أدلّة الاُصولیین على البراءة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج2
الأصول العملیّة / أصالة البراءة الثانی: الروایات


الأوّل: الآیات

منها: قوله تعالى: (مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا کُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا)(1).
وقد وردت فیها ثلاث فقرات:
أحدها: أنّ نتیجة عمل کلّ إنسان تعود إلى نفسه: (مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیْهَا...).
ثانیها: ما یکون بمنزلة المفهوم للحکم الأوّل، أی: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، وکلّ واحد من هذین الحکمین إرشاد إلى ما یحکم به العقل.
ثالثها: البراءة فی موارد عدم البیان والبعث: (وَمَا کُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا)، وهی تؤکّد بالآیة التالیة لها، أی قوله تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِکَ قَرْیَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِیهَا فَفَسَقُوا فِیهَا فَحَقَّ عَلَیْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِیراً)(2)حیث إنّه بیّنت فیها کیفیة العذاب المذکور فی تلک الآیة وأنّه لا یکون إلاّ بعد الأمر ووقوع الفسق والمخالفة، کما أنّ المراد من بعث الرسل فی تلک الآیة إنّما هو إتمام الحجّة على الناس، فهو کنایة عن بیان التکلیف، فلا خصوصیّة للبعث کما یشهد علیه أنّه لا یعقل العذاب فی صورة البعث مع عدم البیان.
ثمّ إنّ هاهنا آیتین اُخریین توافقان الآیة المذکورة فی الدلالة على البراءة فی ما نحن فیه، وقد غفل عنهما فی کلماتهم:
الاُولى: قوله تعالى: (وَمَا کَانَ رَبُّکَ مُهْلِکَ الْقُرَى حَتَّى یَبْعَثَ فِی أُمِّهَا رَسُولا یَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیَاتِنَا وَمَا کُنَّا مُهْلِکِی الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ)(3)، حیث لا یخفى إنّ دلالة هذه الآیة أظهر ممّا ذکره الأصحاب، لما ورد فیها من التعبیر بـ (یَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیَاتِنَا) الذی یدلّ صریحاً على بیان التکلیف وإنّه لا عقاب إلاّ بعد البیان، فلا حاجة فیها إلى التوجیه المذکور فی تلک الآیة من أنّ البعث کنایة عن البیان.
الثانیة: قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَکْنَاهُمْ بِعَذَاب مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَیْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آیَاتِکَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى)(4)، حیث إنّ المراد من کلمة «قبله» هو قبل بعث الرسل، فتدلّ على البراءة بناءً على أنّ نقل کلام الکفّار مشعر بالقبول، لا سیّما مع عدم إنکار القرآن له.
والحاصل: إنّ لهذه الآیات الثلاثة مدلولا واحداً مشترکاً، وهو البراءة فی الشبهات الحکمیّة مطلقاً.
ولکنّه قد یناقش فی دلالتها باُمور عدیدة، أهمّها أمران:
الأوّل: أنّ الآیة تدلّ على نفی فعلیّة العذاب لا نفی استحقاقه، ونفی الفعلیّة لیس لازماً مساویاً لنفی الاستحقاق حتّى یدلّ نفیها على نفیه، بل هو أعمّ من کونه من باب عدم الاستحقاق أو من باب تفضّله تبارک وتعالى على عباده مع استحقاقهم للعذاب، فلا یصحّ الاستدلال بالآیة على البراءة(5).
ویمکن الجواب عنه بأنّ ما یهمّنا فی الفقه إنّما هو الأمن من العذاب، وهو حاصل بنفی الفعلیّة سواء لزمه نفی الاستحقاق أم لا.
الثانی: النقض بالمستقلاّت العقلیّة، فإنّه لا إشکال فی تعذیبه تعالى على ترک المستقلاّت العقلیّة، کقبح قتل النفس المحترمة والسرقة والخیانة وغیرها من المعاصی الّتی یحکم بقبحها العقل مستقلاّ، ولو وقعت قبل بعث الرسل(6).
