هذا الکلام إستمرار لما ورد فی الأبحاث السابقة بشأن الخوراج. وهنا أشار الإمام(علیه السلام)إلى بعض النبوءات بشأن الخوارج; الأمر الذی یمکن اعتباره من معاجزه(علیه السلام) فقد إستهل کلامه بالرد على بعض أصحابه ممن قال له: یا أمیرالمؤمنین هلک القوم بأجمعهم فقال: «کلا واللّه، إنهم نطف فی أصلاب الرجال وقرارت(1) النساء» فحتى لو قتل هؤلاء، فهناک النطف التی ستلد فی المستقبل وتقتفی آثار الخوارج، وهذا ما حصل بالفعل حیث ظهر مثل هؤلاء الأفراد بعد سنوات، بل قرون لینتهجوا ذات السبیل الذی سلکه أوائلهم. أضف إلى ذلک وکما أشیر سابقا فقد نجى تسعة أفراد من أصحاب النهروان وفروا إلى مختلف المناطق لیرمموا هذه المدرسة الفاسدة ویعیدوا بنائها ممن جانب آخر فاننا نعلم بأنّ من حضر النهروان لم یکونوا جمیع الخوارج، بل الخوارج. ثم اماط اللثام عن تبوءة اُخرى فقال(علیه السلام):«کلما نجم(2) منهم قرن قطع» فالعبارة إشارة إلى وحشیة الخوارج من جهة وأنّهم کالحیوان الذی له قرن لاذى الآخرین، ومن جهة اُخرى یشیر إلى الانتکاسات المتتالیة والهزائم المتتابعة التی یمنى بها الخوارج طیلة حیاتهم المقیتة; الأمر الذی تحقق تأریخیاً وسنتعرض له فی البحث القادم. ثم یختتم الإمام(علیه السلام)کلامه قائل: «حتى یکون آخرهم لصوصا سلابین» وهذا هو الأمر الآخر الذی ثبت تحققه تأریخیاً، حیث تعرض أرباب التأریخ إلى عدد من مشهوری الخوارج ممن تحولوا إلى لصوص خطرین، وسنعرض لهذا الأمر بالتفصیل لاحقاً.