إذا دار الأمر بین التعیین والتخییر; سواء کانت الشبهة حکمیّة کما إذا دار الأمر بین وجوب صلاة الجمعة فی عصر الغیبة تعییناً ووجوبها تخییراً، أو کانت الشبهة موضوعیّة، کما إذا شککنا فی أنّ متعلّق الحلف کان هو الصیام فی یوم الجمعة تعییناً أو إتیانها فی الجمعة والخمیس تخییراً، فهل المرجع فیه قاعدة الاشتغال أو البراءة؟
استدلّ القائلون بالبراءة، بأنّ صفة التعیینیة کلفة زائدة توجب الضیق على المکلّف، بداهة أنّه لو لم یکن الواجب تعیینیاً لکان المکلّف بالخیار بین الإتیان به أو بعدله، فیشملها قوله(صلى الله علیه وآله): «رفع ما لا یعلمون» وغیر ذلک من أدلّة البراءة، ویلزمه جواز الاکتفاء بفعل ما یحتمل کونه عِدلا لما علم تعلّق التکلیف به.
ویرد علیه: أنّ البراءة جاریة فی الاُمور الخارجیّة کالکلفة الحاصلة من صیام جدید أو صلاة کذلک أو أجزاء وشرائط جدیدة کالسورة ولبس بعض الملابس، وأمّا فی الأجزاء الذهنیة الحاصلة عند التحلیل الّتی لا انحیاز لها فی الخارج فلا، مثل ما نحن فیه فإنّ الأخذ بالقدر المشترک أی إلزام أحدهما ـ الجمعة أو صلاة الظهر ـ ونفی الزائد عنه أی الکلفة الحاصلة من خصوصیّة کونها ظهراً أو جمعة لیس من قبیل الاُمور الخارجیّة المنحازة بل هذا التحلیل والتجزئة إنّما یحصل فی الذهن لا غیر.
وشمول حدیث الرفع وأشباهه لها غیر ثابت، کما أنّ إجراء البراءة العقلیّة لا سیّما بناءً على المختار من کونها من قبیل بناء العقلاء، مورد للإشکال فإذا لم تجر البراءة فیها لم یکن هناک ما یوجب الأمن من العقاب فی مقابل احتمال العقاب، فلابدّ من الأخذ بالتعیین.