الدهر وضیاع القیم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الأول1ـ ما مفهوم فساد الزمان؟

إستهل الإمام(علیه السلام) الکلام بخطاب عامة الناس ثم أشار الإمام (علیه السلام) فی الخطبة إلى الزمن الذی کان علیه الناس فقال:

«أیّها الناس أنا قد أصبحنا فی دهر عنود، وزمن کنود».

طبعا لیس المراد بالزمن الأیام والیالی والشهور والسنین بحیث توصف بالقبح والحسن والبغض والتنکر، بل أهل العصر والزمان الذین یتصفون بهذه الصفات، فاذا ما ذکر الزمان بالحسن والقبح فالمراد الناس، وإلاّ فلیس هنالک من تغییر فی شروق الشمس أو القمر ولا فی حرکة القمر حول نفسه أو حول الشمس.

فالشمس تشرق والمطر ینزل والأرض تخرج برکاتها للبشر ولا من تغییر، إلاّ أنّ الناس هم الذین یوصفون بسوء الأعمال وحسنها.

فقد عاش الإمام (علیه السلام) فی عصر لم یسع أغلب أفراده ـ سوى النزر الیسیر ـ إدراک عظمة روحه وسعة فکره والاحاطة بفضائله ومناقبه، وقد أدت بهم الثروات العظیمة التی أفرزنها الفتوحات الإسلامیة واتساع رقعة البلاد إلى التکالب على الدنیا والتهافت على زینتها والحرص على جمع الأموال وحب الجاه والمقام وتناسی القیم والمبادئ.

ثم تناول الإمام (علیه السلام) بعض خصائص الزمان آنذاک والذی یتصف بعناد الناس وجحودهم لیصفه فی خمس عبارات فقال: «یعد فیه المحسن مسیئاً ویزداد الظالم فیه عتوا» أو یمکن أن یتهم المحسن بالاثم ویثنى على الظالم؟ بلى إذا تغیّرت قیم المجتمع عد المحسن مسیئاً والمسیىء محسناً.

فإذا کان المال والثراء والقوة هى القیم ومعاییر الشخصیة، فستکون الصدارة فی ذلک المجتمع للظلمة والطغاة والجبابرة، بینما تمیع فى هذا المجتمع شخصیة المحسنین الذین یمدون ید العون إلى الفقراء والضعفاء وینفقون علیهم الأموال وینعتونهم بالحماقة والبلاهة.

وقد أشار القرآن الکریم إلى بعض نماذج الفساد الذی طال المجتمعات البشریة بفعل فساد التعامل مع القیم والتنکر لها ومن ذلک ما أورده بشأن قوم لوط الذین عزموا على إخراج نبیّهم ومن معه من المؤمنین الصالحین ولا ذنب لهم سوى الطهر والعفاف (وَما کانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْیَتِکُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ یَتَطَـهَّرُونَ)(1).

کما اعتبر الظلمة من قوم نوح تلک الثلة الخیرة التی آمنت باللّه والنبی بأنّها من أراذل القوم والسذج الذین لیس لهم من مزیة على من سواهم («ما نَراکَ إِلاّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراک اتَّبَعَکَ إِلاّ الَّذِینَ هُمْ أَراذِلُنا بادِىَ الرَّأْىِ وَما نَرى لَکُمْ عَلَیْنا مِنْ فَضْل بَلْ نَظُنُّکُمْ کاذِبِـینَ).(2)

نعم إذا فسد الناس وازداد حجم الظلم والاضطهاد تغیر وجه المجتمع وغیبت فیه القیم، وازداد الظالم طغیاناً وتجبرا وعدّ المحسن مجرما فیقصى من ذلک المجتمع.

ولیس هنالک من نتیجة سوى ما أشار إلیها الإمام (علیه السلام):«لاننتفع بما علمنا، ولا نسأل عمّا جهلنا».

والواقع أنّ هذه أسوأ حالة یعیشها الفرد أو المجتمع، أی أنّه لایستثمر علومه ومعارفه فی حل مشاکله ولایهم بالقضاء على الجهل و الاقبال على العلم، ولیس هنالک من نتیجة لهذین الأمرین سوى العوم فی بحر الجهل والجریمة، وهذا هو حال کافة الأفراد الذین یغضون الطرف عن مفاسد المجتمع ولایرون لأنفسهم من مسؤولیة فی ردعها سواء من خلال الیأس من الإصلاح أو التعود على هذا الفساد والتکیف معه.

ثم قال:«ولا نتخوف قارعة حتى تحل بنا.» الجدیر بالذکر أنّ الإمام (علیه السلام) أورد العبارات الأخیرة بصیغة التکلم مع الغیر وینسبها إلى نفسه ومن حوله; مع القطع بأنّه مبرأ من ذلک بفضل عصمته وورعه وتقواه، ولعل العبارة تهدف عدم جرح مشاعرهم وإثارة حفیظتهم فیجعل نفسه کأحدهم فی مثل هذه الاُمور.


1. سورة النمل / 56.
2. سورة هود / 27.

 

القسم الأول1ـ ما مفهوم فساد الزمان؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma