3 ـ ضمان الطبیب لما یتلف بطبابته

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
بحـوث فقهیة مهمّة
خامس: حکم القصاص فی الجنینحدود الضمان الثابت بالجنایة وشروطه

من المسائل التی لها صلة بالموضوع مسألة خطأ الطبیب فی التشخیص والعلاج. أمّا الموارد التی ذکرت فی منشأ الخطأ فمنها ما کان فی زمان التشریع وبعضها الآخر صار مستحدثاً فی زماننا، وهی عبارة عن:

 

أ ـ ما یتلف بسبب عدم کفاءته العلمیة ومع ذلک یتصدّى للطبابة.

 

ب ـ ما یتلف بتقصیر منه فی الفحص وعدم الدقّة فی الکشف عن حال المریض.

 

ج ـ ما یتلف بسبب ما لبعض الأدویة من العوارض والمضاعفات الجانبیة التی تعورف عند ذوی الاختصاص محظوریة استعمالها لمن مرضه یستدعی تناولها، وقد ورد فی الحدیث أنّه: «لیس من دواء إلاّ ویهیّج داء»(1)، ولذا ینبغی اجتناب تناول الأدویة مهما أمکن لما لها من الخلفیات الجانبیة المضرّة.

 

د ـ ما یتلف بسبب عدم استخدام الوسائل والأجهزة الحدیثة لتشخیص المرض، کأخذ الصور الفوتوغرافیة أو الأشرطة الدماغیة أو تحلیل الدم، واکتفاء الطبیب بالفحص العادی وعدم التوصیة بالأمر المذکور، ویعود السبب فی ذلک إمّا لعدم اهتمام الطبیب بهذه الاُمور، أو رأفة بحال المریض وتجنّب إرهاقه مالیاً، أو حرصاً على اختصار الوقت والتعجیل فی استکمال العلاج.

 

هـ ـ التلف بسبب إستعمال المریض الأدویة الرخیصة; لعدم التوصیة بالإستعمال من الأدویة الممتازة ذات الکلفة الباهضة لتجنّب تعرض المریض لضغط مالی .

و ـ التلف الحاصل بسبب إهمال الممرّض، فإنّ التمریض یکون أحیاناً أکثر أهمیّة من العلاج، سیّما بعد إجراء العملیات الجراحیة المهمّة مثل عملیات القلب والکلیة.

 

ز ـ ما یحل بسبب اجتماع أکثر من مرض فی المریض. وقد تستدعی معالجة أحدهما الإضرار بالآخر، ممّا یقتضی التوسّل بطرق وأسالیب تفید الأوّل ولا تضرّ بالثانی. وکذا ما یحدث بسبب عدم توصیة المریض بما لابدّ له من الامتناع عنه واجتنابه وأشباه ذلک.

 

بعد هذه المقدّمة لابدّ لنا من تنقیح أصل مسألة ضمان الطبیب وعدمه بنحو کلّی وبیان قواعدها واُصولها لترجع الفروع المتعلّقة بها إلى تلک الاُصول.

 

فنقول: قد ذکر الفقهاء هذه المسألة فی کتابی الدیات والإجارة لمناسبتها للمقامین، فعن المحقّق فی الشرائع أنّه قال:

 

«الطبیب یضمن ما یتلف بعلاجه إن کان قاصراً أو عالج طفلاً أو مجنوناً لا بإذن الولی أو بالغاً لم یأذن. ولو کان الطبیب عارفاً وأذن له المریض فی العلاج فآل إلى التلف، قیل: لا یضمن لأنّ الضمان یسقط بالإذن، لأنّه فعل سائغ شرعاً، وقیل: یضمن لمباشرته الاتلاف، وهو أشبه»(2). ثمّ تعرّض لمسألة الابراء التی ستأتی الإشارة إلیها إن شاء الله تعالى.

 

ویظهر من کلماتهم أنّ القول الثانی هو المشهور بینهم، بل یظهر من المصنّف فی النکت اتّفاق الأصحاب علیه، وعن الغنیة دعوى الإجماع على الضمان، والقول الأوّل محکیّ عن ابن إدریس وهو شاذّ.

 

ویظهر من بعض کلمات العامّة القول الأوّل، بل لعلّه المشهور بینهم لعدم ذکر مخالف فیه.

 

قال ابن قدامة: «ولا ضمان على حجّام، ولا ختّان، ولا متطبّب إذا عرف منهم حذق الصنعة ولم تجنِ أیدیهم، وجملته أنّ هؤلاء إذا فعلوا ما اُمروا به لم یضمنوا بشرطین:

 

أحدهم: أن یکونوا ذوی حذق فی صناعتهم ولهم بها بصارة ومعرفة.

 

الثانی: أن لا تجنی أیدیهم فیتجاوزوا ما ینبغی أن یقطع»(3).

 

ومثله من بعض الجهات ما ذکره فی موضع آخر منه(4).

 

وقال شیخ الطائفة(قدس سره): «الختّان والبیطار والحجّام یضمنون ما یجنون بأفعالهم، ولم أجد أحداً من الفقهاء ضمّنهم، بل حکى المزنی: أنّ أحداً لا یضمّنهم، دلیلنا إجماع الفرقة»(5).

 

والظاهر عدم الفرق بین الختّان والبیطار والطبیب من هذه الجهة; لاتّحاد الدلیل فی البابین.

 

وقد حکی عن الحنفیة والمالکیة: أنّ الطبیب لا یضمن إذا قام بواجبه واحتاط ولم یتجاوز الحدّ. وعن الحنابلة: وکذا لا یضمنالطبیب المعروف بالحذق إذا لم یخطىء فی عمله(6).

 

ویظهر ممّا ذکرنا من کلام المحقّق وغیره أنّ عمل الطبیب على أقسام:

 

1 ـ قد یکون مقروناً بالحذق والإذن.

2 ـ قد لایکون مقروناً بالحذق والإذن.

3 ـ قد یکون الطبیب حاذقاً ولیس بمأذون.

 

4 ـ قد یکون مأذوناً ولم یکن حاذقاً.

 

أمّا الصور الثلاثة الأخیرة فممّا لا ینبغی الإشکال فی ضمان الطبیب فیها لا سیّما مع فقدان الوصفین المذکورین، إنّما الکلام فی الصورة الاُولى. وقد فصّل السیّد الإمام الخمینی (قدس سره) فی تحریر الوسیلة تفصیلاً آخر وافقه علیه عدّة ممّن تقدّم علیه أو تأخّر عنه، وهو ما أفاده فی کتاب الإجارة، حیث قال: «الطبیب ضامن إذا باشر بنفسه العلاج بل لا یبعد الضمان فی التطبیب على النحو المتعارف وإن لم یباشر. نعم إذا وصف الدواء الفلانی وقال: إنّه نافع للمرض الفلانی، أو قال: إن دواءک کذا من دون أن یأمره بشربه فالأقوى عدم الضمان»(7)، وله فی موضع من کتاب الدیات نظیر هذا التفصیل.

 

إذا عرفت ذلک نعود إلى أدلّة المسألة ونبحث عن مقتضى القاعدة أوّلاً، ومن ثمّ نبحث ثانیاً الأدلّة الخاصّة فی المقام.

 

أمّا مقتضى القاعدة فی الصور الثلاث الأخیرة فالظاهر فیها هو الضمان; لما ذکرنا فی التفصیل الأوّل من تفریطه مع عدم الحذق وحرمة تصرّفه مع عدم الإذن. فعلیه ضمان کلّ ما أتلفه وکلّ خسارة نشأت من فعله; لقاعدة الإتلاف.

 

وأمّا الصورة الرابعة: فإن قلنا بأنّ الإذن فی الشیء إذن فی لوازمه، وأنّ ما حصل من الخسائر البدنیة والمالیة کلّها من اللوازم القهریة فی أمر الطبابة، مع تحقّق الإذن، حینئذ لا یبقى مجال للقول بالضمان أو إجراء قاعدة الإتلاف.

 

وأمّا إن قلنا بأنّه مأذون فی العلاج وشفاء المریض من الآلام والأمراض لا غیر، فهولم یأذن بقتله ونقص عضوه مثلاً وشبه ذلک،فاللازم حینئذ الحکم بضمانه،لما عرفت.

 

ولکن الانصاف أنّ المریض لو علم بالملازمة العرفیة ـ ملازمة العلاج لطرؤ بعض العوارض أحیاناً ـ کان الإذن منه فی ذلک إذناً فی لوازمه، لعدم إمکان انفکاکهما، فهل یمکن أن یأذن المریض بالعملیة الجراحیة مثلاً من دون أن یتحمّل تبعاتها ومخلّفاتها فی الآلام الحاصلة بعدها أو الآثار التی تبقى منها فی البدن أحیاناً !

 

نعم، یمکن أن یقال: إنّ غفلة کثیر من الناس عن تلک الملازمة الخارجیة فی هذا المجال یمنع عن مثل هذا الاستدلال، هذا فیما یتعلّق بالتفصیل الأوّل.

 

هذا، وأنّه بالاستناد إلى إذن الشارع المقدس بالطبابة وأنّها عمل سائغ، لایمکن القول بعدم ترتّب ضمان علیه، فکم من عمل سائغ أذِن الشارع فیه، ولکن ترتّب علیه الضمان کقضاء القاضی المعرّض للخطأ، فإنّه مضمون من بیت المال إن لم یکن مضموناً علیه. ومثله مثل جمیع موارد الجنایات الخطأ أو شبه العمد. فهی غیر محرّمة مع ما فیها من الدیة، فتأمّل.

 

وأمّا التفصیل الثانی: وهو التفرقة بین صورة مباشرة الطبیب أو عدم مباشرته مع التطبیب على النحو المتعارف بأن یأمر المریض بشرب ذاک الدواء وذاک بنحو خاصّ، وبین مجرّد توصیفه من دون مباشرته وأمره. فالضمان فی الأوّلین دون الأخیر. والوجه فیه هو صحّة إسناد التلف إلى الطبیب فی الأوّلین ـ أمّا الأوّل فهو واضح، وأمّا الثانی فلقوة السبب على المباشر ـ دون الأخیر; لأنّ الإسناد فیه إلى المکلّف ـ المریض ـ نفسه.

 

هذا، ولکن ما یجنیه الطبیب بیده بالتجاوز عن الحدّ اللازم فی الختان وفی العملیات الجراحیة، فهو أمر مضمون على کلّ حال لعدم الملازمة العرفیة، بخلاف بعض عوارض الأدویة ممّا لا یمکن الاجتناب عنه عادة.

 

ویمکن الاستدلال لعدم الضمان بقوله تعالى: (مَا عَلَى الْمـُحْسِنِینَ مِن سَبِیل)(8)، بتقریب: أنّ عمل الطبیب مصداق ظاهر للإحسان، سیّما مع عدم أخذ الطبیب الأجر على عمله، والضمان سبیل، ولذا قد ورد فی الحدیث عن السکونی عن جعفر عن أبیه (علیهما السلام): أنّ رجلاً شرد له بعیران فأخذهما رجل فقرنهما فی حبل فاختنق أحدهما ومات، فرفع ذلک إلى علیّ (علیه السلام) فلم یضمّنه، وقال: «إنّما أراد الاصلاح»(9).

 

وقد یناقش: بأنّه لا سبیل إلى المحسن فی إحسانه، والمفروض أنّه أخطأ فی إحسانه ولم یحسن بل أراد الإحسان، مضافاً إلى أنّ نفی السبیل ظاهر فی نفی العقوبة وشبهها وأمّا ضمان الإتلاف فهو أمر آخر، فتأمّل.

 

وأمّا الروایة المتقدّمة: فهی غیر ناظرة إلى حدوث الموت بسبب تفریط الآخذ; لأنّ الموت حدث بسبب حرکة الإبل لا بسبب فعل الآخذ لها.

 

ثمّ إنّ الأدلّة الخاصّة فی المسألة جملة من الروایات، وهی:

 

1 ـ ما ورد فی باب مطلق الأجیر مثل صحیحة الحلبی، عن أبی عبدالله (علیه السلام)، قال: سئل عن القصّار یُفسد، فقال: «کلّ أجیر یُعطى الاُجرة على أن یُصلح فیُفسد، فهو ضامن»(10).

 

عن أبی الصباح، قال: سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن القصّار هل علیه ضمان فقال: «نعم، کلّ من یُعطى الأجر لیصلح فیُفسد، فهو ضامن»(11)، ومثله غیرهما.

 

وتقریب الاستدلال، أن یقال: إنّ هذه الأحادیث عامّة وشاملة للطبیب والبیطار والختّان وجمیع أرباب التخصّص.

 

ولکن الانصاف أنّها ناظرة إلى صورة التعدّی والتفریط ولو من باب الخطأ وشبهه لا عن عمد کخرق القمیص ببعض ما فی یده، أمّا لو عمل بما هو وظیفته من دون أی نقص فی عمله، ولکن حصل الفساد من جانب عیب فی الثوب مثلاً کما لو غسله عدّة مرّات فانخرق ـ کما هو حال الثیاب ـ فالتفریط لم یکن من جهة الخیّاط والقصّار.

وکذا الحال فی الطبیب، فإنّه لو أثّر الدواء فی المریض أثراً بسبب بعض الحالات النادرة کالحساسیّة التی لا تنکشف بالاختبار أو بعض الأمراض الکامنة التی لا أثر لها ظاهراً ولم یکن یعلم بها الطبیب والمریض فأضرّ به الدواء لبعض هذه الاُمور ومات أو حصلت فی بدنه عاهة أو نقص لم یکن الطبیب ـ بمقتضى هذه الروایات ـ ضامناً.

 

2 ـ ما دلّ على خصوص الطبیب وذکر حکمه، مثل ما رواه السکونی عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال: «قال أمیرالمؤمنین (علیه السلام): من تطبّب أو تبیطر فلیأخذ البراءة من ولیّه، وإلاّ فهو له ضامن»(12).

 

وفی معناه ما فی المستدرک عن الجعفریات عن علیّ (علیه السلام)(13).

 

وأخذ البراءة من الولی ناظر إلى ما إذا کان المریض صغیراً أو کان بحدّ لایقدر أن ینظر فی مصالحه ومفاسده.

 

وقد یتوهّم أن أخذ البراءة من قبیل الاسقاط ما لم یجب وهو مخالف للقواعد، ویدفعه أنّ ذلک جائز إذا حضر المقتضی له، مثل الاسقاط حقّ القسم فی عقد النکاحأو إسقاط کافّة الخیارات فی العقد، مع أنّها لم تجب بعد، لاسیّما بعضها الذی لا یتحقّق إلاّ بعد مضی مدّة من العقد کخیار التأخیر أو خیار الغبن بناءً على أنّه لا یکون إلاّ بعد ظهور الغبن وکذا خیار العیب.

 

ودلالة الحدیث على الضمان لولا البراءة ظاهرة، فلا یتوجّه إلیه الإشکال إلاّ من ناحیة السند; فإنّ العلم بروایات السکونی فیما تفرّد به مشکل على ما بیّناه فی محلّه، اللّهمّ إلاّ أن یقال بانجبار ضعف السند فیه بعمل المشهور. ولکن یحتمل استنادهم إلى العمل بمقتضى القاعدة القاضیة بالضمان، أو إلى العمل بما مرّ من روایات الأجیر، فتدبّر جیّداً.

 

فتحصّل من جمیع ما ذکرن: أنّ الضمان فی الجملة هو مقتضى القاعدة والروایات العامّة والخاصّة.

 


(1) الوسائل: ج 2 ص 629 ب 4 استحباب ترک المداواة ح 1.
(2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 248.
(3) المغنی: ج 6 ص 120 کتاب الإجارة.
(4) المصدر السابق: ج 10 ص 344.
(5) الخلاف: ج 3 ص 503، المسألة 26 کتاب الإجارة.
(6) الفقه على المذاهب الأربعة: ج 3 ص 146 ـ 153.
(7) انظر تحریر الوسیلة: ج 2 ص 505 المسألة 4 بتصرّف.
(8) التوبة: 91.
(9) الوسائل: ج 19 ص 206 ب 35 من موجبات الضمان ح 1.
(10) المصدر السابق: ج 13 ص 271 ب 29 من أحکام الإجارة ح 1
(11) المصدر السابق: ص 274 ح 13.
(12) الوسائل: ج 19 ص 194 ب 24 من موجبات الضمان ح 1.
(13) مستدرک الوسائل: ج 18 ص 324 ب 19 من موجبات الضمان ح 1.

 

خامس: حکم القصاص فی الجنینحدود الضمان الثابت بالجنایة وشروطه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma