشی والاضمحلال حال تعرضها لبعض الحوادث، لأنّ الخسارة لو نزلت بشخص واحد أو شرکة واحدة فانّها قد تسبب له کارثة، أمّا لو قسّمت تلک الخسارة، أمکن تحملها.
فمثلا لو شبّ حریق فی بیت شخص، ولم یکن البیت مؤمّناً علیه فی شرکات التأمین، فانّ صاحب البیت سیتضرر کثیراً فیما إذاتحمل خسارة ذلک بمفرده، وقد یؤدی ذلک إلى افلاسه نهائیاً.
وکذا لو غرقت سفینة نفط، أو باخرة نقل، ولم تکن الشرکة المالکة للسفینة قد أمنّت علیها فی شرکات التأمین، فانه یُعرّض أن تتعرض تلک الشرکة للافلاس فیما لو تحملت تلک الخسارة بمفردها.
أمّا فی صورة التعاقد مع شرکة التأمین فی مثل هذه الموارد وغیرها، فانّ أصحاب تلک المنافع سیتمکنون أوّلا مواصلة نشاطهم باطمئنان. کما أنّ شرکات التأمین ستتحمل عنهم القسم الأعظم من الخسارة. ألا یعتبر هذا الأمر مقبولاً وعقلائیاً وعادلاً؟ هل یتنافى هذا الأمر مع الآیة الشریفة (ولا تزر وازرة وزر اُخرى)؟
والآن، لو فرضنا انّ حکومة من الحکومات أجبرت الناس الذین لا یعرفون فوائد التأمین وفلسفته، على إجراء عقود التأمین مع الشرکات المختصة، لتقف تلک الشرکات إلى جانبهم حال حدوث بعض الأحداث والکوارث، فهل یجوز ذلک؟
ومسألة ضمان العاقلة فی الواقع نوع تأمین، تأمین عائلی إلزامی من قبل الشارع الإسلامی المقدس، لأنّ قتل الخطأ المحض محتمل دائماً فی حق کل إنسان، ولما کانت دیة القتل تثقل کاهل الإنسان بمفرده، ولیس کل الناس بإمکانهم تحمل ذلک بسهولة، دعى الإسلام أقرباء القاتل فی هذه الموارد لاعانة صاحبهم بشرطین، الأوّل، أن یکونوا أقرباءه لأبیه، والثّانی: أن یکونوا رجالا، فأوجب علیهم تحمّل الدّیة.
ومن البدیهی أن هذه الحادثة التی أصابت بها هذا الشخص الیوم یمکن أن یبتلى بها غداًأحد أفراد العاقلة ـ الذی یتحمل الیوم قسطاً من الدّیّة ـ .
وعلیه فمسألة ضمان العاقلة تشبه مسألة التأمین، ولکنه تأمین عائلی، وهی أمر معقول.
