السعی القلیل وإن کثر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الثانیالقسم الثالث

ما أن فرغ الإمام(علیه السلام) من تصویر حقیقة الدنیا وسرعة زوالها حتى تطرق إلى الثواب والعقاب فی الآخرة ومصیر الإنسان هناک على أنّها تمثل الهدف لهذه الدنیا. وبعبارة اُخرى کان القسم الأول من کلامه مقدمة لهذا القسم الذی یشیر فیه إلى الهدف الغائی وهو القرب من اللّه ونیل ثوابه واجتناب عقابه فقال(علیه السلام): «فو اللّه لو حننتم(1) حنین الوله(2) العجال(3) ودعوتم بهدیل(4) الحمام وجأرتم جؤار(5) متبتلی(6) الرهبان(7) وخرجتم إلى اللّه من الأموال والاولاد إلتماس القربة إلیه فی إرتفاع درجة عنده أو غفران سیئة أحصتها کتبه وحفظتها رسله لکان قلیلا فیما أرجو لکم من ثوابه وأخاف علیکم من عقابه» فقد إستعار الإمام(علیه السلام) ثلاثة تشبیهات للتضرع إلى اللّه واستفراغ الجهد فی الانقطاع إلیه، التشبیه الأول: الصوت الذی تخرجه النوق الوالهة الفاقدة لأولادها، وهو الصوت الحزین الذی یرق له القلب حین سماعه، التشبیه الثانی: هدیل الحمام حین إجتماعها، والهدیل یطلق على فرخ الحمام کما یطلق على صوتها، وتعتقد العرب أنّ الهدیل حمامة على عهد نوح(علیه السلام) بقیت وحدها وماتت عطشاً، ومنذ ذلک الیوم والحمام ینوح علیها، التشبیه الثالث: بکاء الرهبان المنقطعین عن الدینا القابعین فی صومعاتهم، والذین ینوحون عند الطقوس الدینیة وقد إشتد نیاحهم بفعل إنقطاعهم عن الدنیا. ولم یکتف الإمام(علیه السلام) بهذا التضرع والنوح والبکاء فقال: «وخرجتم إلى اللّه من الأموال والاولاد» أی ولو ترکتم أموالکم وأولادکم من أجل القرب إلى اللّه کان قلیلاً. والدلیل واضح على ذلک فالدنیا وما فیها لاتعدل جناح بعوضة من الآخرة، وهى لیست سوى قطرة إلى بحر، ومن الطبیعی أنّ الإنسان لایخرج من ماله وولده ما لم یقف على هذا المعنى. وقد وردت هذه المقارنة بین الدنیا والآخرة فی خطبة المتقین بقوله(علیه السلام):«صبروا أیاما قصیرة أعقبتهم راحة طویلة»(8).


1. «حنین» بمعنى الشفقة والرأفة والرحمة وتقال عادة مقترنة بالأنین والألم، و «اُستن حنانة» تطلق على العمود الخشبی الذی ورد فی الروایة أن رسول الله (صلى الله علیه وآله) کان یستند إلیه ویخطب الناس، ثم استبدل بالمنبر فکان ذلک العمود یتأوه لفراق النبی(صلى الله علیه وآله).
2. «وله» جمع «واله» و«والهة» من مادة «وله» على وزن ولع بمعنى شدة الهم الذی یذهب بالعقل ویفقد التمییز.
3. «عجال» جمع «عجول» من مادة «عجلة» بمعنى السرعة فی العمل ، کما تطلق على المرأة التی تثکل بولدها.
4. «هدیل» یطلق على الحمام کما یطلق أحیاناً على نوحه وهو من الهدل على وزن العدل بمعنى الصوت العذب.
5. جؤار له معنى مصدری وهو الصوت المرتفع المشوب بالتضرع والنجدة.
6. متبتل من مادة تبتل بمعنى الإنفصال والإعتزال وتطلق على الرهبان الذین یعتزلون المجتمع وینهمکون بالعبادة. ومن ألقاب الزهراء(علیها السلام) البتول لإنقطاعها إلى الله وأفضلیتها على سائر النساء فی الفضل والعلم والمعرفة. وورد فی بعض الروایات أن التبتل هو رفع الید بالدعا.
7. «رهبان» جمع «راهب» من مادة «رهب» على وزن رحم بمعنى الخوف، الخوف مع ضبط النفس والرهبانیة تعنی شدة العبودیة وترک الدنیا، وهى بدعة ابتدعها طائفة من النصارى، حیث یقاطع الفتى اَوالفتاة الزواج ویقبع فی زاویة من الدیر وینهمک بالعبادة، وقد ورد النهی عنها فی الاسلام، فقد قال(صلى الله علیه وآله): «لا رهبانیة فی الاسلام».
8. نهج البلاغة، الخطبة 193.

 

القسم الثانیالقسم الثالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma