لابدّ من الالتفات إلى أنّ ضمان العاقلة لا یجری فی کل الموارد والحالات، وإنّما تضمن العاقلة دیة قتل الخطأ المحض فقط (وقد بیّنا سابقاً توضیح معنى قتل الخطأ)، والنقطة الاُخرى التی لابدّ من التذکیر علیها، هی أنّ ضمان العاقلة إنّما یجری فیما لو ثبتت الجنایة بالبیّنة الشرعیة لا بالاقرار، إذ من الممکن أن یتآمر شخص مع قاتل ما، بأن یأخذ الأول مسؤولیة القتل على عاتقه لیجبر عاقلته على دفع الدّیة على أن یعطیه الثانی مبلغاً من المال! فالإقرار لا یکفی لاثبات هذا الحکم. کما إنّ علم القاضی بالقتل لا یکفی لإثبات الدّیة على العاقلة، بل لابدّ من أن تثبت الجنایة بالبیّنة الشرعیة.
والنقطة الثالثة، هی انّ العاقلة إنّما تضمن الدّیة فیما لو کانت مستطیعة وقادرة على دفعها، وعلیه فالحکم بالدّیة هنا لیس تکلیفاً شاقاً لا یطاق.
والنقطة الرابعة، هی أنّ الدّیة تقسّم على الأفراد جمیعاً، بحیث یکون سهم الواحد منهم أحیاناً دیناراً واحداً فقط. والحاصل، هو أنّ ضمان العاقلة إنّما یتم ویجری فی حدود معینة وله ضوابط محددة، ولیس حکماً مطلقاً فی کل الموارد والحالات، وفلسفة ضمان العاقلة واضحة فی تلک الحدود.
وینبغی الالتفات هنا إلى نقطة اُخرى، وهی أنه لو فرض أنّ شرکة تأمین معینة، أو جهة ضامنة عامة تکفلّت بدفع دیة قتل الخطأ فی بعض الموارد أو کلّها، سقطت الدّیة عن العاقلة، وهذا طریق میسور لمن یرید التخلص فی عصرنا الحاضر من دیة العاقلة.
