عظمة وسعة النعم الإلهیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الثالث الخطبة 53

یختتم الإمام(علیه السلام) خطبته بالحدیث عن عظمة النعم الإلهیة التی أفاضها اللّه على البشریة لإثارة حس الشکر لدیه والتوجه إلى ربّه بما یقوده إلى السمو والرفعة والکمال والقرب من اللّه. فقال(علیه السلام): « وتاللّه لو إنّماثت قلوبکم انمیاث(1)، وسالت عیونکم من رغبة إلیه ورهبة منه دماً، ثم عمرتم فی الدنیا، ما الدنیا باقیة، ما جزت أعمالکم عنکم ـ ولو لم تبقوا شیئاً من جهدکم ـ أنعمه علیکم العظام، وهداه إیاکم للایمان» فقد شرح الإمام(علیه السلام)بهذه العبارات البلیغة أقصى جهود الإنسان کما وکیفا فی طاعة اللّه، فمن ناحیة الکیفیة أنّه لو ذاب فی طاعة اللّه واصطرخت کافة ذرات جسمه وحلقت روحه فی سماء العبودیة، ومن الناحیة الکمیة لو دام هذا العمل طیلة حیاة ابن آدم، فمع ذلک لایسعه أن یؤدی حق شکر النعم الإلهیة، بل شکر نعمة واحدة، حیث صرحت بعض الروایات بان ذات الشکر نعمة ینبغی للإنسان الشکر علیها. وما أروع ما قال الشاعر:

شکر الاله نعمته موجبة لشکره *** وکیف شکری بره وشکره من بره(2)

فالواقع أنّ الإمام(علیه السلام) أشار بتلک العبارة إلى عدم محدودیة النعم الإلهیة. وهو کالتعبیر القرآنی فی الآیة 27 من سورة لقمان بشأن علم اللّه: (وَلَوْ أَنَّ ما فِی الأَرْضِ مِنْ شَجَرَة أَقْلامٌ وَالبَحْرُ یَمُـدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر ما نَفِدَتْ کَلِماتُ اللّهِ) . نعم لیس للعبد سوى الاعراب عن ضعفه وعجزه أمام النعم الإلهیة. الجدیر بالذکر أنّ الإمام(علیه السلام)یؤکد على نعمة الإیمان «وهداه إیّاکم للإیمان» من قبیل ذکر الخاص بعد العام. فقد أشار فی العبارة السابقة إلى الأنعم الإلهیة ثم خص هنا منها نعمة الإیمان على غرار ما جاء فی القرآن الکریم: (بَلِ اللّهُ یَمُنُّ عَلَیْکُمْ أَنْ هَداکُمْ لِلاِْیمانِ)(3). ولا تتأتى أهمیة الإیمان من کونها مفتاح سعادة البشر وجواز سفره إلى الجنّة فحسب، بل لأنّها الدافع لکافة الفضائل والأعمال الصحالة والرادع من الرذائل والأعمال السیئة، فالواقع هى أساس الدین والملفت للنظر فی العبارة أنّه(علیه السلام)نسب الهدایة للّه، وان حصل علیها الإنسان باختیاره وإرادته; وذلک لتعذرها على الإنسان بمفرده ما لم تشمله العنایة الإلهیة ویرشده الأنبیاء والأولیاء والکتب الإلهیة إلیها، ومن هنا نسأل اللّه فی صلواتنا الیومیة لیل نهار الهدایة.

ویبدو من الأهمیة فی نهایة الخطبة الإلتفات إلى هذه النقطة وهى أن القسم الأول لها بعد المقدمة حیث یعد القلوب من خلال تنبیهها إلى تقلب أحوال الدنیا وزوالها، بینما یوجهها فی القسم الثانی والثالث إلى طاعة الله وکسب الفضائل ودفع الرذائل. مع هذا الفارق فی تأکید القسم الثانی على أهمیة القرب من الله ومطلوبیة کل سعی وجهد للوصول إلى هذا الهدف، أما القسم الثالث فیرد ساحة القدس الربوبی صاحب الفضل عن طریق مسألة شکر المنعم، فالوجدان هو الذی یشهد بضرورة هذا الشکر.


1. «انمیاث» من مادة «موث» على وزن موت بمعنى الذوبان، وانمیاث من باب الانفعال، ویعنی فی العبارة بذل قصارى الجهد فی سبیل اللّه.
2. بیت الشعر إقتباس من حدیث عن الإمام السجاد والصادق(علیهما السلام)، بحارالانوار، 13 / 351 المناجاة الخمسة عشر مناجاة الشاکرین.
3. سورة الحجرات / 17.

 

القسم الثالث الخطبة 53
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma