تماسک الإمام(علیه السلام) حیال القتال

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
نظرة إلى الخطبة الخطبة 56

کما ذکرنا فانّ الخطبة جواباً لأصحابه(علیه السلام) الذین استبطأوا إذنه لهم بالقتال فی صفین، فقد قال(علیه السلام) «أمّا قولکم: أکل(1) ذلک کراهیة الموت؟ فو اللّه ما أبالی، دخلت إلى الموت أو خرج الموت إلىّ». نعم إذا کان هنالک هدفا مقدساً کرضى اللّه فانّ الفرد المؤمن لابدّ أن یسارع إلى الشهادة ولا ینتظرها، فما أسمى أن یهب الإنسان نفسه ویضحى بها من أجل معشوقه ومعبوده. أضف إلى ذلک فسابقة الإمام(علیه السلام) فی الغزوات الإسلامیة لأشهر من نار على علم ولیست بخافیة على أحد ولا سیما صولاته فی بدر وأحد والأحزاب وخیبر وحنین وذوده عن رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)واستماتته من أجل نیل الشهادة، فکیف وهذا الحال یمکن توجیه هذه التهمة الباطلة لهذا الإنسان بتأخیر القتال خوف الشهادة. وقد تحدث الإمام(علیه السلام)عن مثل هذا المعنى فی الخطبة الخامسة والخطبة مئة وثلاث وعشرین حیث قال: «واللّه لابن أبی طالب آنس بالموت من الطفل بثدی أمه» وقال: «والذی نفس ابن أبی طالب بیده لألف ضربة بالسیف أهون علی من میتة على الفراش فی غیر طاعة اللّه».

وتشهد سیرة الإمام(علیه السلام) أنّه مارس هذا المعنى عملیاً فی حیاته وما أجهل تلک الجماعة من جیش أهل العراق التی وجهت مثل تلک التهمة للإمام(علیه السلام) وخشیته من الشهادة فی سبیل اللّه. قد یقال أنّ اُولئک لم یکونوا أدرکوا اولى الغزوات الإسلامیة. فنقول فهل یسعهم نسیان موقعة الجمل؟ الموقعة التی کان ینقض فیها الإمام(علیه السلام)کاللیث الضاری على جنود الأعداء فیمزق جموعهم وینزل حمم غضبه على رؤوسهم. بل کیف یمکن إتهامه وهو الذی یمثل الإیمان کله فی مقابل الشرک کله، أولیس هو القائل: «لقد کنت وما اهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب وإنی لعلى یقین من ربّی وغیر شبهة من دینی». وقوله(علیه السلام): «فو اللّه ما اُبالی» إشارة إلى هذه الحقیقة وهى أنّ الأفراد العادیین ممن لا هدف لهم، هم الذین یخشون الاتجاه نحو الموت، بل ینتظرون قدوم الموت إلیهم آخر عمرهم; بینما لیس هنالک من فارق بین الخروج إلى الموت أو قدوم الموت حسب الأجل المقدر بالنسبة لأهل الإیمان والورع والتقوى ولعل الموت یمکن تشبیهه هنا بالاسد المفترس، فالفرد العادی لا یتجه إلیه أبداً، أما الشجاع فیقدم على مواجتهه دون أن یشعر بخوف أو هلع، فالمؤمن الشجاع حین یرى فی الموت الشهادة فی سبیل اللّه ونیل رضوانه یستقبله بکل رحابة صدر، فلو قدر لهذا الموت أن یسلبهم ما تبقى من عمرهم، فانّهم سیستبدلون بذلک الخلود والبقاء. ثم تناول الإمام(علیه السلام) الاحتمال الثانی الذی أوردته تلک الجماعة بشأن تأخیر القتال فقال: «وأمّا قولکم شکاً فی أهل الشام فو اللّه ما دفعت الحرب یوما إلاّ وأنا أطمع أن تلحق بی طائفة فتهتدی بی، وتعشو(2) إلى ضوئی» ثم برر ذلک بقوله(علیه السلام) «وذلک أحب إلی من أن أقتلها على ضلالها وإن کانت تبوءء(3) بآثامها». فالإمام(علیه السلام)یؤکد هنا على أن القتال لا یمثل هدفاً ولا السبیل الأول لحل الخصومات من وجهة نظر أولیاء اللّه، بل هو العلاج الأخیر إذا ما عجزت کل السبل والاسالیب، فهم یسعون جاهدین للتریث والاناة أملاً فی رجوع ولو فرد واحد إلى الحق فیزداد أهل الحق ویقل أهل الباطل، بینما ینظر السذج من الناس إلى هذا الأمر بنوع من الشک والریبة، فانّ أولیاء اللّه یفتحون ذراعهم باستقبال النادمین والتابئین وقد أثبت التأریخ ـ ولا سیما موقعة صفین ـ صحة حسن ظن الإمام(علیه السلام)، وذلک لأنّ فئة کبیرة قد فاءت إلى الحق بینما انسحبت طائفة من المعرکة وذلک بفضل تریث الإمام(علیه السلام) واناته فی القتال.


1. هنالک احتمال بشأن إعراب هذه الجملة: أحدهما أن کل منصوبه على أنّها مفعول لفعل تقدیره «أتفعل کل ذلک»، والآخر انها مرفوعة کمبتدأ وتقدیر الجملة «أکل ذلک ناشئ من کراهیة الموت». على کل حال فانّ الجملة «کراهیة المت» مفعول لأجله.
2. «تعشو» فی الأصل من مادة «عشو» على وزن ضرب بمعنى الظلمة وعدم وضوح الشیء ومنه صلاة العشاء لأنها أول الظلمة وعشى بمعنى آخر الیوم الذی یظلم فیه الجو تدریجیا ویقال الأعشى لضعیف البصر.
3. «تبوء» من مادة «بوء» على وزن نوع بمعنى الرجوع والعودة وقیل أصلها یعنی الصافی والمسطح وارید بها هنا الرجوع.

 

نظرة إلى الخطبة الخطبة 56
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma