أحد الأحکام الإسلامیة المطروحة فی مبحث الدیّات هو جزاء عقوبة قتل الإنسان البری.
والقتل فی الإسلام على ثلاثة أقسام: قتل العمد، شبه العمد، الخطأ المحض، فان قتل شخص شخصاً آخر متعمداً ـ أی ضربه بآلة قاتلة غالباً، أو ضربه بقصد قتله وإن لم تکن بآلة غیر قاتلة ـ فعقابه القصاص ولأولیاء القتیل الاقتصاص منه.
وإذا کان القتل شبه عمد ـ أی ضربه باداة لیست قاتلة غالباً وبدون قصد الاماتة، فمات المضروب إتفاقاً، فهنا یلزم القاتل بدفع دیة المقتول من ماله الخاص.
وإذا کان القتل خطأ محضاً ـ أی انّ القاتل لم یقصد القتل بل ولم یستهدف المقتول وإنما استهدف شیئاً آخر فأصاب المقتول إتفاقاً فقتله کما لو استهدف طیراً فی الهواء فأصاب رجلا فقتله ـ فحکمه الدّیة ولکن الدّیة، هنا تؤخذ من مال عاقلة القاتل(1)أی انّ الدّیة توزّع على أقرباء القاتل الرجال من أبیه بحسب مکنتهم، فیدفعون الدّیة بأنفسهم إلى أولیاء الدّم، أو یتدخل الحاکم الشرعی فی ذلک إذا ما اختلف أولیاء الدّم مع عاقلة القاتل.
ولقد استشکل بعض فی هذا الحکم الإسلامی، وانه لماذا یجب على العاقلة تحمل مسؤولیة ذنب ارتکبه غیرهم؟ وانّ هذه المسألة مخالفة لحکم العقل القاضی بتحمّل الفرد عاقبة جریمته هو لا جریمة الآخرین! بل انّ هذا الحکم لا ینسجم مع آیات القرآن الکریم، ومن جملتها الآیة 164 من سورة الأنعام والتی جاء فیه: (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وُزْرَ اُخرى)(2).
وعلیه فمسألة ضمان العاقلة، ودفع ثمن الدّم من قبلهم نیابة عن القاتل، لا تنسجم حکم العقل ومضامین القرآن الکریم.
ولتوضیح الإجابة عن هذا الإشکال، لابدّ من التطرّق الى البحوث العشرة التّالیة.
1 ـ آراء فقهاء الإسلام حول ضمان العاقلة
2 ـ ضمان العاقلة فی الروایات الإسلامیة ـ السنّیة والشیعیة.
3 ـ سبب تسمیة العاقلة بهذا الإسم.
4 ـ هل یمکن الوقوف على حکمة الأحکام الشرعیة؟ وإذا کان الجواب بالایجاب، فهل هذا العمل جائز؟
5 ـ فائدة معرفة فلسفة الأحکام.
6 ـ فلسفة الأحکام لها جهة نوعیة لا شخصیة.
7 ـ العاقلة، تأمین عائلی (ضمان متقابل).
8 ـ وجود العاقلة بأشکال اُخرى فی المجتمع.
9 ـ فی أی صورة تضمن العاقلة الدّیة؟
10 ـ خلاصة والبحث وحصیلته.