یعتبر فی باب الاجتماع أن یکون کلّ واحد من الأمر والنهی واجداً للملاک والمناط، فلو کان کلّ من المناطین موجوداً فی المجمع فهو من باب اجتماع الأمر والنهی فی شیء واحد، وحینئذ یکون المجمع محکوماً بکلا الحکمین بناءً على مبنى الجواز، ویدخل فی باب التزاحم بناءً على الامتناع.
أمّا إذا کان أحدهما واجداً للملاک فی نفس الأمر دون الآخر، فهو داخل فی باب التعارض.
هذا بحسب مقام الثبوت، وأمّا فی مقام الإثبات: فحاصل ما أفاده المحقّق الخراسانی(رحمه الله)فیه أنّه تارةً: یحرز أنّ المناط من قبیل الثانی، بمعنى أنّ أحد المناطین بلا تعیین موجود فیه دون الآخر، وفی هذه الصورة الدلیلان یتعارضان بالنسبة إلى المجمع على کلّ من الجواز والامتناع، ولابدّ من علاج المعارضة حینئذ بینهما بالترجیح أو التخییر.
واُخرى: یحرز أنّ کلاّ من المناطین موجود فی المجمع، وفی هذه الصورة یکون الدلیلان متزاحمین بالنسبة إلى المجمع، فربّما کان الترجیح مع ما هو أضعف دلیلا لکونه أقوى مناطاً(1).
ولکن اُورد علیه: إنّ النزاع فی مسألتنا هذه لا یرتکز على وجهة نظر مذهب الإمامیّة القائلین بتبعیّة الأحکام للملاکات الواقعیّة والجهات النفس الأمریة، بل یعمّ وجهة نظر جمیع المذاهب حتّى مذهب الأشعری المنکر للتبعیّة(2).
والحقّ هو اعتبار ما اعتبره المحقّق الخراسانی(رحمه الله) من وجود الملاکین فی المجمع، حیث إنّ مراده من وجود الملاک إنّما هو کون کلّ واحد من الدلیلین تامّ الاقتضاء بالنسبة إلى المجمع، أی لم یکن لفعلیته فی المجمع أیّ نقصان، سواء قلنا بوجود المصالح والمفاسد أم لا.
وبعبارة اُخرى: یکون کلّ واحد من الحکمین ـ مع قطع النظر عن اجتماعهما فعلا ـ واجداً لجمیع شرائط الفعلیّة، ولا إشکال فی أنّ النزاع فی باب الاجتماع إنّما هو فی جواز اجتماع الحکمین الفعلیین لا غیر.