الصمود أمام العواصف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الأولالقسم الثانی

ذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى أنّ الفصل الأول من الخطبة یتضمن ذکر الإمام (علیه السلام)لمقاماته فی الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر أیام أحداث عثمان، وکون المهاجرین والأنصار کلهم لم ینکروا ولم یواجهوا عثمان بما کان یواجهه به وینهاه عنه إلاّ أنّ سیاق الکلام یشیر إلى الحوادث التی وقعت على عهد النبی (صلى الله علیه وآله)ولا سیما فی بدایة انطلاق الدعوة الإسلامیة. فقال (علیه السلام)«فقمت بالأمر حین فشلوا وتطلعت(1) حین تقبعو(2) ونطقت حین تعتعو(3) ومضیت بنور الله حین وقفوا. وکنت أخفضهم صوتاً وأعلاهم فوت(4)» ثم أضاف (علیه السلام) أنّه تألق تلک المدة وحاز السبق على الآخرین «فطرت بعنانها واستبددت برهانه(5)، کالجبل لا تحرکه القواصف ولا تزیله العواصف، لم یکن لأحد فىّ مهمز(6) ولا لقائل فی مغمز(7)».

فقد أشار الإمام(علیه السلام) إلى أربعة اُمور هى: ـ

الأول: أنّ الآخرین کانوا آنذاک یعانون من الضعف والعجز، وأنا الذی نهضت بالأمر وقمت بوظیفتی.

الثانی: أنّ الخوف دفع الآخرین آنذاک لأن یقبعوا فی جحورهم وأنا الذی إنبریت للأمر وکنت أتطلع إلى العدو.

الثالث: أنا الذی نطق لسانی بالحق وبیان الحقائق الدینیة والتعالیم الإسلامیة حین عجز الآخرون عن الکلام.

الرابع: لم یعترینی الشک آنذاک کما إعترى الآخرین فواصلت سبیلی على هدی من ربی ونور إیمانی ویقینی بالوحی.

ورغم کل ما تقدم لم أکن لأتفاخر على أحد «کنت أخفضهم صوتاً» ثم یخلص(علیه السلام)من کل ذلک إلى نتیجة مؤداها «فطرت بعنانها واستددت برهانها». ثم یعود(علیه السلام)للتأکید على ما مضى من حوادث وکیف واجهها فقال «کالجبل لا تحرکه القواصف ولا تزیله العواصف» مع ذلک فقد خضت ما خضت و«لم یکن لأحد فىّ مهمز ولا لقائل فىّ مغمز».

کما أوردنا آنفا فانّ المراد بهذه العبارات ما حدث فی بدایة إنبثاق الدعوة الإسلامیة; لأننا نعلم جمیعاً بانّ علیاً (علیه السلام) کان أول من أسلم حین کان الإسلام غریباً ولم یکن هناک من یهب للدفاع عن الإسلام والقرآن والنبی(صلى الله علیه وآله) ; المعنى الذی یلمس بوضوح فی یوم الدار حین انطلقت الدعوة الإسلامیة للعلن بعد ثلاث سنوات من الدعوة السریة.

ولم یجب النبی (صلى الله علیه وآله) ویعلن دعمه له ووقوفه إلى جانبه سوى علی (علیه السلام) وفی لیلة المبیت نام على فراش رسول الله (صلى الله علیه وآله) لینجو من مؤامرة قریش التی استهدفت قتله، ناهیک عن فتح خیبر حین عجز الآخرون، وبروزه لعمرو بن عبدود العامری فی الأحزاب حین لم یکن غیره من انبرى لقتاله.

کما یحتمل أن یکون المراد بالقیام بالأمر والجمل اللاحقة الدفاع عن الإسلام على عهد الخلفاء، لانّ أغلب المورخین المسلمین یقرون بان علیاً (علیه السلام) کان المفزع فی حل المشاکل والمعضلات التی تواجه المسلمین.

فقد وردت العبارة المعروفة عن الخلیفة الثانی عمر بن الخطاب «اللّهم لا تبقنی لمعضلة لیس لها أبو الحسن»(8).

أو ما تناقلته کتب الفریقین والتی تؤکد هذا المعنى، حتى صرح بعض أرباب اللغة أنّ العبارة «مشکلة لیس لها أبو الحسن» أصبحت مثلاً لدى العرب. وهنالک إحتمال ثالث فی أن یکون المراد قیامه (علیه السلام)بأمر الخلافة بعد انهیار حکومة عثمان وإثر تلک العواصف التی عصفت بالمسلمین بعد مقتل الخلیفة الثالث، فقد تصدعت آنذاک عرى المجتمع الإسلامی، وقد تأهبت عناصر النفاق ومن تبقی من أسلاف الجاهلیة ومشرکی العرب، فلم یکن للاُمّة من أمل سوى علی (علیه السلام)، أجل لقد نهض الإمام (علیه السلام) بالامر فی ظل تلک الظروف وحفظ وحدة المسلمین.

أما قوله «کنت أخفضهم صوتاً» فلعله إشارة إلى تواضع الإمام (علیه السلام) إلى جانب کل تلک الانتصارات والنجاحات، أو إشارة إلى أن الإمام (علیه السلام) لم یکن من أهل التظاهر وإثارة الصخب والضوضاء فهذه معانی الأفراد الضعفاء العجزة.

ومن هنا أردفها بقوله «وأعلاهم فوتا» التی تعنی السبق على الآخرین، السبق فی الإیمان والهجرة، والسبق بالجهاد والقتال، وأخیرا السبق فی کافة الفضائل الأخلاقیة.

وقوله (علیه السلام)«فطرت بعنانها واستبددت برهانها» هو الآخر تأکید لهذا الأمر، ولا سیما أن فاء التفریع وردت فی البدایة کنتیجة للبرامج السابقة، أی أنّی رکبت مرکب النصر وسبقت الآخرین، وذلک لانّی لم أشعر بالضعف طرفة عین ولم أهب الحوادث المرعیة وأفقد الفرص المواتیة، ومع ذلک لم أثیر أیة ضجة أو صخب وضوضاء.

ثم یشبه نفسه (علیه السلام) بالجبل العظیم الذی لا تحرکه القواصف ولا تزیله العواصف. والطریف فی الأمر أن الإمام (علیه السلام) ذکر القواصف ثم أردفها بالعواصف، وذلک لان القواصف تعنی الریاح العاتیة الکاسرة، والعواصف الریاح السریعة الجارفة، فی اشارة إلى أنّ الحادثة کانت من الشدة بحیث تقضی على الإنسان فی موضعه، وأحیانا تکون أکثر شدة فتجرفه کما تجرف أوراق الشجر وتقذف به فی مکان سحیق.

ثم قال (علیه السلام): «ولم یکن لأحد فی مهمز ولا لقائل فی مغمز». فالمعروف أنّ من یعمل یخطی ومن یرد المیدان الاجتماعى ویمارس الأنشطة والفعالیات فانّه یتعرض إلى بعض الانتقادات من هنا وهناک، فما ظنک بالإمام(علیه السلام) الذی کان سباقاً فی کل المیادین. وبالطبع فانّ العیوب والمطاعن فی غیره لم تحص رغم ندرة إقتحامه للمیدان الاجتماعى.(9)


1. «تطلعت» من مادة «طلع» بمعنى مد العنق بحثا عن شی، وأصلها طلوع بمعنى الظهور والبروز.
2. «تقبعوا» من مادة «قبع» بمعنى الاختباء، وأصله تقبع القنفذ إذا أدخل رأسه فی جلده.
3. «تعتعوا» من مادة «عتع» بمعنى تلعثم اللسان، والمراد ترددوا فی کلامهم.
4. فوت تعنی فقدان الشی، وتطلق على التفاوت بین شیئین وابتعاد هما عن بعضهما بحیث لا یدرک أحد هما الآخر، ومن هنا تطلق هذه المفردة على من یسبق الآخرین، وهذا هو الذی ارید بها فی العبارة.
5. «الرهان» من مادة «رهن» بمعنى جعل الشی عند الاخر، ومن هنا یطلق الرهن على وثیقة الدین، کما یطلق الرهان على جوائز المسابقات، والمراد بقوله «استبددت برهانها» إنفردت بجائزة هذه المسابقة الإلهیة.
6. لم یکن فی مهمز من الهمز یعنی لم یکن فی عیب أعاب به.
7. «الغمز» بمعنى الطعن والغماز من یبحث عن العیوب ویطعن بالناس، وهذا هو المراد بالعبارة.
8. ورد هذا الحدیث بعدة تعبیرات فی أغلب مصادر العامة، ومن أراد الوقوف على المزید فلیراجع الغدیر 3 /97.
9. لقد أوردنا توضیحات مسهبة بهذا الشأن فی شرح الخطبة الشقشقیة.

 

القسم الأولالقسم الثانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma