إنّ حکم دیّة المرأة وإن لم یرد فی القرآن الکریم ذکر بخصوصها، إلاّ انّ الروایات الإسلامیة ـ سواء فی مصادر أهل السنّة، أو الرّوایات الواردة عن أهل البیت (علیهم السلام) ـ عالجت هذا الموضوع بشکل واضح وموسّع، وقد تجاوز عدد الرّوایات حول هذه المسألة الثّلاثین، وعلیه فالرّوایات متواترة فی هذه المسألة.
وإلیک عدّة نماذج من تلک الرّوایات:
1 ـ روى عمرو بن حزم عن النّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله):
«دیّة المرأة على النّصف من دیّة الرّجل»(1).
2 ـ وقال معاذ بن جبل بعد أن روى الرّوایة السّابقة عن النّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله): وهذه المسألة مورد قبول کل المسلمین، وقد روی ذلک عن علی (علیه السلام) وعن ابن عباس وزید بن ثابت ولم یخالف فی ذلک أحد(2).
3 ـ یقول عبدالله بن مسکان فی روایة معتبرة(3) عن الإمام الصادق (علیه السلام) قال: «دیّة المرأة نصف دیّة الرّجل»(4).
4 ـ یقول عبدالله بن سنان ـ وهو من کبار رواة الشّیعة ـ : سمعت أبا عبدالله (علیه السلام)یقول فی رجل قتل امرأته متعمداً فقال: «إن شاء أهلها أن یقتلوه ویؤدوا إلى أهله نصف الدیّة، وإن شاؤوا أخذوا نصف الدیّة خمسة آلاف درهم»(5).
وهذه الرّوایة أیضاً صریحة فی أنّ دیّة المرأة نصف دیّة الرّجل.
سؤال: إنّ حکم قتل العمد هو القصاص، ولکن لأولیاء الدّم أن یوفقوا مع القاتل على دیّة معلومة مقدارها، وعلیه فالدّیة هی ما وافقوا علیه سواءً کانت بمقدار الدیّة الکاملة (1000 دینار) أو أقل أو أکثر فی حین أننا نجد بأن الإمام (علیه السلام) ـ کما فی الرّوایة السّابقة ـ ذکر أنّ الدیّة هی (1000 دینار) وهی الدّیة الکاملة، وعلیه فالاستدلال بالرّوایة مشکل ؟
الجواب: هذا الکلام صحیح، ولکن لما کان الغالب فی حالات المصالحة والتوافق بین الطّرفین هو الاتفاق على الدّیة الکاملة، ذکرت الدّیة الکاملة فی هذه الرّوایة أیضاً، وعلیه فالرّوایة ناظرة إلى هذا الامر لا أنها فی مقام بیان قاعدة کلیة جاریة فی کلّ صور المصالحة وجمیع وأنّه لابدّ من دفع دیّة کاملة.
فلا إشکال فی الإستدلال بها حینئذ.
5 ـ روى محمّد بن قیس عن الإمام الباقر (علیه السلام) فی رجل قتل امرأةً قال: «إن شاء أولیاؤها قتلوه وغرموا خمسة آلاف درهم لأولیاء المقتول، وإن شاؤوا أخذوا خمسة آلاف(6) درهم من القاتل»(7).
6 ـ وروى أبو بصیر قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الجراحات فقال: «جراحة المرأة مثل جراحة الرّجل حتى تبلغ ثلث الدّیة فإذا بلغت ثلث الدّیة سواء، أضعفت جراحة الرّجل ضعفین على جراحة المرأة»(8).
هذه الرّوایة أیضاً تدل على أنّ دیة المرأة نصف دیة الرّجل.
سؤال: هذه الرّوایة تتحدّث عن دیة الجراحات ولا ربط لها بدیة القتل.
الجواب: صحیح أنّ الرّوایة لیست صریحة فی دیة القتل، ولکن لمّا لم یستثن الإمام (علیه السلام) مسألة القتل من هذا القانون الکلّی (وهو تساوی الرّجل والمرأة إلى الثلث وتضاعف دیة الرّجل بعد ذلک) یُعلم أنّ القتل أیضاً مشمول لهذا القانون الکلّی.وهناک روایات اُخرى یصل عددها إلى أکثر من ثلاثین روایة(9).والنتیجة هی أنّ الروایات (سنیة وشیعیة) تدل على أنّ دیة المرأة نصف دیة الرّجل.