الناس أربعة أصناف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الثانىالأصناف الأربعة فی کل مجتمع.

یعرض الإمام (علیه السلام) ـ فی هذا القسم من الخطبة ـ بالتحلیل لطلاب الدنیا الذین یصنفهم فی أربعة أصناف وبالطبع فانّ هذه الأصناف لا تختص بمجتمع دون آخر ولا زمان دون آخر بل هى عامة شاملة فقال (علیه السلام):

«فالناس على أربعة أصناف، منهم من لا یمنعه الفساد فی الأرض إلاّ مهانة نفسه، وکلالة(1) حده ونضیض(2) وفره».

فالمشکلة فی عدم وجود الماء والا فهم سباحون ماهرون، فباطنهم مفعم بالشر والفساد الا أنهم یفتقرون للالة التی یمارسون بها الظلم والفساد، ومن الطبیعی أن مثل هولاء الأفراد إنّما یتربصون بظاهرهم الودیع الذی لایشوبه أذى.

کما یتوجب على قادة المجتمع إذا ما تعرفوا على هولاء الأفراد الحذار من تزویدهم بالا مکانات فیعیثوا فی الأرض فسادا، وقد أشار القرآن إلى ذلک (وَمِنَ النّاسِ مَنْ یُعْجِبُکَ قَوْلُهُ فِی الحَیاةِ الدُّنْیا وَیُشْهِدُ اللّهَ عَلى ما فِی قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصامِ * وَ إِذا تَوَلّى سَعى فِی الأَرضِ لِـیُفْسِدَ فِـیها وَیُهْلِکَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لا یُحِبُّ الفَسادَ).(3)

ثم تطرق(علیه السلام) إلى الصنف الثانى «و منهم المصلت(4) لسیفه والمعلن بشره والمجلب بخیله ورجله» فقد أعد هذا الصنف من الناس باطنه للظلم والفساد ومحق دینه «قد أشرط(5)نفسه وأوبق (6) دینه».

ولکن ما هدف هولاء؟ لا شک أن هدفهم ما أشار إلیه الإمام (علیه السلام)ولیس ذاک سوى الحصول على شی من متاع الدنیا أو الأمرة على بعض الأفراد او إرتقاء المنبر لیظهر نفسه للناس بمظهر الخطیب الواعظ «لحطام(7) ینتهزه(8)، أو مقتب(9) یقوده، أو منبر یفرعه(10)».

فالعبارة رغم قصرها فقد أشارت إلى أعمالهم الظاهریة إلى جانِب فسادهم الباطنى واهدافهم الرخیصة، فهؤلاء الأفراد یستفرغون ما فی وسعهم لیصبحوا على غرار فرعون أو قارون أو السامرى. وما اُولئک الذین أججوا نیران الجمل وصفین إلاّ مصادیق بارزة لذلک الصنف من الأفراد، فالبفض اندفع من أجل المال وآخر من أجل المقام والمنصب والآخر من أجل الخلافة. ثم تطرق (علیه السلام) إلى نتیجة أعمال هؤلاء فقال «و لبئس المتجر أن ترى الدنیا لنفسک ثمنا، وممالک عند الله عوضا»، ومن الطبیعی أنّ هذا الصنف من الناس الفاسد والشریر ـ الذی یخبط خبطا عشواء من أجل الظفر بالمال والمقام ـ لا یقیم لأحکام الله وزنا ولا یصغی لصوت الضمیر والوجدان ولا ینقاد لدلیل العقل، فقد باع هذا الخزین الثمین بذلک الثمن البخس، باع الدین بالدنیا (أُولـئِکَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الضَلالَةَ بِالهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما کانُوا مُهْتَدِینَ)(11).

بینما تظافرت الروایات التى تؤکد على قیمة الإنسان وأنّه لا ینبغی له بیع نفسه إلاّ بثمنها وثمتها الجنّة. کما صرحت الآیه القرآنیة بأن بیع النفس بغیر الجنّة ورضى الله لا یستبطن سوى الخسران المبین (وَمِنَ النّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاةِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤوفٌ بِالعِبادِ)(12).

فالآیة تفید أنّ بعض الناس (کعلی (علیه السلام) الذی نام على فراش رسول الله (صلى الله علیه وآله) لیلة الهجرة) یبیعون أنفسهم من أجل رضى الله سبحانه. وقد ورد عن الإمام علی (علیه السلام)أنّه قال: «إنّه لیس لأنفسکم ثمن إلاّ الجنّة فلا تبیعوها إلاّ بها»(13).

ثم تعرض (علیه السلام) للصنف الثالث الذی یتصف بالتزویر ـ وأوضح صفاته «و منهم من یطلب الدنیا بعمل الآخرة، ولا یطلب الآخرة بعمل الدنیا».

فهدف هذا الصنف هو ذات الهدف الذی ینشده الصنف الثانى المذکور مع فارق بسیط هو أنّ اُولئک یجنون حطام الدنیا من خلال المنطق الغاشم والظالم والجور، بینما یعتمد هؤلاء على التزویر والخداع والغرور.

فالصنفان وإن کانا ضالین ظالمین وخاطئین، إلاّ أنّ حال هذا الصنف أسوأ من الصنف الذی سبقة; وذلک لأنّه جعل دین الله جسراً لدنیاه، وعلیه فقد أهلکوا دنیا الآخرین إلى جانب إهلاک دینهم.

آنذاک خاض الإمام (علیه السلام) فی صفات هذا الصنف «قد طامن(14) من شخصه، وقارب من خطوه، وشمر(15) من ثوبه، وزخرف من نفسه للامانة، واتخذ ستر الله ذریعة إلى المعصیة.»

فالعبارة تشیر إلى ظاهر متواضع وسکین ووقار وعدم إلتفات إلى الدنیا وحطامها والتزین بشعار الصالحین واستغلال ستر الله سبحانه للعیوب فی حین هنالک حرکة نحو الذنب والمعصیة.

وقد یؤمن هذا الصنف بالله والیوم الآخر على مستوى الظاهر، إلاّ أنّ هذا الإیمان یقتصر على الظاهر ولم یخترق قلوبهم أبداً، وإلاّ فکیف إرتضوا لأنفسهم هذه المعاملة المجحفة بحیث باعوا آخرتهم بدنیاهم ومن هنا وردت الروایات التی تصرح بأنّ هؤلاء الخاسرین یوم القیامة ـ حین تطرح الحجب وتتضح حقیقة کل فرد کما هى ـ ینادون یا کافر! یا فاجر! یا غادر! یا خاسر! وینادون «حبط عملک وبطل أجرک فلا خلاص لک الیوم فالتمس أجرک ممن کنت تعمل له»(16).

وممّا لاشک فیه أن هذا الصنف ـ کسائر الأصناف الأربعة ـ لایقتصر فی وجوده على عصر الإمام (علیه السلام)، بل هو موجود فی کل عصر و مصر وأنّه لأعظم خطراً من سائر الأصناف على دین المجتمع ودنیاه.

وعلیه فلابدّ لاتباع الحق من مراقبة هؤلاء والحذار من الوقوع فی فخهم ولحسن الحظ فانّ أغلب هولاء الأفراد یفتضحون عملیاً فاذا بلغوا مفترق طرق بین الدین والدنیا ولوا ظهورهم للدین وتهافتوا على الدنیا وآثروا سخط الله على رضى خلقه طمعاً فی الدنیا وحطامها، فأفکارهم منحطة وهمتهم وضیعة وروحهم ملوثة وباطنهم قبیح والازدواج هو الغالب على شخصیتهم.

وأخیرا یتعرض الإمام (علیه السلام) للصنف الرابع ـ أهل التقى الکاذب والزهد الفارغ ـ فیقول «ومنهم من أقعده عن طلب الملک ضؤولة(17) نفسه، وإنقطاع سببه فقصرته الحال على حاله، فتحلى باسم القناعة، وتزین بلباس أهل الزهادة ولیس من ذلک فی مراح(18) ولا مغدی».(19)

فهم أفراد ضعفاء عجزة لا کفاءة لهم یحاولون التستر بالزهد للتغطیة على عجزهم وانعدام جدارتهم والتظاهر بالقوة لاخفاء ضعفهم، والحال لیس لدیهم شمة من الزهد والقناعة باطنهم وهم على قسمین: فمنهم من یتستر لخداع النفس ومنهم یخدع نفسه محاولاً إقناع نفسه بأنّه من أهل الزهد والتقوى لا الضعف والعجز یدفعه للتظاهر بذلک. أمّا المراح والمغدی فقد ذهب أغلب أرباب اللغة وشرّاح نهج البلاغة إلى أنّها اسم مکان لاستقرار الماشیة فی الصباح والمساء بینما ذهب البعض الآخر إلى أنّها اسم زمان بمعنى الذهاب والایاب لیل نهار.

کیفما کان فان المفردتین تعبران عن حماقة هؤلاء الأفراد وبلاهتهم التى تجعلهم بهیئة الزهد والقناعة. هناک کلام کثیر بین بین المفسرین بشأن فارق الصنف الرابع والأول من جهة والصنف الرابع والثالث من جهة اُخرى.

ویبدو أنّ الصنف الأول الذی ینشد الدنیا قد قبع فى زاویة إثر ضعفه وعجزه ولم ینطلق نحو المال والحیاه والمقام، وهو لا یصر على ابراز ضعفه وعجزه على أنّه قوة وإقتدار، فى حین یحاول الصنف الرابع أستغلال ضعفه وعجزه بغیة الظفر بمکانته فى المجتمع على أنّ ذلک الضعف زهد وقناعة. أمّا فارق الصنف الرابع مع الصنف الثالث هو أنّ الصنف الثالث یعتمد النفاق والتزویر لتحقیق أطماعه ومآربه، بعبارة اُخرى ما یجنیه الظلمة من حطام الدنیا بواسطة الظلم والجور یحصل علیه هؤلاء من خلال الریاء وخداع الناس.

فهم یبیعون دینهم بدنیاهم ویحصلون على الدنیا ومتاعها من خلال الدین، أمّا الصنف الرابع فهو لا یحصل على جاه ومقام، ویکتفی بأن المجتمع ینظر إلیه کزاهد قانع.

وأخیراً یشترک الصنف الأول والرابع فی أنّه لیس أقل تکالباً من الصنفین الآخرین إذا ما توفرت الأرضیة الخصبة أمامهما للظلم والفساد.


1. «کلالة» على وزن ضلالة بمعنى ضعف السلاح عن القطع فیقال کل السیف إذا لم یقطع.
2. «نضیض» بمعنى قلیل، والنضیض وفره، بمعنى القلیل ماله.
3. سورة البقرة / 204 ـ 205.
4. «مصلت» من مادة «صلت» بمعنى الاظهار والسیف الصلت بمعنى السیف المشهور المصقول، ویقال المصلت لمن شهر سیفه
5. أشرط من مادة شرط بمعنى العلامة، ومعنى العبارة أنه أعد نفسه للفساد والاهلاک، وکانه میز نفسه بهذا الامر.
6. «اَویق» من مادة «وبق» بمعنى الهلاک، أی اَهلک نفسه.
7. «الحطام» على وزن الغلام بمعنى المتکسر الذی لا قیمة له، ومن هنا یطلق على المال حطام الدنیا لزهادة قیمته.
8. «ینتهزه» من مادة «نهز» بمعنى الحرکة من أجل القیام بعمل، کما وردت بمعنى الحرکة من أجل نیل غنیمة، وعلیه ینتهزه بمعنى یغتنمه.
9. «مقتب» على وزن محور تعنی طائفة من الخیل، وقد وردت فی العبارة بمعنى طائفة من الناس، ولعل العبارة أشارة لجهلهم وعدم علمهم.
10. «یفرع» من مادة «فرع» أعلى الشئ وقد وردت هنا بمعنى علا المنبر وارتقاه.
11. سورة البقرة / 16.
12. سورة البقرة / 207.
13. نهج البلاغة، الکلمات القصار 456.
14. «طامن» و«اطمینان» من مادة واحدة بمعنى السکینة والهدوء، وهى تشیر فی العبارة إلى الوقار والتواضع الصوری والظاهری.
15. «شمر» من مادة «شمر» بمعنى الترتیب والاعداد.
16. وسائل الشیعة 1 / 51.
17. «ضوولة» بمعنى الضعف و العجز.
18. «مراح» من مادة «روح» مصدر میمی من راح إذا ذهب فی العشی
19. «مغدى» من مادة «غدو» مصدر میمی من غدا إذا ذهب فی الصباح، وقیل مکان الحیوانات فی النهار فی مقابل المراح فی اللیل.

 

القسم الثانىالأصناف الأربعة فی کل مجتمع.
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma