أشار الإمام(علیه السلام) إلى برنامج وخطة حربیة فقال «أما بعد فقد بعثت مقدمتی(1) وأمرتهم بلزوم هذا الملطاط(2) حتى یأتیهم أمری» فنهر الفرات یقع غرب دجلة، فیکون دجلة شرقه، وعلیه فان مقدمة جیش الکوفة تتحرک من جانب الفرات إلى الشمال باتجاه الجانب الغربی للفرات، وقد أمر الإمام(علیه السلام) بمواصلة هذا السیر من قبل الجیش، بینما إتجه(علیه السلام) من الفرات إلى الشرق نحو المدائن لتعبئة أکبر عدد ممکن من الناس، ثم قال(علیه السلام) «وقد رأیت أن أقطع هذه النطفة(3) إلى شرذمة(4) منکم موطنین أکناف(5) دجلة، فأنهضهم معکم إلى عدوکم وأجعلهم من أمداد القوة لکم». وهکذا ورد الإمام(علیه السلام) شرق العراق والمدائن، وبینما کانت مقدمة جیش الإمام(علیه السلام)تواصل زحفها فی غرب الفرات، ولما بلغهم قدوم معاویة نحوهم بجیش عظیم، عبروا الفرات واتجهوا إلى الشرق صوب الإمام(علیه السلام) حذراً من محاصرتهم من قبل العدو ولم یستعدوا بعد لخوض القتال، فاستحسن ذلک منهم الإمام(علیه السلام)فلما اکتمل الجیش سار به الإمام(علیه السلام)لمواجهة العدو. جدیر بالذکر أنّ مفردة «ملطاط» من مادة ملط أو لط هنا بمعنى شاطئ الفرات ـ نعم فقد دلهم الإمام(علیه السلام) المسیر لیتقدموا من جانب شاطئ الفرات لأنّ الشام کانت فی جهة الشمال، والفرات ینحدر من الشمال إلى الجنوب، وهکذا لا یکون الجیش فی مشقة من حیث الماء والهواء وظلال الأشجار، ولا یضلون الطریق، إلى جانب سهولة الالتحاق بهم، وعلیه فهذا المسیر ینطوی على عدّة فوائد والتعبیر بالنطفة عن ماء الفرات حسب ما قال السید الرضی (ره) هو من غریب العبارات وعجیبها، فالمفردة على ضوء ما صرح به جمع من أرباب اللغة تعنی الماء الخالص، وقیل الماء الجاری، وکیفما کان فهى إشارة إلى عذوبة ماء الفرات وخلوه من الاملاح، وإن کان ظاهره قلیل الکدورة.
قال السید الرضی (ره): یعنی(علیه السلام) بالملطاط هاهنا السمت الذی أمرهم بلزومه، وهو شاطئ الفرات، ویقال ذلک أیضا لشاطئ البحر، وأصله ما استوى من الأرض، ویعنی بالنطفة ماء الفرات، وهو من غریب العبارات وعجیبها.