الأمر الخامس: أدلّة القائلین بوجوب المقدّمة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج2
الأمر الرابع: تأسیس الأصل فی المسألة الأمر السادس: کیفیّة وجوب المقدّمة



ذهب المشهور إلى القول بوجوب المقدّمة واستدلّوا له بوجوه:
الوجه الأوّل: عدم إمکان تخلّف إرادة المقدّمة عند إرادة ذیها بعد الإلتفات إلى کون الشیء مقدّمة وأنّه لا یمکن التوصّل إلى المطلوب إلاّ بها، ویظهر ذلک بقیاس إرادة الآمر بإرادة الفاعل، فهل ترى أنّک لو أردت شیئاً وکان ذلک الشیء یتوقّف على مقدّمات یمکنک أن لا ترید تلک المقدّمات؟ لا، بل لابدّ من أن تتولّد إرادة المقدّمات من إرادة ذلک الشیء قهراً علیک، بحیث لا یمکنک أن لا تریدها بعد الإلتفات إلى المقدّمات، وإلاّ یلزم أن لا ترید ذا المقدّمة، وهذا واضح وجداناً، وإرادة الآمر حالها حال إرادة الفاعل(1).
واُورد علیه، أوّلا: أنّ البرهان لم یقم على التطابق بین التشریع والتکوین من جمیع الجهات، لو لم نقل بقیامه على خلافه، وتوضیح الفرق أنّ تعلّق الإرادة بالمقدّمات من الفاعل الذی أراد الوصول إلى شیء أنّه یرى أنّ الوصول إلى الغایة المطلوبة لا یحصل إلاّ بإیجاد مقدّماته، فلا محالة یریده مستقلاّ بعد تمامیّة مقدّماتها، وأمّا الآمر غیر المباشر فالذی یلزم علیه هو البعث نحو المطلوب وإظهار ما تعلّقت به إرادته ببیان واف، بحیث یمکن الاحتجاج به على العبد، ویقف العبد به على مراده حتّى یمتثله، وأمّا إرادة المقدّمات فلا موجب له بعد حکم العقل بلزوم إتیانها.
والحاصل أنّه فرق بین المباشر والآمر فإنّه لا مناص فی الأوّل عن تعدّد الإرادة، لأنّ المفروض إنّه المباشر للأعمال برمّتها فلا محالة تتعلّق الإرادة بکلّ ما یوجده بنفسه، وأمّا الآمر فیکفی فی حصول غرضه بیان ما هو الموضوع لأمره وبعثه، بأن یأمر به ویبعث نحوه، والمفروض أنّ مقدّمات المطلوب غیر خفی على المأمور، وعقله یرشد إلى لزوم إتیانها، فحینئذ لأیّ ملاک تنقدح إرادة اُخرى متعلّقة بالمقدّمات؟(2)
وثانیاً: بأن ترشّح إرادة من إرادة اُخرى بمعنى کون إرادة الواجب علّة فاعلیّة لإرادتها من غیر حاجة إلى مبادئ اُخر کالتصوّر والتصدیق بالفائدة ممّا لا أصل له، لأنّ الحاکم بوجوب المقدّمة على الفرض هو الشارع الفاعل المرید المختار، وأنّ سبب الوجوب إنّما هو نفس المولى وإرادته، فتوقّف ذی المقدّمة على المقدّمة یکون حینئذ داعیاً لایجابه المقدّمة، لا أن یکون سبباً بنفسه لوجوبها(3).
ولکن یمکن الجواب عن الإشکال بکلا شقّیه: أمّا الثانی: فلأنّه یمکن أن یقال بأنّ المراد من الترشّح إنّما هو أنّ المولى الحکیم یرید المقدّمات عند إرادة ذیها لا محالة، أی إذا تعلّقت الإرادة بذی المقدّمة تعلّقت بمقدّماتها أیضاً، غایة الأمر أنّها إرادة غیریّة تبعیّة، مع کونها فی نفس الوقت مولویّة لا إرشادیّة، فلیس المقصود من الترشّح التولّد القهری غیر الإرادی حتّى یقال بأنّه لا أصل له، بل المراد منه التلازم بین الإرادتین، بمعنى أنّ المولى الحکیم إذا التفت إلى توقّف ذی المقدّمة على مقدّماتها یتولّد فی نفسه مبدء إرادتها بمقتضى حکمته.
إن قلت: لیس الکلام فی الإرادة وتولّدها فی نفس المولى بل الکلام فی جعل قانون واعتبار حکم على المقدّمة، والإرادة لا تکفی فیه، بل یکون جعل الحکم لغواً.
قلت: وجود حکم العقل فی مورد لا یوجب لغویة حکم الشارع فی ذلک المورد، کما نلاحظه فی حکم الشارع بوجوب الإحسان أو استحبابه وحرمة الظلم ونحوهما، ولذلک قیل ونعم ما قیل من «أنّ الواجبات الشرعیّة ألطاف فی الواجبات العقلیّة»(4) وبعبارة اُخرى: حکم الشارع فی موارد حکم العقل یکون تأکیداً لحکم العقل ولا لغویة فی التأکید، هذا أوّلا.
وثانیاً: لا حاجة فی وجوب المقدّمة إلى جعل واعتبار فعلی من طریق الخطابات الأصلیّة، بل یمکن کشف حکم الشارع من ناحیة کشف الإرادة، أی من ناحیة کشف مبادئ الحکم ووجود ملاکه فإنّه یساوق الحکم نفسه، کما سیأتی بناءً على قول المنکرین للترتّب من أنّ تزاحم المهمّ مع الأمر بالأهمّ یوجب عدم فعلیّة الأمر بالمهم، ولکنّه مع ذلک لا یوجب بطلان المهمّ العبادی بعد ترک الأهمّ لوجود الملاک.
وأمّا الأوّل: فلأنّه لا إشکال فی أنّ الفعل التسبیبی أیضاً یعدّ فعلا للمولى کالفعل المباشری ویستند إلى المولى، وإذن کیف یمکن أن یتسامح الفاعل فی مقدّمات فعله، فإن أراد المولى صعود العبد إلى السطح جدّاً فلا محالة یرید نصب السلّم وغیره من المقدّمات أیضاً، نعم قد یکون وضوح الإتیان بالمقدّمات بحیث لا یحتاج المولى إلى مزید بیان، ولکن لا بمعنى أنّه لا یریدها بل بمعنى وضوح إرادتها.
هذا کلّه فی الوجه الأوّل، وقد ظهر تمامیّته.
الوجه الثانی: أنّ الوجدان أقوى شاهد على أنّ المولى إذا أراد شیئاً له مقدّمات، أراد تلک المقدّمات لو التفت إلیها بحیث ربّما یجعلها فی قالب الطلب، ویقول مولویاً: «ادخل السوق واشتر اللحم» مثلا بداهة أنّ الطلب المنشأ بخطاب «ادخل» مثل المنشأ بخطاب «اشتر» فی کونه بعثاً مولویاً، فحیث تعلّقت إرادته بشراء اللحم ترشّحت منها له إرادة اُخرى بدخول عبده السوق بعد الإلتفات إلیه وأنّه یکون مقدّمة له کما لا یخفى(5).
وهذا الوجه تامّ أیضاً ولا یرد علیه الإشکال بلزوم اللغویّة، لما مرّ من أنّ الأوامر الشرعیّة کثیراً ما تکون تأکیداً للواجبات العقلیّة وأنّ عدم الحاجة إلى البیان فی بعض الموارد ووضوحه لا یکون دلیلا على عدم إرادة المولى.
الوجه الثالث: ما ورد فی لسان الشارع من الأوامر الغیریّة الّتی تعلّقت ببعض المقدّمات فإنّها صدرت من جانب الشارع، إمّا لوجوب خصوصیّة فی تلک المقدّمات غیر کونها مقدّمة، أو من باب أنّها مقدّمة لبعض الواجبات، والأوّل ممنوع بالاتفاق، فلا إشکال فی أنّ وجوبها إنّما هو بملاک المقدّمیة، فنتعدّى منها إلى سائر المقدّمات من باب تنقیح المناط.
ومن هذه الأوامر، قوله تعالى فی باب الغسل: (وَإِنْ کُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(6).
ومنها: قوله تعالى فی باب التیمّم: (... فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً)(7).
ومنها: قوله تعالى فی باب الوضوء: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)(8).
ومنها: قوله تعالى فی آیة النفر: (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ وَلِیُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ)(9).
ومنها: قوله تعالى فی باب صلاة الجمعة: (إِذَا نُودِی لِلصَّلاَةِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِکْرِ الله»(10).
إلى غیر ذلک من الأوامر الغیریة الواردة فی الکتاب الکریم، ففی جمیع ذلک وأشباهها أمر الله تعالى بالواجبات الغیریة المقدّمیّة.
وقد توهّم بعض انحصار هذا النوع من الأوامر بالطهارات الثلاث ثمّ استشکل على الاستدلال بها فی المقام بأنّها لیست أوامر مولویّة بل إرشادیّة ترشد إلى شرطیّة الطهارات الثلاث فقط.
ولکنّه قد ظهر عدم انحصارها فی ذلک; لورودها فی غیرها کثیراً، مضافاً إلى أنّ الشرطیّة أو الجزئیّة متأخّرة عن الأمر رتبة، وهی تنتزع من الأمر المولوی المتعلّق بالمأمور به، فکیف یمکن أن یکون الأمر إرشاداً إلیها؟ فتدبّر فإنّه حقیق به.
هذا تمام الکلام فی أدلّة القائلین بوجوب المقدّمة، وقد عرفت تمامیة الوجوه الثلاثة، نعم، هنا وجوه قاصرة الدلالة لایهمّنا التعرّض لها، کما أنّ المناقشة فیما استدلّ به على عدم الوجوب من لزوم اللغویة مع وجود اللابدّیة العقلیّة، تظهر ممّا قدّمناه.
 


1. اُنظر: مبادئ الوصول، ص 106; الإحکام فی اُصول الأحکام، للآمدی، ج 1، ص 111; فوائد الاُصول، ج 1ص 284.
2. تهذیب الاُصول، ج 1، ص 397 و 398.
3. المصدر السابق، ص 395 ـ 397.
4. وهی من القواعد الکلامیّة عند العدلیّة، اُنظر: رسائل الشریف المرتضى(قدس سره)، ج 2، ص 336; کشف المراد فی شرح تجرید الاعتقاد، ص 470 و 471.
5. اُنظر: مطارح الأنظار، ص 83.
6. سورة المائدة، الآیة 6.
7. سورة النساء، الآیة 43.
8. سورة المائدة، الآیة 6.
9. سورة التوبة، الآیة 122.
10. سورة الجمعة، الآیة 9.


 

 

الأمر الرابع: تأسیس الأصل فی المسألة الأمر السادس: کیفیّة وجوب المقدّمة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma