ثمّ إنّه استدلّ لعدم حسن الأفعال وعدم قبحها ذاتاً بوجوه واهیة:
منها: أنّه لو کان الحسن والقبح عقلیین لزم الجبر فی أفعال الله تعالى; أی لزم أن یکون الشارع الحکیم مقیّداً فی تشریعه للأحکام بهذه الأوصاف، وهذا ینافی اختیاره تعالى فی أفعاله على الإطلاق(1).
والجواب عنه واضح، لأنّ الجبر فی فعل شیءٌ، ووجود الصارف الاختیاری عن ذلک الفعل شیءٌ آخر، فإنّ السلوک على وفق الحکمة وعدم التخطّی عمّا تقتضیه لا ینافی الاختیار.
ومنها: أنّ أفعال العباد غیر صادرة عنهم باختیارهم فلا تتّصف بالحسن والقبح بالمعنى المتنازع فیه، وهو استحقاق المدح أو الذمّ على إتیانها، لأنّ الاستحقاق موقوف على وجود الاختیار(2).
ویرد علیه: أنّ هذا الإشکال مبنی على القول بالجبر وهو فاسد من أصله، مضافاً إلى ورود النقض علیه بعد ورود حکم الشرع بالحسن والقبح مع أنّهم ملتزمون بهما بعد ورودهما فی الشرع.