مقتضى ما ذکره المحقّق الخراسانی(رحمه الله) هنا: أنّ الحکم الظاهری إمّا هو مجعول فی ظرف الشکّ والجهل بالواقع حقیقة من دون نظر إلى الواقع أصلا، فهو یجری فی تنقیح ما هو موضوع التکلیف وتحقیق متعلّقه، ویکون بلسان تحقّق ما هو شرطه أو شطره، وإمّا أن یکون ناظراً إلى الواقع وکاشفاً عنه ویکون بلسان أنّه بعینه هو الشرط واقعاً، والأوّل مفاد الاُصول العملیّة کقاعدتی الطهارة والحلّیة أو استصحابهما، والثانی مفاد الأمارات.
ولا إشکال فی أنّ مقتضى کیفیة الجعل فی القسم الأوّل حکومة الاُصول العملیّة على الأدلّة الواقعیّة فی مرحلة الظاهر وتوسعة دائرتها; حیث إنّ ما دلّ على شرطیّة الطهارة أو الحلّیة للصّلاة مثلا ظاهر فی الطهارة أو الحلّیة الواقعیّة ولکنّها جعلت الشرط أعمّ منها ومن الطهارة أو الحلّیة الظاهریّة، ومقتضى هذه الحکومة أنّه کما أنّ المکلّف إذا کان واجداً للطهارة الواقعیّة کان واجداً للشرط حقیقة، فکذلک إذا کانواجداً للطهارة الظاهریّة، فلو صلّى معها ثمّ انکشف الخلاف لم ینکشف أنّ العمل فاقد للشرط بل هو واجد له حقیقة فیجزی.
کما أنّ مقتضى کیفیة الجعل فی الأمارات هو عدم الإجزاء، فإنّ المجعول فیها إنّما هو حجّیتها بلحاظ نظرها إلى الواقع وإثباتها له على ما هو علیه من دون جعل شیء آخر فیها فی مقابل الواقع، فلو کانت خاطئة وغیر مطابقة له لم تؤدّ إلى حکم شرعی أصلا لا واقعی ولا ظاهری، ونتیجته عدم الإجزاء(1).
ولکن یرد علیه بالنسبة إلى ما أفاده فی الاُصول العملیّة أنّ غایة ما یستفاد من دلیل أصالة الطهارة مثلا ثبوت أحکامها لموردها ما دام الشکّ موجوداً ولازمه عدم وجود تعمیم فی الحکم الواقعی.
فتحصّل إلى هنا عدم ثبوت الإجزاء فی موارد الأمارات والاُصول على حد سواء.