والجواب عنه: أنّ الآیة منصرفة إلى أحکام تحتاج إلى البیان، ولا حاجة إلى البیان فی المستقلاّت العقلیّة الّتی لا یصحّ فیها الإعتذار بقولهم: (لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَیْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آیَاتِکَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى).
فظهر بذلک أنّ الآیة الشریفة صالحة للاستدلال بها على أصالة البراءة فی الشبهات الحکمیّة التحریمیّة.
ومنها: قوله تعالى: (وَمَا کَانَ الله لِیُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى یُبَیِّنَ لَهُمْ مَا یَتَّقُونَ إِنَّ الله بِکُلِّ شَیْء عَلِیمٌ)(7)، ودلالتها على المدّعى تتمّ إذا کانت «یضلّ» بمعنى «یعذّب» لأنّ مفادها حینئذ عدم العقاب بلا بیان، فالمهمّ فی المقام تعیین معنى «یضلّ» بعد عدم تصوّر معناها اللغوی المعروف بالنسبة إلى الباری تعالى، فنقول: یحتمل فیها أربعة وجوه:
1. أن یکون بمعنى التعذیب.
2. أن یکون بمعنى الحکم بالضلال.
3. أن یکون بمعنى الخذلان أی ترک العون والإمداد وسلب التوفیق.
4. أن یکون بمعناه الحقیقی مع حقیقة الإسناد بالنسبة إلیه تعالى من باب أنّه مسبّب الأسباب وسبب فی تأثیر عمل العبد فی ضلالته، فهو الذی جعل العمل السیّئ والذنوب الکبار سبباً للضلالة عن طریق الحقّ، فیصحّ إسناده إلیه تعالى حقیقة کما یصحّ إسناده کذلک إلى الفاعل بلا واسطة، وهذا نظیر من قتل نفسه بشرب السمّ حیث یصحّ إسناد القتل إلیه حقیقة لأنّه شرب السمّ باختیاره، وإلى الباری تعالى کذلک لأنّه خلق السمّ.
ولا یخفى أنّ الإسناد فی الوجوه الثلاثة الاُول مجاز، فلا وجه للذهاب إلیها مع إمکان حفظ الکلمة على معناه الحقیقی بالوجه الأخیر، کما أنّه کذلک فی الآیات المشابهة الّتی استند الإضلال فیها إلى الله کقوله تعالى: (یُثَبِّتُ الله الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَفِی الاْخِرَةِ وَیُضِلُّ الله الظَّالِمِینَ)(8). وکذا قوله تعالى: (کَذَلِکَ یُضِلُّ الله مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ)(9).
فاستناد الإضلال إلیه تعالى أمر مأنوس فی القرآن الکریم، ولا ریب فی عدم کونه مجازاً فی جمیع ذلک; لأنّ کلّ فعل یصدر من العباد یصحّ إسناده إلیه تعالى حقیقة «لأنّه المالک لما ملّکک والقادر على ما علیه أقدرک» کما ورد فی حدیث الاحتجاج(10).
وبالجملة الآیة تدلّ على عدم إضلال الله تعالى للعباد حتّى یبیّن لهم الحلال والحرام لقوله تعالى فیها: (حَتَّى یُبَیِّنَ لَهُمْ مَا یَتَّقُونَ) وبما أنّ الاضلال منشأ للعذاب بل هو نوع من العذاب الإلهی فدلالة الآیة على عدم العذاب من دون البیان تکون بالأولویة أو بإلغاء الخصوصیّة.
بقی هنا شیء
إنّ جمیع هذه الآیات توجب تأسیس أصل حاصله عدم العذاب بلا بیان، وحینئذ تکون أدلّة الأخباری على فرض تمامیتها واردة علیها، لأنّها حینئذ تکون بمنزلة البیان، لکن سیأتی عدم تمامیتها فالمرجع هو ما یستفاد من هذه الآیات.


1. سورة الإسراء، الآیة 15.
2. سورة الإسراء، الآیة 16.
3. سورة القصص، الآیه 59.
4. سورة طه، الآیة 134.
5. کفایة الاُصول، ص 339.
6. العدّة فی اُصول الفقه، ج 2، ص 746; الفوائد المدنیة، ص 236 ـ 237.
7. سورة التوبة، الآیة 115.
8. سورة إبراهیم، الآیة 27.
9. سورة المؤمن، الآیة 34.
10. الاحتجاج، ج 2، ص 256.


 

 

الأصول العملیّة / أصالة البراءة الثانی: الروایات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma