الوقوف المشرف إلى جانب رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
نظرة إلى الخطبة 1 ـ ثانی فتن البصرة

أشار إبن میثم البحرانی فی شرحه إلى بعض الخطبة الذی لم یرد فی کلام السید الرضی (ره) والذی له تأثیر على فهم مضمون هذه الخطبة، فقال: روى البعض أنّ الإمام(علیه السلام)خطب هذه الخطبة حین أراد الناس الصلح مع جیش معاویة (بینما کان الإمام(علیه السلام)مخالف ذلک ولو لا اصرار البعضى منهم لما وافق) فقد إستهل الإمام(علیه السلام)کلامه قائل: «إن هؤلاء القوم لم یکونوا لیفیئوا إلى الحق ولا لیجیبوا إلى کلمة سواء حتى یرموا بالمناشر تتبعها العساکر، وحتى یرجموا بالکتاب تقفوها الجلائب، وحتى یجر ببلاده الخمیس یتلوه الخمیس، وحتى تدعق الخیول فی نواحی أراضیهم، وبأعناء مشاربهم ومسارحهم، حتى تشن علیهم الغارات من کل فج عمیق، وحتى یلقاهم قوم صدق صبر، ولا یزیدهم هلاک من هلک من قتلاهم وموتاهم فی سبیل اللّه إلا جدا فی طاعة اللّه وحرصاً على لقاء اللّه. ولقد کنا مع رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) الفصل»(1) وعلیه فانّ مصالحة هؤلاء القوم الجفاة لا تنطوی سوى على الاحباط والفشل، وذلک لأنّهم لایفهون منطق الصلح ولا یمکنهم التعایش مع الآخرین بسلام ولا یدرکون سوى منطق القوة، وهذا ما کشفت عنه أحداث صفین. على کل حال واصل الإمام(علیه السلام)خطبته لیتحدث عن مقومات النصر وعوامل الفشل والهزیمة فقال(علیه السلام):«ولقد کنّا مع رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)نقتل آباءنا وابناءنا واخوننا واعمامنا» فی إشارة إلى ضرورة عدم الالتفات إلى قرابة کائن من کان إذا وقف کعقبة أمام المسیرة، الأمر الذی أشار إلیه القرآن الکریم: (قُلْ إِنْ کانَ آباؤُ کُمْ وَأَبْناؤُ کُمْ وَإِخْوانُکُمْ وَأَزْواجُکُمْ وَعَشِیرَتُکُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ کَسادَها وَمَساکِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَیْکُمْ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهاد فِی سَبِیلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتّى یَأْتِىَ اللّهُ بِأَمْرِهِ)(2) ثم قال(علیه السلام): «ما یزیدنا ذلک إلا إیمانا وتسلیما ومضیا على اللقم»(3) وصبرا على مضض(4) الالم وجدا على جهاد العدو» فما أشار إلیه الإمام(علیه السلام)بهذه العبارة إنّما یمثل واقعة تأریخیة، فقد مثل أمام المسلمین فی أغلب المعارک ولا سیما معرکة بدر قرابتهم وعشیرتهم، فما کان من المسلمین إلاّ أن قاتلوهم بکل بسالة دون أن یکترثوا لتلک القرابة رغم احترام العرب المنقطع النظیر للروابط القبلیة. ثم قال(علیه السلام): «ولقد کان الرجل منا والآخر من عدونا یتصاولان(5) تصاول الفحلین یتخالسان(6) أنفسهما أیهما یسقی صاحبه کأس المنون، فمرة لنا من عدونا ومرة لعدونا منا» فی إشارة إلى أنّه لیس من الضرروی أن ینتصر الحق على الباطل فی کافة المعارک وطیلة المجابهة، فقد یتغلب الباطل على الحق أحیاناً إلاّ أنّ الحق وعلى ضوء الوعد الإلهی منتصر فی خاتمة المطاف ـ وعلیه فلا تتوقعوا عدم بروز المشاکل خلال مجابهة أهل الشام، کما أنّ هذه المشاکل لا ینبغی أن تقود إلى
التمرد على أوامر الإمام(علیه السلام)، ما سیرة النبی(صلى الله علیه وآله)وصحبه إلاّ دلیل واضح على هذا الأمر، ومن هنا قال(علیه السلام):«فلما رأى اللّه صدقنا أنزل بعدونا الکبت(7) وأنزل علینا النصر، حتى إستقر الإسلام ملقیا جرانه(8) ومتوئاً أوطانه» فالإمام(علیه السلام) أشار هنا إلى العامل الرئیسی لانتصار المسلمین الأوائل ویلوح إلى عناصر فشل أهل الکوفة، فقد نسب العامل الرئیسی للانتصار إلى صدق النیة التی تمثل الدافع الأصلی للصمود والمقاومة أمام العدو والطاعة التامة للزعامة الربانیة. ولو تلوثت هذ النیة وسیطرت الأنانیة على الإنسان، آنذاک ستکون إرادته وقراره مستنداً لاهوائه وطیشه وغروره; الأمر الذی یقود إلى الهزیمة والفشل. ومن الطبیعی ألا تشمل عنایات اللّه وألطافه ونصره مثل هؤلاء الأفراد، ثم خلص الإمام(علیه السلام)لهذه النتیجة: «ولعمری لو کنا نأتی ما أتیتم ، ما قام للدین عمود ولا إخضر للایمان عود» فهل تعلمون من قوم فی أی عصر ومصر إنتصروا یفرقتهم واختلافاتهم، فاذا رجعتم قلیلا إلى الوراء لرأیتم أنّ النصر الخاطف الذی حققه رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) خلال تلک المدة القصیرة حتى ترسخت دعائم الدین واتسع نطاق الإسلام لیشع بنوره على ظلمات الشرق والغرب فانّ ذلک کان بفضل الإیمان والطاعة والجهاد، بینما تمارسون الآن عکس ذلک وتحلمون بالنصر. وأخیراً یحذرهم(علیه السلام)بالقول: «وأیم اللّه لتحتلبنها دماً، ولتتبعنها ندماً».

فقد تضمنت العبارات الاخیرة للإمام(علیه السلام) ثلاثة تشبیهات: الأول: تشبیه الإسلام بالخیمة واعمدته الجهاد. حیث نعلم بأنّ الخیمة موضع الأمن والراحة من الحرارة المحرقة والبرودة القارسة، الإسلام هو الآخر موضع أمن البشریة ووسیلة نجاتها من العواصف القاتلة. الثانی: تشبیه الإیمان بالشجرة التی إخضرت غصونها بدماء المؤمنین فی صدر الإسلام. والثالث: تشبیه الحکومة بالناقة التی تحتلب الدم بدلاً من اللبن بسبب تعفن ضرعها أو العبث والإفراط فی إحتلابها، أی أنّها، أعطت نتیجة معکوسة، فاللبن من أفضل طعام الإنسان ومواده الغذائیة، أمّا الدم فهو لیس بغذاء، بل مادة سامة مفسدة. وأخیراً فقد تحققت نبوءات الإمام(علیه السلام) بشأن تلک الطائفة الطاغیة، حیث تسلط علیهم الظلمة الذین ساموهم سوء العذاب.


1. شرح نهج البلاغة لابن میثم 2 / 146.
2. سورة التوبة / 24.
3. «لقم»: قال بعض أرباب اللغة وشرّاح نهج البلاغة تعنی معظم الطریق أو جادته، واصلها من اللقم على وزن العفو بمعنى السرعة فی الأکل.
4. «مضض» على وزن «مرض» بمعنى تجذر الهم فی القلب مع الحرقة.
5. التصاول من صول على وزن قول أن یحمل کل واحد من الندین على الآخر.
6. «تخالس» من مادة «خلس» على وزن درس کل واحد منها یطلب اختلاس روح الآخر.
7. «کبت» على وزن ثبت بمعنى الاذلال.
8. جران البعیر مقدم عنقه من مذبحه إلى منحره، القاء الجران کنایة عن التمکن، فالعبارة کنایة عن إتساع رقعة الإسلام ونصر المسلمین واستقرار الإسلام فی مختلف بقاع العالم.

 

نظرة إلى الخطبة 1 ـ ثانی فتن البصرة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma