أدلّة المانعین عن حجیّة علم القاضی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
بحـوث فقهیة مهمّة
نتیجة الکلامبقی هنا مسائل

قد ظهر ممّا ذکرنا أثناء البحث السابق کثیرٌ من أدلّتهم:

1 ـ منهم: قوله (صلى الله علیه وآله):

 

إنّما أقضی بینکم بالبیّنات والإیمان(1).

وما أشبه ذلک، فطریق القضاء منحصرٌ فی هذین ولیس علم القاضی منهما.

2 ـ ومنه: قوله (علیه السلام):

أحکام المسلمین على ثلاثة: شهادةٌ عادلةٌ أو یمینٌ قاطعةٌ أو سنّةٌ ماضیةٌ...(2).

والعلم لیس من هذه الثلاثة، إلى غیر ذلک من أمثاله.

ویمکن الجواب عنهما بأنّهما من قبیل العامّ وکلّ عامّ یقبل التخصیص، ولا مانع فی أن یقال: إنّما أقضی بینکم بالبیّنات والإیمان وکذا بما ثبت لی من طریق الحسّ أو ما یقارب الحسّ.

نعم، لابدّ من قیام الدلیل على التخصیص، وقد عرفت قیامه على ذلک.

3 ـ ومنه: ما ذکرنا من المؤیّدات التی قد تجعل جملتها دلیلاً، من کون العمل به موجباً للتهمة وسوء الظنّ، وغیر ذلک من المفاسد.

وقد عرفت الجواب عنها وأنّ ذلک إنّما یتصور فی خصوص ما حصل من المبادئ الحدسیّة النظریة، فإنّها الموجبة للفساد واتّهام القاضی دون الحسّیة أو ما قارب الحسّ، فإنّهما مقبولان عند جمیع الناس کالقضایا المحکیة عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام).

4 ـ ومنه: ما استدلّ به أیضاً من اُمور ضعیفة واهیة، مثل أنّ عمل القاضی بعلمه تزکیةٌ لنفسه وهی قبیحةٌ ! أو أنّ بناء الحدود على المسامحة والدرء ومع حجّیة علم القاضی یتّسع نطاقها. وما أشبه ذلک ممّا لا حاجة إلى ذکره الجواب عنه لوضوح فساده.

5 ـ بعض الأحادیث الواردة فی الباب مثل ما یلی:

أ ـ ما رواه البیهقی فی سننه عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی قضیة الملاعنة: لو کنت راجماً من غیر بیّنة لرجمتها(3).

 

وقد ذکرها فی مفتاح الکرامة فی أدلّة المانعین أیضاً(4).

ولکن الإنصاف أنّ القضیّة مبهمةٌ. والذی یشهد بعض القرائن به أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) علم من بعض القرائن أنّ هذه المرأة کانت کاذبةً فی دعواها «عدم الفجور»، ولاسیّما مع قول ابن عباس فی ذیله:

«تلک المرأة التی أعلنت السوء فی الإسلام» فقد کانت منحرفةً معروفةً مشهورةً، وأتت بولد من غیر زوجها وشهدت بعض القرائن الأُخرى بفجورها. فمن جمیع ذلک حصل له (صلى الله علیه وآله) العلم بذلک، فتکلّم (صلى الله علیه وآله) بهذه المقالة.

وجه الاستدلال بها أنّها تدلّ على حصر طریق ثبوت الرجم بالبیّنة فلا یکفی العلم مطلقاً.

ویمکن الجواب عنه ـ مضافاً إلى ضعف سنده لعدم نقله من طرق موثّقة عندنا ـ أنّه لا مانع من الإلتزام بمضمونه وهو عدم کفایة العلم فی باب الرجم. إمّا لأنّه کان من العلم الحاصل من المبادئ الحدسیّة، لظهور قول ابن عباس فی ذلک، وإمّا لأنّ مطلق العلم ـ ولو حصل من المبادئ الحسیّة ـ غیر حجّة فی خصوص باب الرجم، فلا یجوز الرجم إلاّ بالشهود الأربعة أو الإقاریر الأربعة. فلو رأى القاضی رجلاً أو امرأةً تزنی فلا یجوز له الرجم أو الجلد، ففی الواقع باب الزنا ـ أو خصوص الرجم ـ مستثنى من مسألة حجّیة علم القاضی لمصالح رآها الشارع المقدّس.

والذی یؤید ذلک، أنّه کثیراً ما یحصل من الإقرار ـ ولو مرّةً واحدةً ـ العلم بارتکابها أو ارتکابه للفجور وأنّ صاحب الإقرار صادقٌ فی مقالته. ومع ذلک لایجوز إجراء الحدّ دون الأربع.

وأیّ إنسان لایحصل له العلم من قول المرأة: طهّرنی یا أمیرالمؤمنین ! فقال له: ممّا أطهّرک ؟

فقالت: إنّی زنیت، فقال: لها ذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت أم غیر ذلک ؟ قالت: بل ذات بعل، إلى آخر ما ورد فی الروایة(5) من عودها بعد وضع حملها وإصرارها على تطهیرها من أمر الزنا، وبکائها من تأخیر هذا الأمر مع سلامة عقلها وصحّة فکرها.

ولاینبغی الریب فی حصول العلم غالباً فی مثل هذه الموارد، ولکنّ الشارع المقدّس لم یعتبر هذا العلم وأطلق وجوب الإقرارات الأربعة. فمن إطلاق هذه الروایات یستفاد عدم الاعتناء بعلم القاضی فی خصوص هذا المورد، فهو استثناءٌ من حجّیة العلم، لمصلحة الستر وغیره.

اللّهمّ إلاّ أن یقال: إنّ عدم حجّیة العلم هنا مقصورٌ على العلم الحاصل من الإقرار أو من البیّنة دون أربع لا مطلقاً، فتأمّل.

ب ـ ما رواه العامّة فی حدیث أمّ سلمة، قالت: قال (صلى الله علیه وآله):

فأقضی نحو ما أسمع(6).

ومفهومه عدم قضائه بالعلم الحاصل من طرق مختلفة، بل من سماع الإقرار أو سماع شهادة الشهود.

والجواب عنه ـ مضافاً إلى الکلام فی سنده ـ ما عرفت سابقاً فی أمثاله من أنّه عامٌّ قابلٌ للتخصیص بأدلّة حجّیة العلم.

ج ـ ما رواه الشیخ (قدس سره) فی المبسوط مرسل:

وقد روی أنّه لیس له أن یحکم بعلمه لما فیه من التهمة(7).

وفیه مع الإشکال فی سنده بالإرسال، أنّه ظاهرٌ فی نفی القسم الثّالث من العلم، وهو الحاصل من المبادئ الحسیّة التی تختلف فیها الآراء والأنظار، فإنّه هو الذی یوجب الاتّهام. وأمّا فی موارد الحسّ أو ما یقرب منه فهو قلیلٌ جدّاً وبعیدٌ عن الاتّهام.

وفی ختام هذا البحث، نذکر استدلال بعضهم بکلام ابن الجنید وحاصله على ما حکاه السیّد فی الانتصار:

وجدت الله قد أوجب للمؤمنین فیما بینهم حقوقاً أبطلها فیما بینهم وبین الکفّار والمرتدین کالمواریث والمناکحة وأکل الذبائح ووجدنا قد اطّلع رسول الله (صلى الله علیه وآله)على من کان یبطن الکفر ویظهر الإسلام فکان یعلمهم ولم یبیّن أحوالهم لجمیع المؤمنین فیمتنعون عن مناکحتهم وأکل ذبائحهم(8).

فهذا دلیلٌ على عدم حجّیة علم القاضی.

وأجاب عنه السیّد المرتضى فی الانتصار بعد نقل مقالته بما حاصله:

إنّا لا نسلّم أنّ الله تعالى أطّلع نبیّه على أحوال الکفّار والمنافقین وإن استدلّ بقوله تعالى (ولو نشآء لأریناکهم فلعرفتهم...)(9).

فالجواب عنه أنّه إنّما یدلّ على قدرة الله تعالى على ذلک لا على وقوعه !

ثمّ أجاب ثانیاً بأنّه:

لا مانع من أن یکون حکم تحریم المناکحة والموارثة وشبهها مقصوراً على من أظهر کفره دون من أبطنه.

أقول: أمّا الأوّل فهو مبنیٌّ على کون علم النبیّ والأوصیاء (علیهم السلام) بخفایا الاُمور من قبیل العلم الإرادی (فلو شاؤوا علموا) لا أنّه من قبیل العلم الفعلی، وفی هذا کلامٌ فى محلّه، لیس هنا موضع بحثه.

 

والثانی مبنیٌّ على کون موضوع الحکم خصوص من أظهر الکفر، وهو مخالفٌ لظاهر الإطلاقات الدالّة على إناطة الحکم بالکفر والإیمان الواقعیین، الظاهرة فی عدم دخالة العلم والجهل والظهور والتبطن فیها، فتأمّل.

والأولى فی الجواب أن یقال:

أوّل: هذا مبنیٌّ على کون العلم الحاصل من مصادر الغیب ملاکاً للأحکام، وهو غیر ثابت بل الثابت خلافه. فلو علم الإنسان من الطرق العادیة بأنّ هذا الرجل کافرٌ أو فاسقٌ أو هذا الطعام حرامٌ أو نجسٌ، یجری علیه أحکامه. أمّا لو حصل هذا العلم له من مصادر الغیب فلا یجری علیه أحکامه.

وبعبارة اُخرى مدار التکلیف إنّما هو على العلم الحاصل من الأسباب العادیة، لا من طریق علم الغیب بتعلیم إلهیٍّ وشبهه. فلو علم النبی (صلى الله علیه وآله) أو الإمام (علیه السلام) من هذا الطریق بکفر أبی سفیان مثلاً أو فسق فلان، أو قتل فلان بید فلان لایترتّب علیه أحکامه، وإلاّ لم یستقر حجرٌ على حجر; لعلمهم بجملة من الغیوب لو لم نقل بکلّها ـ بإذن الله تبارک وتعالى.

وبهذا نجیب على الإشکال المعروف بأنّ علیّاً (علیه السلام) کان یعلم أنّه لو ذهب إلى المسجد لضربه ابن ملجم، أو أنّ الحسن (علیه السلام) کان یعلم أنّ ماء الکوز مخلوطٌ بالسمّ، إلى غیر ذلک من أشباهه ـ مع ما ورد فی الأخبار عن علمهم (علیهم السلام) بکثیر من قبیل هذه الاُمور(10).

فنقول: حرمة إلقاء النفس فی التهلکة إنّما هی فیما علم من الطرق العادیة، أمّا إذا علم من طریق علم الغیب فهو خارجٌ عن مدار التکالیف.

وثانیاً لو سلّمنا فلا دخل لذلک بمسألة علم القاضی لأنّ العلم بأحوال الکفّار والمنافقین خارجٌ عن بحث القضاء، ولایمکن أن یقاس أحدهما بالآخر.

وثالثاً لو سلّمنا فلعلّ عدم حجّیة العلم فی هذه الموارد لما فیه من الحرج الشدید والعسر الأکید، فلم یره الشارع المقدّس حجّةً ولایوجب ذلک التعدّی إلى جمیع موارد وأقسام علم القاضی.

وبالجملة المسألة أوضح من أن یستدلّ لها بهذه الاُمور.

فظهر من جمیع ما ذکرنا بعون الله تعالى وتأییده أنّ الحقّ فی المسألة التفصیل بین أقسام العلم وأنّ علم القاضی حجّةٌ فی بعض الموارد دون بعض، فهو حجّةٌ فی خصوص ما یکون مستنداً إلى الحسّ أو ما یقرب منه، دون ما إذا حصل من أسباب حدسیة.

وقد عثرت على کلام للفقیه الماهر صاحب الجواهر (قدس سره) کأنّه یشیر إشارةً لطیفةً وجیزةً إلى التفصیل الذی اخترناه فی المسألة، قال:

ثمّ إنّ الظاهر إرادة الأعم من الیقین والاعتقاد القاطع ولو من تکثیر أمارات من العلم، لکون الجمیع من الحکم بالحقّ والعدل والقسط عنده ولغیر ذلک ممّا سمعته من أدلّة المسألة. وإن کان هذا الفرد من العلم ممّا یمکن فیه البحث نحو ما ذکروه فی الشاهد ولیت المانع اقتصر علیه(11).

ومراده من الاعتقاد القاطع هو ما دون الیقین الحسّی من العلم النظری الحاصل من تراکم الظنون وشبهها المنتهی إلى العلم، والذی اخترناه عدم الدلیل على حجّیته، وإنّ ما أفاده غیر کاف لإثباته. وقوله: «لیت المانع اقتصر علیه» إشارةٌ إلى أنّه لو کان المانع عن حجّیة علم القاضی یقتصر على نفی حجّیة العلم الحاصل من المبادئ النظریة الحدسیّة لکان لقوله وجهٌ یعتدّ به، ولکنّه أنکر حجّیة جمیع أنحائه فوقع فی الخطأ، وکلامه موافق إجمالاً لما اخترناه فی المقام.


(1) الوسائل: ج 18 ب 2 من أبواب کیفیة الحکم ح .
(2) الوسائل: ج 18 ب 1 من أبواب کیفیة الحکم ح 6.
(3) سنن البیهقی: ج 7 ص 407.
(4) مفتاح الکرامة: ج 10 ص 37. ورواها فی المسالک أیض: ج 2 ص 359.
(5) الوسائل: ج 18 ب 16 من أبواب حدّ الزنا ح 1.
(6) صحیح البخاری: کتاب الأحکام ج 9 ص 86 ، باب موعظة الإمام للخصوم.
(7) المبسوط: کتاب القضاء ج 8 ص 166.
(8) أشار إلیه فی الجواهر: ج 40 ص 87 .
(9) محمّد: 30.
(10) أضف إلى ذلک أنّ مسألة علم الإمام الحسین الشهید(علیه السلام) بکثیر من قضایا کربلاء أو جمیعها هی مسألة اُخرى; لأنّه لو کان یعلم ذلک من الطرق العادیة أیضاً، وجب علیه الذهاب إلیه وتضحیة نفسه الشریفة لما هو أهمّ کحفظ الإسلام ونجاته من أیدی بنی أُمیّة، کما فی سائر موارد الجهاد الواجبة.
(11) جواهر الکلام: ج 40 ص 92.

 

نتیجة الکلامبقی هنا مسائل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma