عوامل قتل عثمان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
نظرة إلى الخطبةالخطبة 31

کما ذکر فی بدایة الخطبة فانّها تعالج قضیة قتل عثمان والتعرض إلى العوامل التی دفعت إلى هذا القتل. فکلنا نعلم بان لقتل عثمان جذور معلومة نابعة من طبیعة أعماله وأفعاله، فقد أجمع المحققون على أنّ سوء تدبیر عثمان فی ادارة دفة الحکم وتبدیل الحکومة بموروث قبلی والتطاول على بیت المال والظلم والاضطهاد الذی مارسه أقربائه وبطانته بحق الناس قد أدى إلى غضب عام حتى انبرت طائفة مؤلفة من بضعة مئات لتحاصره فی داره وتهجم علیه وتقتله، وقد وقف ذلک الجیش الجرار الذی فتح مصر وبلاد الروم متفرجاً دون أن یحرک ساکنا; فقد کان ذلک الجیش ساخطاً علیه ویرى ضرورة قتله، غیر أنّ الناس إنقسموا طائفتین بعد قتله:

طائفة ـ لعلها کانت تشکل الاکثریة ـ کانت راضیة بهذا القتل أو على الأقل غیر مکترثة له بینما ترى الطائفة الثانیة أنّه قتل مظلوماً.

وفی ظل هذه الظروف إنتهز المنافقون الفرصة لبث بذور الفرقة فی صفوف المسلمین وحرف مسیر الخلافة عن محورها الأصیل أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) ـ والذی کان یخطى بتایید کافة أفراد الاُمّة ـ واستغلوا قضیة قتل عثمان کذریعة لتحقیق أطماعهم ومآربهم، وبعبارة اُخرى فانّهم أحالوا قمیص عثمان إلى مناورة سیاسیة هدفها إغفال الاُمّة وصدها عن الحق.

وبالطبع فانّ أفراد من کلا الطائفتین کانوا من ضمن صحب الإمام (علیه السلام) واتباعه، وإن کانت الطائفة الثانیة وعلى ضوء تصریحات بعضى المؤرخین تشکل الأقلیة، وعلیه فمن الطبیعی أن تکثر هذه الطائفة من سوالها لعلی (علیه السلام) عن قتل عثمان، فلم یکن أمام الإمام (علیه السلام)من بد سوى الاجابة التی تتضمن عکس الحقائق التأریخیة من جانبه وعدم منح هذا وذاک الفرصة بغیة إستغلالها ضد الدین.

فالخطیة رد على مثل هذه الاسئلة الذی یتطرق فیه الإمام(علیه السلام) إلى بیان الحقائق التأریخیة دون منح العناصر الفاسدة الحجج والذرائع فقد قال (علیه السلام):«لو أمرت به، لکنت قاتلاً، أو نهیت عنه، لکنت ناصراً».

فمفهوم هذه العبارة هى أنی کنت محایداً فلم ألطخ یدی بدمه ولم أدافع عن زلاته، فالأمران ینطویان على محاذیر.

و هنا یبرز هذا السؤال: کیف یمکن التوفیق بین مضمون هذه العبارة والوقائع التأریخیة؟

لاننّا نعلم جمیعا (و قد ذکر ذلک أغلب المؤرخین) أنّ الإمام (علیه السلام) نهى الناس عن قتل عثمان و قد بعث بالحسن والحسین (علیه السلام) إلى دار عثمان لیحولا دون زحف المعترضین، بل دخل علیه الإمام (علیه السلام) بالماء حین منعوه منه. وقد أورد الشرّاح جوابین على السؤال المذکور:

فقال البعض المراد من عدم النهی هو النهی العملی; أی أننی لم أشهر السیف عملیاً ولم أقتحم المیدان دفاعاً عنه، وهذا لایتنافى ونهیه اللفظى (علیه السلام) وبعثه بالحسنین (علیه السلام) هناک.

بینما یرى البعض لاخر أنّ هذا الکلام یفید أن الإمام (علیه السلام) لم یأمر قط بقتل عثمان، وإن کان یراه مستحقاً للعقاب على أعماله، وعلیه وبغیة عدم تردی الاوضاع لأسوأ ممّا کانت علیه فقد دعا الناس إلى ضبط النفس والتخلی عن العنف، إلاّ أنّه لم یفعل ما من شأنه توفیر الدعم الصریح لعثمان وأعماله وما یدر منه; وذلک لأنّه کما أن سفک دمه یخلق بعض المشاکل فی المجتمع الإسلامی، فانّ توفیر الدعم له والدفاع عن أعماله هو الآخر یسبب مشاکل لاتقل عن سابقتها، وعلیه فانّ الإمام (علیه السلام) لم یر فی أی من الأمرین (الأمر بالقتل والنهی عنه) ممّا تملیه علیه وظیفته الإسلامیة.

و قد أراد الإمام (علیه السلام) أن یعلن موقفه الصریح ویحول دون تفاقم الخلافات بشأن قتل عثمان من قبل الطائفتین التی تذهب إحداهما لضرورة قتله وتلک التی لاتراه مستحقاً للقتل.

ثم قال (علیه السلام):«غیر أن من نصره، لایستطیع أن یقول خذله من أنا خیر منه، ومن خذله لایستطیع أن یقول نصره من هو خیر منّی»، فالعبارتان تبینان موضوعاً واحداً وهو إتفاق الجمیع على أن حماة عثمان آنذاک کانوا من طلحاء الاُمّة، بینما کان الأفراد الذین لم یمدوا له ید العون من کبار الصحابة من المهاجرین والأنصار.

فالشواهد التأریخیة تفید تواجد کبار صحابة رسول الله (صلى الله علیه وآله) من المهاجرین والأنصار حین هجم الناس على بیت عثمان، ولو کانوا یرتضون عثمان وأعماله لحالوا دون وصول الناس إلیه، الأمر الذی یدل على تخلیهم عنه وعدم تقدیم أی دعم أو إسناد له.

أمّا الأفراد الذین هبوا للدفاع عن عثمان آنذاک فقد کانوا یمثلون أراذل المجتمع الإسلامی، و ما ذلک الدفاع إلاّ لمنافعهم اللامشروعة التی کانوا یحظون بها آنذاک.

وعلیه فقد کانت هذه المسألة واضحة فی أنّ حماة عثمان من أمثال مروان لم یجرأوا على الزعم أنّهم خیر من المهاجرین والأنصار الذین لم یدعموا عثمان.

ومن المسلم به أن أولئک الذین تخلوا عن دعم عثمان لم یکونوا یرووا أن حاشیة عثمان وبطانته أفضل منهم، ومن هنا فقد إتفقت الآراء على أن حماة عثمان لم یکونوا من أخیار الاُمّة.

فالعبارة غایة فی الروعة وقد أماطت اللثام عن أعمال عثمان بالشکل الذی أثار حفیظة کافة المسلمین.

ومن ذلک توزیعه أموال بیت المال على قرابته وبطانته وتسلیطهم على رقاب الناس إلى جانب الظلم والجور والاضطهاد وتضییع العدل والقسط.

وقد صرح بعض شرّاح نهج البلاغة(1) بان الکلام هو ردّ الإمام (علیه السلام) على من قال بحضرته أنّ الفتنة من اُولئک الذین لم ینصروا عثمان، فلو نصره کبار الصحابة لما إجترأ جهال الاُمّة على سفک دمه، ولو رأى کبار الصحابة وجوب قتله لکان علیهم إعلان ذلک وإزالة الشبهات عن أذهان الاُمّة.

فعلم الإمام (علیه السلام) أنه المقصور بذلک الکلام، فاورد هذه الکلمات.

على کل حال فانّ الخطبة تبین أنّ الإمام (علیه السلام) إذا لم ینصر عثمان فانه لم یکن وحیداً فی هذا الأمر، بل کان هذا موقف کبار الصحابة، فلم الإشکال على الإمام(علیه السلام)؟ ثم إختتم الإمام (علیه السلام)خطبته بتحلیل دقیق عن قتل عثمان، فقال (علیه السلام): «و أنا جامع لکم أمره، استأثر(2) فأساء الاثرة، و جزعتم فأسأتم الجزع، ولله حکم واقع فی المستأثر والجازع».

لقد صرح أحد الادباء العرب المشهورین بأنّ عبارات الإمام(علیه السلام) إتصفت بقلة الألفاظ وسعة المعانی، فالعبارة على قلّة لفظها جامعة شاملة حیث أوضح الإمام(علیه السلام) فیها أنّ عثمان إرتکب خطاً جسیماً وأنتم کذلک.

فقد انتهج اسلوب الاستبداد والحکم الفردی وسلط بنی اُمیة على رقاب الناس وأغدق علیهم بیت المال فلما تعالت أصوات المعارضة وقام المسلمون لم یعرهم آذانا صاغیة، فحاصروه وهجموا علیه فترکه کبار الصحابة من الأنصار والمهاجرون، من جانب آخر فانّ الناس لم یکتفوا بهدا الحد، وبدلاً من خلعه من الخلافة وطرد أزلامه من مواقع الحکومة عمدوا إلى اراقة دمه فخلقوا فتنة إمتدت لسنوات فی التأریخ الإسلامی، إلى جانب استغلالها من جانب المنافقین الذین تذرعوا بالمطالبة بدم عثمان لیسفکوا کثیرا من الدماء.

وبناءاً على ما تقدم فانّ الفریقین قد سلکوا الافراط، وعلیه فانّ الله جازى کل منها بأعماله.

لقد کثر الکلام بشأن خلافة عثمان وآثارها: إلاّ أنّ کلام الإمام (علیه السلام) ورغم قصر عباراته إلاّ أنه أوجز کبد الحقیقة إلى جانب اصداره الحکم العادل بشأنه وشأن الجماهیر التی قتلته.

کما یستفاد من العبارة أن الاستبداد ـ رغم إنّه سیئ مهما کان ـ على أنواع بعضها أسوأ من البعضى الآخر، واستبداد عثمان کان من النوع الاخیر.

کما أنّ التعبیر بالجزع عن الناس یشیر إلى مدى الغضب والاستیاء الذی سیطر على الناس إثر الأعمال الشائنة لعثمان وبطانته.


1. شرح نهج البلاغة لابن میثم 2/57.
2. «إستأثر» من مادة «اثر»، بمعنى الاستبداد کما صرح بذلک القاموس ومنه الحکومة الاستبدادیة لأنّها حکومة فردیة، یستعبد فیها الفرد سائر الناس.

 

نظرة إلى الخطبةالخطبة 31
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma