والصحیح هو القول الأوّل، لکن المراد من حکم الشارع هو الأعمّ من الإلزامی وغیره، والدلیل على ذلک حکمة الباری تعالى، فإذا کان الفعل واجداً لمصلحة تامّة أو مفسدة کذلک فکیف یمکن أن لا یکون للشارع الحکیم فیه حکم، مع أنّه قد ثبت عند الإمامیة عدم خلوّ شیء من الأشیاء من حکم من الأحکام، فبعد حکم العقل بالحسن أو القبح یثبت أوّلا انقداح إرادة أو کراهة فی بعض المبادئ العالیة، ثمّ بانضمام الکبرى الثابتة فی محلّه من عدم خلوّ الأشیاء عن الحکم یثبت حکم الشارع.
والطریق الصحیح عندنا هو حکمة الباری، ومقتضاها ثبوت الملازمة مطلقاً، وکیف یعقل ترک التکلیف من المولى الحکیم إذا کان فی الفعل مصلحة تامّة قطعیّة أو مفسدة کذلک؟
ومن المعلوم أنّ ترک الأمر والنهی فی هذه المقامات مناف للحکمة، فإذا أدرک العقل المصلحة التامّة فی أمر وأدرک علّیة ذلک للحکم بتبعیة الأحکام الشرعیّة للمصالح والمفاسد یکشف أیضاً حکم الشارع به وإنشاءه.