حقی علیکم وحقکم علی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الرابع1ـ الحقوق المتبادلة للإمام والاُمّة

یختتم الإمام (علیه السلام) خطبته بالتعرض لاهم القضایا المرتبطة بالحکومة والتی تکمن فی حق الإمام على الاُمّة وحق الاُمّة على الإمام، فیوجزها بعبارات مقتضیة عظیمة المعانی، حیث یشیر إلى أربعة متبادلة لکل منهما. فقد تحدث بادى زی بدء عن حقوق الاُمّة، ومن شأن تقدیم حقوق الاُمّة على الإمام على العکس، أنّه مدعاة للتأثیر فی نفوس السامعین، إلى جانب کشفه عن البعد الشعبی والجماهیری للحکومة الإسلامیة، کما یفید عمق فارق هذه الحکومة مع الحکومات المستبدة الغاشمة والحکام الطغاة الذین یرون أنفسهم ما لکی رقاب الاُمّة فیعاملونها معاملة المالک والمملوک أو الاقطاع والمزارع.

فقد قال (علیه السلام):«أیها الناس إنّ لی علیکم حقاً، ولکم علی حق».

والحق وإن ذکر بصورة مفردة إلاّ أنّه یفید معنى جنس الحق الذی ینطوی على مفهوم عام، أما تنکیره فیشیر إلى عظمة هذه الحقوق، لأنّ الاتیان بالنکرة قد یفید التعظیم أحیاناً.

فیتطرق الإمام (علیه السلام) إلى الحق الأول للاُمّة فیقول «فأمّا حقکم على: فالنصحیة لکم».

النصیحیة تعنی الخلوص ومن هنا یصطلح على العسل الخالص بالناصح.

کما وردت بمعنى الخیاطة، ولذلک یطلق الناصح على الخیاط، ثم اطلقت على کل عمل خیر خالص خال من الغل والغش.

وتستعمل هذه المفردة بشأن الله والنبی والقرآن وأفراد الاُمّة والإمام والأمّة، حیث تتمتع بالإشارة إلى أحد مصادیقها الواسعة حسب مقتضى الحال ومورد الاستعمال.

وقد ورد فی بعض المصادر اللغویة أنّ النصیحة تشتمل على معان متفرقة، فمثلاً النصیحة لله تعنی الاعتقاد بوحدانیته واخلاص النیّة له فی العبادة ونصرة الحق، والنصحیة للقرآن تعنی التصدیق به والعمل بأحکامه والدفاع عن آیاته، تجاه تأویل الجهلاء وتحریف الغلاة، والنصحیة للنبی هى التصدیق بنبوته ورسالته وطاعة أوامره.

ومن هنا یبدو أنّ المراد بالنصیحة فی العبارة العمل من أجل الارتقاء بالجوانب المادیة والمعنویة للاُمّة من خلال البرامج والمشاریع الصحیحیة، حیث تشکل هذه المشاریع الخطوة الاولى لتحقیق خیر الاُمّة، وعلیه فلابدّ أن یکون للإمام والولی والزعیم مشروعاً صحیحاً وجامعاً یتضمن تأمین المصالح المادیة والمعنویة لأفراد الاُمّة ویأخذ بایدیهم إلى الکمال المنشود.

والحق إن هذه المسألة لمن المسائد الحیویة المهمّة فی عالمنا المعاصر والتی تحظى بأهمیة فائقة، حیث یعتقد أغلب العلماء والمنکرین أن العراقیل التی تنطوی علیها المسیرة الاجتماعیة إنّما أفرزتها بالدرجة الأساس مشکلة عدم وجود المشاریع والخطط الصحیحة.

ثم یشیر (علیه السلام) إلى الحق الثانی ـ ذات الصلة بالجانب الاقتصادی ـ فیقول «وتوفیر فیئکم علیکم.»

فالعدالة الاجتماعیة فی المجال الاقتصادی تعد من أهم مشاکل المجتمعات البشریة، فأغلب الحروب والنزاعات الدمویة ومعظم المفاسد الاجتماعیة إنّما تعزى إلى تغییب العدالة الاجتماعیة.

ومن هنا فانّ إعادة الأمن والسلام والنظام والاستقرار والوقوف بوجه المفاسد الاخلاقیة ومختلف الانحرافات إنّما تتطلب بادىء ذی بدء إحیاء العدالة الاجتماعیة وتفعیلها فی المجتمع.

وإستناد إلى أنّ المفردة «فیء» حسب أرباب اللغة أنّها العودة والرجوع إلى حالة الخیر والاحسان، فانّها تطلق إیضاً على الظل حین یرجع من طرف الغرب إلى الشرق.

وتطلق هذه المفردة فی الآیات القرآنیة والاحادیث النبویة على الأموال التی تصل المسلمین من الکفار، فقد تطلق على الأموال التی تصل دون القتال، وحتى على مثل هذه الأموال والانفال التی تعنی الثروات الطبیعیة للحکومة الإسلامیة التی لیست لها ملکیة شخصیة.

والفیئ فی العبارات المذکورة تعنی جمیع أموال بیت المال، فقوله (علیه السلام) توفیر فیئکم تعنی أنّ وظیفة الحاکم الإسلامی تعنی إداء الأموال العامة إلى المحتاجین والمعوزین وأصحاب الحق، أی تنظیم الاُمور الاقتصادیة والمعاشیة للاُمّة أما الحق الثالث الذی أشار إلیه الإمام (علیه السلام)فیرتبط بالتعلیم والشؤون الثقافیة «وتعلیمکم کیلا تجهلوا».

نعم فالإمام لابدّ أن یعتمد الاسلوب التعلیمی الصحیح ویهب لمکافحة الجهل والاُمیة ویرفع المستوى الثقافی لدى الناس ویستأصل جذور الجهل التی تقود الاُمّة إلى التخلف والانحطاط. وأمّا الحق الرابع والأخیر فهو «وتأدیبکم کیما تعلموا».

فالواقع أنّ الإمام (علیه السلام) أوجز الحقوق المهمّة للاُمة فی أربع هى:

1ـ المشاریع والخطط الصحیحة

2ـ العدالة الاجتماعیة فی المجال الاقتصادی

3ـ التعلیم

4ـ التربیة والتهذیب والقضاء على الفساد الاخلاقی

جدیر بالذکر أنّ الإمام عبر عن الحق الثالث بقوله «وتعلیمکم کیلا تجهلوا» والحق الرابع «وتأدیبکم کیما تعلموا».

والحال أنّ نتیجة التعلیم هى العلم والمعرفة، بینما یقود التأدیب إلى تربیة الخصال الأخلاقیة لا العلم والمعرفة، إلاّ أنّ مراد الإمام (علیه السلام):

لابدّ أن تقفوا على آثار الفضائل وأضرار الرذائل، لتتحلوا بالاولى وتواجهوا الثانیة ـ فالحق الثالث یشیر فی الواقع إلى العقل النظری بینما یشیر الحق الرابع إلى العقل العملی ثم تطرق الإمام (علیه السلام) إلى حقوق الإمام على الاُمّة الإسلامیة وأوجزها هى الاُخرى فی أربع فقال(علیه السلام):«وأما حقی علیکم: فالوفاء بالبیعة».

والبیعة هى العهد بین الاُمّة والإمام; العهد الموثق الذی یجب العمل به، وعلى ضوء هذا العهد فانّ الإمام والحاکم لابدّ أن یأخذ بنظر الاعتبار مصالحة الاُمّة ویرسى دعائم الأمن والاستقرار ویقاتل العدو ویمهد السبیل أمام الاُمّة للسمو والتکامل، کما یجب على الاُمّة أن تشد أزره وتقف إلى جانبه وتتجنب کل ما من شأنه تشد أزره وتقف إلى جانبه وتتجنب کل ما من شأته المساس بهذا العهد والمیثاق الحق الثانی الذی ذکره الإمام (علیه السلام):«والنصیحة فی المشهد والمغیب» فلا یکونوا منافقین یظهرون المحبّة والاخلاص فی حضوره، فان غاب عاثوا الفساد وسلکوا الخیانة.

فقد لایکون الإمام حاضراً بینهم على الدوام، إلاّ أنّ الله حاضرا لا یخفى علیه شئ ولا ینبغی أن یعیش المومن الغفلة عن هذا الأمر أمّا الحق الثالث الذی ذکره الإمام (علیه السلام):«والإجابة حین أدعوکم» فلا ینبغی أن تتعللوا ببعض الذرائع فراراً من مواکبتی، لابدّ أن تطیعوا أوامری وتقتفوا أثری، والحق الرابع والاخیر «والطاعة حین آمرکم» فلعل البعض یلبی دعوة الإمام، إلاّ أنّه لایطیع مایصدره من أوامر، وعلیه فاجابة الدعوة لابدّ أن تکلل بطاعة الاوامر.

وبالطبع فانّ حقوق الإمام على الاُمّة إنّما تعود بالنفع مباشرة على الاُمّة، وعلیه فلا ینبغی لهم أن یمنوا على الإمام، بل الإمام یمن على الاُمّة بانه یعتمد هذه الحقوق لاعادة الأمن والاستقرار إلى الاُمّة واعمار بلادها. وقد صرح بعض شرّاح نهج البلاغة بأنّ هذه الحقوق المتبادلة إنّما تختص بالإمام العادل المنصوب من جانب الله سبحانه، لا لکل إمام صالح کان أم طالح، ومن هنا قال الإمام(علیه السلام): «إنّ لی علیکم حقاً»(1).

لکن یبدو أنّ عبارة الإمام شاملة عامة وهذا ما یفهم من قوله (علیه السلام)«لابدّ الناس من أمیر بر أو فاجر»(2) فکل من تزعم أمور المجتمع وأراد أن ینهض بالاُمّة لابدّ أن یحترم الحقوق الأربع التی ینبغی أن تتمتع بها الاُمّة والتی أشار إلیها الإمام (علیه السلام) ویبدو أن العقل والمنطق یرشد إلى ما أورده الإمام (علیه السلام) فی الخطبة.


1. مفتاح السعادة 6 / 84 ـ 85 .
2. نهج البلاغة، الخطبة 40.

 

القسم الرابع1ـ الحقوق المتبادلة للإمام والاُمّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma