والمشهور جریان البراءة فیها:
أمّا البراءة العقلیّة: فاستدلّ لها بجریان قاعدة قبح العقاب بلا بیان فی الموضوعات، کجریانها فی الأحکام.
لکنّه لا یخلو من إشکال; لأنّ وظیفة الشارع بما هو شارع لیس إلاّ بیان الکبریات، وقد بیّنها ووصلت إلى المکلّف حسب الفرض، وإنّما الشکّ فی الصغرى وهی کون هذا المائع الخارجی مثلا ممّا ینطبق علیه متعلّق الحرمة وهو الخمر أم لا، ومن المعلوم أنّ المرجع فی إزالة هذه الشبهة لیس هو الشارع فلا یتحقّق حینئذ موضوع القاعدة وهو عدم البیان، فلا تجری القاعدة، بل على المکلّف إزالة هذا النوع من التردّد والاشتباه.
هذا بناءً على مبنى القوم من أنّ القاعدة عقلیّة، وأمّا بناءً على ما اخترناه من أنّها عقلائیّة فلا یبعد بناء العقلاء على البراءة فی الشبهات الموضوعیّة إلاّ فی الموضوعات المهمّة کالدماء والفروج فی الشرع، وما له صلة بحیاة المولى فی الموالی العرفیّة، فإذا قال المولى لعبده «إحذر من أعدائی» مثلا، فمن البعید جدّاً بناء العقلاء على قبح عقاب العبد فیما إذا لم یحذر من مشکوک العداوة.
أمّا البراءة النقلیة: فلا إشکال فی جریانها فی الشبهات الموضوعیّة لأنّه القدر المتیقّن من أکثر أدلّتها وقد تقدّم روایاتها سابقاً.