سکوت الإمام(علیه السلام)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الأول القسم الثانی

أشرنا سابقاً إلى أن الإمام(علیه السلام) خطب هذه الخطبة حین بعث معاویة النعمان بن بشیر لیرعب إحدى مناطق العراق ویضعف معنویات أهلها، فدعا الإمام(علیه السلام)الناس لقتالهم، غیر أن عجز أهل العراق وضعفهم جعلهم یردون بالسلب على دعوة الإمام(علیه السلام)، فخطب الإمام(علیه السلام)هذه الخطبة لغرضین: الأول: تحمیل أهل العراق المسؤولیة التامة للمصائب والویلات التی تتعرض لها البلاد بفعل هذا الضعف والذلة تجاه العدو، الثانی: لعل هذه الکلمات تؤثر فی تلک الأرواح الهامدة فتلتفت إلى عظم الأخطار التی کانت تتربص بها فتهم بموا جهتها. فقد قال(علیه السلام): «منیت بمن لا یطیع إذا أمرت ولا یجیب إذا دعوت» فمن الطبیعی أنّ أعظم القادة والاُمراء وأشجعهم لایسعهم فعل شیء إذا ما ابتلوا بمثل هؤلاء الأفراد، وما من فشل أو هزیمة تصیبهم إلاّ ویتحملون مسؤولیتها کاملة. ثم قال(علیه السلام): «لا أبا لکم: ما تنظرون بنصرکم ربکم»؟ إنّ جمیع الظروف متوفرة لدیکم من أجل القتال، فعندکم العدّة والعدد، کما تعلمون مؤامرات عدوکم وقد أحدق الخطر بکم، فماذا تنتظرون؟ أتتطلعون لقتلکم بهذه الذلة والهوان؟ وقد أشْرنا سابقاً إلى أن قوله(علیه السلام): «لا أبا لکم» إما یفید عدم تربیتهم التربیة الاُسریة الإسلامیة الصحیحة بحیث یبدون کل هذا الضعف والعجز، أو أنّه دعاء علیهم بان یمیت اللّه آبائهم، وهو الآخر کنایة عن الذلة والهوان الذی یستشعره الإنسان لفقد والده. ثم قال(علیه السلام): «أما دین یجمعکم ولا حمیة تحمشکم»(1)؟ فالواقع من شأن أی من هذین الأمرین دواء دائهم، فالدین حلقة إتصال یمکنها إستقطاب الفئات والطوائف المختلفة حول هدف مرکزی واحد، فاذا غاب الدین الذی یجمعهم، فانّ الغیرة الاجتماعیة وحبّ الاهل والوطن إنّما تسوقهم للاتحاد أمام العدو ومواجهته، غیر أنّ المؤسف له هو أنّ أهل العراق آنذاک قد فقدوا هذین الدافعین، فلم یکن دینهم محکماً راسخاً، کما لم تکن لهم حمیة تجعلهم یغضبون ویواجهون العدو. ولا شک أن مثل هؤلاء القوم یعتبرون عقبة کؤوداً فی طریق الحاکم. ومن هنا خاطبهم الإمام(علیه السلام)مصوراً حجم ضعفهم والذل الذی سیطر علیهم «أرید أن اُداوی بکم وانتم دائی کناقش الشوکة بالشوکة». (2)

ومن هنا قال(علیه السلام): «أقوم فیکم مستصرخ(3) وأنادیکم متغوثّاً،(4) فلا تسمعون لی قولاً، ولا تطیعون لی أمراً، حتى تکشف الاُمور عن عواقب المساءة»(5) فهل هناک أعظم من هذه المأساة، فی أن یبتلى مثل هذا الإمام(علیه السلام)الشجاع العالم العادل المجرب بمثل هؤلاء القوم الذین لایکترثون لصراخه ولا یطیعون أوامره. ویفید التأریخ أنّ هذا الأمر لم یقتصر على أمیرالمؤمنین (علیه السلام) وقد مارست الاُمّة نفس هذا الموقف مع الإمام الحسن والحسین(علیهما السلام)فقد وقعت حادثة کربلاء لیقتل الإمام وصحبه بتلک الشاعة، آنذاک ندم أهل الکوفة وهبوا للمطالبة بدم الحسین(علیه السلام)ولکن بعد أن وقع ما لم یکن ینبغی أن یقع، فقد تخلوا آنذاک عن دعم سفیر الحسین(علیه السلام)مسلم بن عقیل ونکثوا بیعته ولزموا بیوتهم، فبقى مسلم وحده یقاتل الأعداء حتى استشهد. وأخیراً خلص الإمام(علیه السلام) إلى هذه النتیجة «فما یدرک بکم ثار، ولا یبلغ بکم مرام».


1. «تحمش» من مادة «حمش»، قال صاحب المقاییس لها معنیین الغضب والنحافة، وقد وردت هنا بمعنى الغضب; أی ألیس لکم حمیة تغضبکم على عدوکم.
2. نهج البلاغة، الخطبة 121.
3. «مستصرخ» من مادة «صرخ»، الصراخ حین الخوف أو المصاب وطلب النصرة.
4. «متغوث» من مادة «غوث» بمعنى النصرة حین الشدة، وعلیه یطلق المتغوث على من یطلب نصرة الآخرین عند الشدائد.
5. «المساءة» مصدر مادة «سوء»، بمعنى فقد ان النعم المادیه أو المعنویة الدنیویة أو الاخرویة، البدنیة أو غیر البدنیة.

 

القسم الأول القسم الثانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma