1. حدیث الرفع

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج2
الثانی: الروایات2. حدیث الحجب


وقد روی من طریقین معتبرین:
أحدهما: ما ورد فی توحید الصدوق وخصاله بسند معتبر عن حریز بن عبدالله عن أبی عبدالله(علیه السلام)قال: «قال رسول الله(صلى الله علیه وآله): رفع عن اُمّتی تسعة أشیاء: الخطأ والنسیان وما اُکرهوا علیه، وما لا یعلمون، وما لا یطیقون، وما اضطرّوا إلیه، والحسد، والطیرة، والتفکّر فی الوسوسة فی الخلق، ما لم ینطقوا بشفة»(1).
ثانیهما: معتبرة إسماعیل الجعفی، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «سمعته یقول: وضع عن هذه الاُمّة ستّ خصال: الخطأ، والنسیان، وما استکرهوا علیه، وما لا یعلمون، وما لا یطیقون، وما اضطرّوا إلیه»(2).
فقد وردت فیها ستّ خصال بدلا عن التسع الوارد فی الروایة الاُولى، ولا منافاة بینهما بعد کونهما من قبیل المثبتین.
ویقع الکلام فی دلالته ضمن عدّة اُمور:
الأمر الأوّل: فی أنّ المراد من الموصول فی قوله(صلى الله علیه وآله): «ما لا یعلمون» ما ذا؟ فهل یشمل الشبهات الحکمیّة والموضوعیّة معاً أم یختصّ بالثانی؟
استدلّ الشیخ الأعظم الأنصاری(رحمه الله) لاختصاص الموصول بالشبهة الموضوعیّة بوحدة السیاق، إذ إنّ المراد بالموصول فی غیر فقرة «ما لا یعلمون» هو الفعل الإکراهی والاضطراری ونحوهما، إذ لا معنى لتعلّق الإکراه والاضطرار بنفس الحکم، فلیکن المراد بالموصول فی «ما لا یعلمون» أیضاً هو الفعل المجهول لا الحکم المجهول(3).
وقال المحقّق الخراسانی(رحمه الله): «إنّ المراد منها مطلق الإلزام المجهول سواء کان فی الشبهة الحکمیّة کحرمة شرب التتن أو الموضوعیّة کحرمة المائع الخارجی المشکوک کونه خمراً»(4).
والتحقیق فی المقام یستدعی تحلیل المراد من المرفوع فی «ما لا یعلمون» فهل هو الفعل المتعلّق به الحکم کشرب الخمر مثلا فی مثال المائع المشکوک، أو المرفوع هو الموضوع الخارجی، أی نفس الخمر فی المثال، أو الحکم، أی الحرمة؟
ولابدّ للجواب عن هذا السؤال من ملاحظة التعبیرات الواردة فی الآیات والروایات بالنسبة إلى «الوضع» حیث إنّها تقابل «الرفع» وتضادّه، والأشیاء تعرف بأضدادها، فإذا عرفنا ما هو «الموضوع» فی التکالیف الشرعیّة فی الکتاب والسنّة عرفنا «المرفوع» فیها بالتبع.
وبعبارة اُخرى: ما هو الثقل والکلفة الّتی یشتقّ منها کلمة التکلیف، ومن أین یجیء ویوضع على عهدة المکلّف حتّى یکون هو المرفوع؟
فنقول: إنّ الموضوع والمحمول على المکلّف فی لسان الآیات إنّما هو الفعل کالصیام فی قوله تعالى: (کُتِبَ عَلَیْکُمْ الصِّیَامُ کَمَا کُتِبَ عَلَى الَّذِینَ مِنْ قَبْلِکُمْ)(5)، وحجّ البیت فی قوله تعالى: (وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ)(6).
وهکذا فی الروایات کقوله(علیه السلام): «علیک الإعادة» أو «علیک الحجّ من قابل»، فالموضوع على عهدة المکلّف إنّما هو الإعادة أو الحجّ، فکأنّ للأفعال ثقلا فی عالم التشریع یضعه الشارع على عاتق المکلّفین.
نعم إنّه کنایة عن الإیجاب، وهی غیر تقدیر الوجوب، ولا یلزم فیها مجاز، بل یستعمل کلّ لفظ فی معناه الموضوع له، ففی قولک: «زید کثیر الرماد» استعمل کلّ واحد من «زید» و «کثیر الرماد» فی معناه الموضوع له وإن لم یکن المستعمل فیه مراداً جدّیاً للمتکلّم، والمراد الجدّی هو بیان سخاوة زید، وکذلک وضع فعل على عاتق المکلّف کنایة عن وجوبه.
فإذا کان متعلّق الوضع هو الفعل فلیکن متعلّق الرفع أیضاً کذلک، ففی قوله(صلى الله علیه وآله): «رفع ما لا یعلمون» إنّما رفع الفعل المجهول کما أنّ المرفوع فی «ما اضطرّوا إلیه» و«ما استکرهوا علیه» هو الفعل الاضطراری أو الإکراهی الذی کان یثقل على عاتق المکلّف لولا حدیث الرفع، لا أن یکون المرفوع هو الحکم حتّى نحتاج إلى تقدیر.
وإذن یختصّ الحدیث بالشبهات الموضوعیّة لأنّ شموله للشبهات الحکمیّة یحتاج إلى تقدیر الحکم، أی رفع ما لا یعلمون حکمه، والأصل عدم التقدیر.
فطریق إثبات اختصاص الروایة بالشبهات الموضوعیّة لا ینحصر فی ما ذهب إلیه الشیخ الأعظم(رحمه الله)من قضیّة وحدة السیاق، بل یمکن إثباتها من طریق تحلیل معنى الرفع وملاحظة موارد استعمال ما یقابله من کلمة الوضع.
وقد یؤیّد ذلک بالرجوع إلى عصر صدور الحدیث حیث لم تکن الشبهة الحکمیّة محلاّ للابتلاء فی ذلک العصر إلاّ قلیلا لأنّهم کانوا مستغنین بالرجوع إلى المعصومین(علیهم السلام)، یأخذون منهم الأحکام مشافهة، ویعرفون ما یریدون بالسؤال عنهم بلا واسطة، فالحدیث منصرف إلى ما کان محلاّ للابتلاء وهو الشبهات الموضوعیّة غالباً.
فظهر ممّا ذکرنا عدم تقدیر شیء فی الحدیث لا الحکم ولا المؤاخذة، ولا الأثر المناسب ولا جمیع الآثار، بل المرفوع هو نفس الفعل فی عالم الاعتبار، وهو کنایة عن عدم حرمته، وإذا ارتفعت الحرمة ارتفعت جمیع آثارها، وحینئذ لا تصل النوبة إلى ما ذکره الأعلام واختلفت فیه الآراء من أنّ المقدّر فی الحدیث ماذا؟ إذ لا حاجة إلى التقدیر فیه أصلاً.
الأمر الثانی: فی شمول حدیث الرفع للأحکام الوضعیّة وعدمه، مثلاً إذا تحقّق بیع عن إکراه، فهل یکون نافذاً شرعاً أو لا؟ وقد ذکر لشموله لها وجوه:
الأوّل: إطلاق الرفع، إمّا بناءً على وجود تقدیر فی الحدیث، فلأنّ المقدّر هو جمیع الآثار، وإمّا بناءً على ما اخترناه من کون الرفع کنایة عن رفع الحکم الجزئی، وهو فی مثل المقام عبارة عن نفوذ البیع.
الثانی: معتبرة صفوان بن یحیى وأحمد بن محمّد بن أبی نصر عن أبی الحسن(علیه السلام)فی الرجل یستکره على الیمین فیحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما یملک أیلزمه ذلک؟ فقال: «لا، قال رسول الله (صلى الله علیه وآله): وضع عن اُمّتی ما اُکرهوا علیه وما لم یطیقوا وما أخطأوا»(7).
فلا إشکال فی أنّ هذه الروایة تشیر إلى حدیث الرفع، وحینئذ إذا کانت إحدى فقراته شاملة للأحکام الوضعیّة تکون سائر الفقرات أیضاً شاملة لها بمقتضى وحدة السیاق.
إن قلت: إنّ التمسّک بهذا الحدیث لإثبات کون المرفوع بحدیث الرفع جمیع الآثار حتّى الوضعیّة ضعیف; لأنّ الحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما یملک باطل عندنا من الأساس حتّى مع الاختیار فکیف مع الإکراه، فمقتضى القاعدة أن یبیّن الإمام(علیه السلام)بطلانه مطلقاً ولم یفعل، فیکون الجواب حینئذ مبنیاً على التقیّة، فکأنّ الإمام(علیه السلام) لم یتمکّن من إظهار الحقّ وهو بطلان الحلف بتلک الاُمور مطلقاً ولو مع الاختیار، فاقتصر على بیان بطلانه فی مورد السؤال فقط، وهو الإکراه من باب التقیّة لا من باب أنّ الإکراه رافع للأثر الوضعی واقعاً.
قلت: إنّه کذلک أی الإمام کان فی مقام التقیّة، لکنّه غایة ما یقتضیه کون تطبیق الکبرى (أعنی عموم حدیث الرفع) على مورد السؤال (أی الحلف بالطلاق والعتاق) تقیّة لکون المورد باطلا من الأساس وإن لم یکن عن إکراه، ولکن لا دلیل على کون أصل الکبرى من باب التقیّة، إذن فالحدیث تامّ سنداً ودلالة.
الثالث: ما ذکره الشیخ الأعظم(رحمه الله) من أنّ مقتضى کون الحدیث فی مقام الامتنان على اُمّة النبی(صلى الله علیه وآله) شموله للأحکام الوضعیّة، لأنّ الأحکام التکلیفیّة کانت مرفوعة فی الاُمم السابقة أیضاً(8).
ولکن یرد علیه: أنّ المستفاد من بعض الأخبار اختصاص رفع المؤاخذة فی الأحکام التکلیفیّة أیضاً باُمّة النبی(صلى الله علیه وآله)، منها ما رواه عمرو بن مروان عن أبی عبدالله(علیه السلام)قال: «قال رسول الله(صلى الله علیه وآله): رفع عن اُمّتی أربع خصال: خطؤها ونسیانها وما اُکرهوا علیه وما لم یطیقوا، وذلک قول الله عزّوجلّ: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِینَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَیْنَا إِصْراً کَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِینَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ)»(9) وقوله: (إِلاَّ مَنْ أُکْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْیمَانِ)(10)»(11).
فإنّ الظاهر من هذا الحدیث والآیات الّتی استشهد بها فیه اختصاص رفع المؤاخذة أیضاً بهذه الاُمّة، والأولى التمسّک بما سبق.
إن قلت: العقل حاکم بقبح المؤاخذة على الخطأ والإکراه والاضطرار والنسیان وغیرها ممّا هو خارج عن طاقة الإنسان من دون فرق بین الاُمم.
قلت: المعروف فی الجواب عن هذا الإشکال أنّ الخطأ والنسیان مثلا على قسمین: قسم لا یکون الإنسان قادراً على الاجتناب عنه بوجه من الوجوه، فهذا القسم مرفوع عن جمیع الاُمم، وقسم آخر یمکن التحفّظ عنه بالمراقبة وإن کان ذات مشقّة، فهذا القسم لا تکون المؤاخذة علیه قبیحاً، ورفع المؤاخذة عنه امتناناً مختصّ بهذه الاُمّة، وهو المراد فی حدیث الرفع کما یدلّ علیه نفس طلب النبی(صلى الله علیه وآله)إیّاه فی لیلة المعراج،(12) وإلاّ کان طلبه(صلى الله علیه وآله)تحصیلا للحاصل.
الأمر الثالث: أنّ حدیث الرفع حیث ورد فی مقام الامتنان فلا یجری فیما لم یکن فی رفعه منّة على المکلّف کما إذا اضطرّ إنسان إلى بیع داره لإنجاء ولده المریض، فعدم صحّة بیعه هذا ـ لأنّه ممّا اضطرّ إلیه ـ لا یکون منّة علیه بل هو خلاف الامتنان وهذا واضح، وإنّما الکلام فی منشأ هذا الاستظهار، فمن أیّ شیء یستفاد أنّ الحدیث فی مقام الامتنان؟
قد یقال: أنّه یستفاد من التعبیر بـ «عن اُمّتی» الوارد فی الحدیث، حیث لا إشکال فی ظهوره فی الامتنان عرفاً، لکن یمکن أن یستفاد ذلک أیضاً من نفس التعبیر بالرفع فإنّ الرفع یستعمل فی الموارد الّتی رفع فیها ثقل وکلفة عن المکلّف لا ما إذا وضع ثقل على عاتقه، ولا یخفى أنّ بطلان المعاملة فی المثال المذکور ممّا یوجب وضع ثقل على أثقاله لا رفعه.
الأمر الرابع: الآثار المترتّبة على الخطأ والنسیان وسائر العناوین الواردة فی الحدیث الشریف على قسمین: منها: ما یترتّب علیها بما هی هی، أی یترتّب على العناوین الثانویة کعنوان الخطأ والنسیان، ومنها: ما یترتّب على متعلّقاتها الخارجیّةأی على العناوین الأوّلیة، فإنّ الآثار المترتّبة على نسیان السورة مثلا على قسمین: قسم یترتّب على نفس ترک السورة کبطلان الصلاة، وقسم یترتّب علیه بما أنّها متعلّقة للنسیان کسجدتی السهو، والمقصود من الآثار المرفوعة بحدیث الرفع إنّما هو القسم الأوّل لا الثانی; لأنّ المفروض کون السهو کالسبب لتشریع سجدتی السهو فکیف یکون رافعاً لهما؟
الأمر الخامس: لا یخفى أنّ النسبة بین هذا الحدیث وأدلّة الأخباریین على وجوب الاحتیاط فی الشبهات التحریمیّة، نسبة التعارض لا الحکومة; لأنّ تلک الأدلّة مثل قوله(علیه السلام): «أخوک دینک فاحتط لدینک» تدلّ بزعم الأخباری على وجوب الاحتیاط وعدم ارتفاع الإلزام المجهول المحتمل، بینما حدیث الرفع یدلّ على رفعه وعدم وجوب الاحتیاط، فهو حینئذ یعارض تلک الأدلّة حتّى بعد فرض تمامیتها، فتصل النوبة إلى محاولة المرجّحات وأنّه أیّ الدلیلین أقوى؟ خلافاً لما مرّ من الآیات إذ إنّ أدلّة الأخباری کانت واردة علیها کما ذکرنا، ولکن سیأتی أنّها محمولة على حسن الاحتیاط استحباباً.


1. التوحید، ص 353; الخصال، ص 417; وسائل الشیعة، ج 11، کتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس، الباب 56، ح 1.
2. وسائل الشیعة، ج 16، کتاب الأیمان، الباب 16، ح 3.
3. فرائد الاُصول، ج 2، ص 28.
4. کفایة الاُصول، ص 339.
5. سورة البقرة، الآیة 183.
6. سورة آل عمران، الآیة 97.
7. وسائل الشیعة، ج 16، کتاب الأیمان، الباب 12، ح 12.
8. فرائد الاُصول، ج 2، ص 30.
9. سورة البقرة، الآیة 286.
10. سورة النحل، الآیة 106.
11. وسائل الشیعة، ج 11، کتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس، الباب 56، ح 2.
12. اُنظر: بحار الأنوار، ج 10، ص 42 و ج 18، ص 314.


 

 

الثانی: الروایات2. حدیث الحجب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma