والبحث عنهما یقع فی مقامین:
وفیه اُمور:
1. الاجتهاد فی اللغة والاصطلاح
الاجتهاد فی اللغة مأخوذ من الجَهد أو الجُهد، قال الراغب: الجَهد والجُهد الطاقة والمشقّة، والاجتهاد أخذ النفس ببذل الطاقة وتحمّل المشقّة(1).
والظاهر أنّ معناه بذل نهایة الطاقة والقدرة الّتی من لوازمها المشقّة، فإنّ من بذل نهایة طاقته یقع فی المشقّة والکلفة.
وأمّا فی الاصطلاح: فقد ذکر له فی کلمات الاُصولیین تعاریف کثیرة:
منها: ما حکی عن قدماء الاُصولیین من أهل السنّة والشیعة من أنّه: استفراغ الوسع فی تحصیل الظنّ بالحکم الشرعی(2).
یرد علیه، أوّلا: أنّه لا وجه للتقیید فیه بالظنّ، لصدق الاجتهاد على استفراغ الوسع لتحصیل العلم أیضاً.
وثانیاً: قد یکون نتیجة الاستنباط والاجتهاد حصول الظنّ بمطلق الحجّة من دون أن یصدق علیها الحکم، کما فی البراءة العقلیّة والظنّ الانسدادی على الحکومة والاحتیاط العقلی، وحینئذ لیس التعریف جامعاً لتمام الأفراد.
وثالثاً: أنّه یعمّ استفراغ وسع المقلّد فی تحصیل فتوى المجتهد أیضاً، فلابدّ من ضمّ قید «عن أدلّتها التفصیلیة» إلیه حتّى یخرج جهد المقلّد.
ورابعاً: لا حاجة إلى التعبیر بالاستفراغ فإنّ لبذل الوسع فی باب الفحص مقداراً لازماً قد ذکر فی محلّه، وهو قد لا یصل إلى حدّ الاستفراغ کما لا یخفى على من راجع کلماتهم هناک.
ومنها: استفراغ الوسع فی تحصیل الحجّة على الحکم الشرعی(3).
وهذا مع سلامته عن الإشکال الأوّل والثانی الواردین على التعریف السابق ـ لمکان التعبیر بالحجّة ـ یرد علیه الإشکالان الأخیران.
ومنها: تحصیل الحجّة على الحکم الشرعی(4).
وهو وإن کان أحسن من غیره من بعض الجهات، لکن یرد علیه أیضاً بعض الإشکالات لشموله عمل المقلّد، فإنّه أیضاً یحصّل الحجّة على الحکم الشرعی، غایة الأمر من طریق دلیل إجمالی وهو «إنّ کلّ ما حکم به المجتهد فهو الحجّة على المقلّد».
مضافاً إلى شموله للمسائل الاُصولیة لخلوّه عن قید «الفرعیة»، ومضافاً إلى ما اُورد على غیره بالإضافة إلى التعبیر بالحکم من أنّه لیس جامعاً لجمیع المصادیق.
فالأولى فی تعریفه أن یقال: إنّ الاجتهاد هو استخراج الحکم الشرعی الفرعی أو الحجّة علیه من الأدلّة التفصیلیة.