دحر الباطل

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الأول1 ـ من أخبار یوم ذى قار

أشار الإمام (علیه السلام) ـ کما ذکرنا ـ إلى بعثة النبی الإکرم (صلى الله علیه وآله) وظهور الدعوة الإسلامیة فی الجزیرة العربیة وکیف کانت حیاة الناس فی العصر الجاهلی وکیف أصبحت إبان انطلاقه الدعوة، ومدى السعادة التی ظفروا بها، فقال (علیه السلام):«إنّ الله بعثت محمداً (صلى الله علیه وآله) ولیس أحد من العرب یقرأ کتاباً ولا یدعی نبوة».

أثار بعض شرّاح نهج البلاغة هذا السؤال: کیف یقال لم یکن لاحد من العرب کتاباً سماویاً ولم یکونوا یتبعون نبیاً من الأنبیاء، والحال کانت طائفة من الیهود والنصارى تعیش هناک ولدیها التوراة و الانجیل؟ ثم أجابوا على السؤال من خلال الاشارة إلى تحریف التوراة والانجیل، وعلیه فلم یکن لدیهم کتاباً بالحق، کما أن الیهود والنصارى کانوا أتباعاً کاذبین، ثم إستدلوا على ذلک بالایة الکریمة (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الکِتابَ الَّذِی جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِـیسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ کَثِـیر).(1)

کما إحتمل البعض أن یکون المراد بذلک العرب الذین کانوا یشکلون الأکثریة وکانوا على الشرک والوثنیة.

الإجابة الاُخرى التی یمکن الرد بها على ذلک السؤال أنّ الیهود لم یکونوا من سکنة الجزیرة العربیة بمعنى المواطنة، بل تفید السیر التأریخیة أنّهم حین قرأوا فی کتابهم البشارة بظهور نبی الإسلام وأنّ ظهوره بات وشیکا قدموا هناک لدرکه، وإن شعروا فی ما بعد بالخطر على مصالحهم فسلکوا سبیل النفاق وعادوا النبی (صلى الله علیه وآله)، النصارى أیضاً کانوا من المهاجرین ویشکلون الاقلیة هناک.

على کل حال فانّ الإمام (علیه السلام) أشار إلى إبتعاد الأقوام الجاهلیة عن أجواء الوحی والنبوة، الأمر الذی یصور مدى غرقهم فی وحل الشرک والفساد.

ثم تطرق (علیه السلام) إلى الأوضاع التی بلغوها فی ظل إنبثاق الدعوة والاستضاءة بنور الوحی وبزوغ شمس الإسلام «فساق الناس حتى بوأهم محلتهم وبلغهم منجاتهم»(2) فهو لم یخلصهم من الشرک والکفر و الانحراف العقائدی وینقذهم من الفساد الأخلاقی والظلم والجور وسوء العدل فحسب، بل أخذ بیدهم إلى حیث القوة والعزة والحکومة والحضارة والمدنیة، ومن هنا قال (علیه السلام)«فاستقامت قناتهم(3) واطمأنت صفاتهم(4)».

وعلیه فقد ظفروا بالنصر المعنوی إلى جانب شمولهم بالنعم المادیة و ما ذلک إلاّ ببرکة النبی(صلى الله علیه وآله) ونزول القرآن الکریم والتعبیر بمحلتهم إشارة إلى المنزلة الراقیة التی ینبغی أن یبلغها الإنسان الفاضل، ومنجاتهم إشارة إلى نقطة النجاة التی لیس معها خوف وخشیة ولا قستبطن سوى الفلاح والصلاح.

والعبارة «إستقات قناتهم» وعلى اضواء الاستقامة التی تعنی الاستواء والثبات والقناة بمعنى الرمح تعنی القوة والقدرة والانتصار على العدو.

أمّا بعض شرّاح نهج البلاغة فقد ذهب إلى أنّ الاستقامة هنا تشیر إلى الرمح کنایة عن أنتظام الاُمور ونظم الحکومة والدولة والمجتمع والقوة والمنعة، ولکن لما کان الرمح عادة مستقیم وإذا إعوج کسر ولا یمکن تسویته (لأنّه یصنع عادة من الخشب لا الفزات)، فانّ العبارة یمکن أن تکون إشارة إلى اطمینان البال واستقرار الذهن; لانّ الجنود یغرسون حرابهم فی الأرض وتبقى مستویة مستقیمة حین الهدوء والاستقرار; الأمر الذی یفید أنّهم کانوا آمنین من حملات العدو.

أمّا العبارة «إطمأنت صفاتهم» فهى تشیر إلى إستحکام منزلتهم فی ظل ظهور الإسلام ونهضة رسول الله(صلى الله علیه وآله) بحیث إستقرت حیاتهم الفردیة والاجتماعیة.

فالصحارى التی کانت تردد علیها العرب، کانت ملیئة بالرمال والحصى المتحرکة بحیث یصعب إجتیازها، بینما تسهل حرکته وذهابه وایابه وجلوسه إذا إستقر على حجر کبیر واسع ومحکم ومستقیم.

ثم قال (علیه السلام):«أمّا والله إن کنت لفی ساقته(5) حتى تولت بحذا فیره(6)».

ففی الاوضاع التی یکون فیها الجیش مستجد أو العدو قوی بحیث یحتمل التقهقر والانسحاب، فان آمر الجیش یجعل بعض مساعدیه الشجعان فی المؤخرة لیسوقوا الجیش إلى الإمام ویحثونهم على التقدم کما یحولوا دون تراجعهم.

وکأنّ الإمام (علیه السلام) أشار إلى هذه المسألة فی أن النبی (صلى الله علیه وآله) قلدنی مسئوؤلیة فی سوق الجیش إلى الإمام وتجاوز المخاطر والمشاکل التی تواجهه، أو المراد أنّى والنبی (صلى الله علیه وآله) فی موخرة هذا الجیش ونسوقه إلى الإمام وقرینة ذلک قوله فساق الناس» على کل حال فانّ کل هذه إشارات إلى عصر نهضة النبی الإکرم (صلى الله علیه وآله) والدور الهام الذی لعبه الإمام علی(علیه السلام) فی إنتصار الجیش الإسلامی على معسکر الکفر والشرک.

وفی إشارة إلى قیامه بوظیفته على أحسن وجه وبلائه الحسن قال «ما عجزت ولاجبنت» فمن البدیهی أنّ الانسحاب إنّما یستند إلى الضعف والعجز أو الخوف والرعب، فقوله (علیه السلام) «ما عجزت ولا جبنت» یتضمن نفیه لعوامل الضعف والتقهقر.

ثم یربط (علیه السلام) هذه المقدمة بذی المقدمة فالإمام (علیه السلام) أشار إلى نقطة مهمّة وهى أنّ الاُمّة الإسلامیة آنذاک بدأت تعود إلى الافکار والسنن الجاهلیة وهى تبتعد کل یوم أکثر من ذی قبل عن مسیرة النبی (صلى الله علیه وآله) والقرآن والإسلام، ونموذج ذلک الحرکة الظالمة لمشعلی نار الجمل من أجل الحصول على المناصب من خلال نکث البیعة وسفک دماء المسلمین.

فقد أراد الإمام (علیه السلام) الوقوف بوجه هذه العودة إلى الجاهلیة وتجدید رسالته ووظیفته التاریخیة فی الحفاظ على المسیرة الإسلامیة.

ومن هنا قال «فلا نقبن(7) الباطل حتى یخرج الحق من جنبه.» وبالالتفات إلى أن «أنقبن» من مادة «نقب» بمعنى ثقب الشئ وشقه، فانّ العبارة تشیر إلى حقیقة هى أنّ الحق لایظهر ما لم تتبدد حجب الباطل، بعبارة اُخرى فانّ الباطل یسعى على الدوام لیغطی على الحق وبکتمه، فاذا شقت حجب الباطل، تنفس نور الحق واتضح عیاناً للجمیع. ویمکن أن تکون العبارة إشارة الى قیام أساس العالم على الحق، وإنّ الحق کامن فی باطن کل موجود، ولاسیما فی الفطرة البشریة، بینما الباطل أمر عارض طارىء على الإنسان.

فاذا زال هذا العارض ظهر الحق من باطن الأشیاء. وقد ورد مثل هذا المعنى فی الخطبة 104 «وآیم الله لابقرن الباطل حتى أخرج الحق من خاصرته».


1. سورة الانعام / 91.
2. «بوأ» من مادة «بوء» بمعنى تعبید المکان ضد النبوة بمعنى المرتفع وغیر المعبد، وقد وردت هنا بمعنى تنظیم وترتیب موقع الاستقرار.
3. «قنات» من مادة «قنو» بمعنى جذع الشجرة، کما تغنی العود والرمح، والمراد بها هنا القوة والغلبة والدولة، وقوله إستقامت قناتهم تمثیل لاستقامة أحوالهم.
4. «صفات»، حجر مستوی وکبیر ومحکم وواسع.
5. «ساقه» من مادة «سوق» جمع سائق، واصلها سوقه واصحب ساق بیت الاعلال.
6. «حذا فیر» جمع حذ فور بمعنى الشریف والجمع الکثیر، وقد جاءت هنا بمعنى جمیع جوانب الموضوع. وهنا ینبغی الالتفات إلى أن. ضمیر الهاء فی ساقتها یعود إلى الناس فی عصر الجاهلیة الذین إعتنقوا الإسلام، ویمکن أن یکون الضمیر فی تولت وحذا فیرها عائدا إلى أعداء الإسلام الذین تقهقروا ابان نصر الإسلام، کما یمکن أن یعود إلى أهل الجاهلیة الذین أقبلوا على الإسلام.
7. «أنقبن» من مادة «نقب» بمعنى الثقب والشق ویطلق النقب على الآبار تحت الأرض وذلک لأنها تنقب الأرض ـ ومنه البحث والتنقیب حین تأمل المطالب وإظهار الحقائق والنقیب العالم بحال القوم.

 

القسم الأول1 ـ من أخبار یوم ذى قار
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma