فلسفة الدعاء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
الاستعاذة باللّه من وعثاء السفر الخطبة 47

من یتصفح المصادر الإسلامیة یدرک أنّ للدعاء مکانة خاصة فی التعالیم الإسلامیة، حتى عد الدعاء مخ العبادة. فقد جاء فی الحدیث النبوی الشریف «أفزعوا إلى اللّه عزّوجلّ فی حوائجکم، والجاؤوا إلیه فی ملماتکم، وتضرعاً إلیه، فانّ الدعاء مخ العبادة»(1). بینما وصفه حدیث آخر بسلاح المؤمن، فقال رسول اللّه(صلى الله علیه وآله): «الدعاء سلاح المؤمن، وعمود الدین، ونور السموات والأرض»(2)، وقال أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام): «الدعاء مفاتیح النجاح، ومقالید الفلاح»(3) والدعاء على درجة من الأهمیة بحیث قال القرآن الکریم: (قُلْ ما یَعْبَؤُاْ بِکُمْ رَبِّی لَوْلا دُعاؤُکُمْ)(4). مع ذلک هنا لک من إستشکل على الدعاء ولا سیما اُولئک الذین غفلوا عن فلسفته:

1 ـ فهم یقولون أحیاناً: لا ینسجم الدعاء وروح الرضا والتسلیم لإرادة اللّه، فالذی یجب علینا هو التسلیم لإرادة اللّه والرضى بما یرتضی!

2 ـ إن الدعاء یعدّ إحد العوامل المخدرة للإنسان فیصده عن السعی والعمل والنشاط، حیث ینصرف الإنسان عن هذه الاُمور ویلوذ بالدعاء لتأمین حاجیاته.

3 ـ ناهیک عن کل ما تقدم، کیف یسعنا تغییر المقدرات الإلهیة بواسطة الدعاء، فلو قدر اللّه أمراً، فانّ ذلک الأمر سوف لن یغیره دعاؤنا، وبعبارة اُخرى فانّ الدعاء نوع من أنواع الفضول والتطفل على أفعال اللّه، فاللّه لا یفعل إلاّ ما فیه المصلحة ولا داعی للدعاء.

ولکن لا ترى هذا الکلام سلیم إذا ما وقفنا على فلسفة الدعاء ومفهومه الواقعی. فالمفهوم الواقعی للدعاء هو أننا نعمل ما فی وسعنا ونجهد أنفسنا وما فاق ذلک نوکله إلى اللّه ولطفه، ونتضرع إلیه بالدعاء لحل المشاکل، وعلى ضوء (أَمَّـنْ یُجِـیبُ المَضْـطَرَّ إِذا دَعاهُ وَیَـکْشِفُ السُّـوءَ)(5) نطرق بابه ونسأله بعد أن سعینا سعیناً ولم یبق إلاّ توفیقه. ومن هنا صرحت بعض الروایات الإسلامیة بعدم إستجابة دعاء من قصر فی العلم وخلد إلى الکسل والراحة. فاللّه لا یستجیب دعاء من سأله الرزق وهو جالس فی بیته دون أن یسعى ویعمل، کما لا یستجاب دعاء من أقرض مالاً ولم یکتبه ثم أنکر علیه المدین ولم یعطه ماله! والخلاصة فانّ الکسل والتقاعس لا ینسجم واستجابة الدعاء. وعلى ضوء ما تقدم فانّ الدعاء لا یعتبر عاملاً مخدراً، بقد رما بعد عاملاً محرکاً. أمّا ما یقال من أن الدعاء لا یغیر التقدیر، فجواب ذلک واضح، وهو أنّ الدعاء سبب زیادة استحقاق الإنسان لأنّه یتجه إلى اللّه وینور قلبه بمعرفة اللّه یتوب إلیه من ذنوبه; لأنّ التوبة من شروط قبول الدعاء، وبذلک یتأهب أکثر لتلقی الفیض الإلهی والعنایة الربانیة، لأنّ اللّه قدر المزید من لطفه وفضله لمن کان أکثر إستعداداً وجدارة، بعبارة أخرى فانّ للّه نعم وخیرات وبرکات للعباد مشروطة ببعض الشرائط، فی مقدمتها التوجه إلیه ودعاؤه والتقرب إلیه. وبناءاً على هذا فانّ رحمة اللّه ولطفه متوقفة على الدعاء. ومن هنا یتضح الجواب على الإشکال الذی یفید عدم انسجام الدعاء وروح الرضا والتسلیم; لأنّ الدعاء تأکید للتسلیم والرضا، فالحق سبحانه أراد لعباده أن یعیشوا القرب منه بالدعاء، فاذا عاشوا القرب شملهم اللّه برحمته وفضله، الأمر الذی أکد الدعاء فی أغلب الآیات والروایات. وزبدة الکلام فانّ للدعاء أثاره التربوبة الجمة على حیاة الإنسان، أدناها أنّه یطهر قلبه وروحه من الأدران ویزیل عنه صدأ المادیات ویوصله بمصدر الخیر والاحسان والعطاء، کما یشکل السبیل للاستزادة من فضل اللّه ولطفه. ومن هنا فانّ أولیاءاللّه لا یستغنون فی قضاء حوائجهم عن الدعاء، وبالدعاء یشعر العبد بالقوة، کما یشعر بالسکینة إثر التوکل على اللّه فیهب لمواجهة المشاکل وقلبه مفعم بالأمل فی التغلب علیها، ولا غرو فهو یعلم بأنّها مذللة لإرادة اللّه تابعة لمشیئة وقدرته. کما تتأتى الحاجة إلى للدعاء فی الأسفار المخیفة المحفوفة بالمخاطر، أمّا دعاء الإمام(علیه السلام) حین عزمه على السیر إلى صفین فقد إقتدى به بالنبی(صلى الله علیه وآله)ومن سبقه من الأنبیاء العظام. فقد کلف نوح(علیه السلام)بالتضرع إلى اللّه حین رکب السفینة فی ذلک الطوفان الهائل لینجیه اللّه من تلک المخاطر (فَإِذا اسْتَوَیْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَکَ عَلى الفُلْکِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِی نَجّانا مِنَ القَوْمِ الظّالِمِـینَ * وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِی مُـنْزَلاً مُبارَکاً وَأَنْتَ خَیْرُ المُنْزِلِـینَ) (6) کما دعا موسى(علیه السلام)لما فرّ من أزلام فرعون حین خرج من مصر متوجهاً إلى مدین (وَلَمّا تَوَجَّهَ تِلقْاءَ مَدْیَنَ قالَ عَسى رَبِّی أَنْ یَهْدِیَـنِی سَواءَ السَّبِـیلِ)(7). وقال حین لقی لبنات شعیب (رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْر فَقِـیرٌ)(8). النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)حین هاجر من مکة إلى المدینة فی ظل تلک الأخطار، کان یشعر بالتذمر لمفارقة مکة وبیت اللّه، وکان یتمنى الرجوع اِلیها فاتته البشارة (إِنَّ الَّذِی فَـرَضَ عَلَیْکَ القُرْآنَ لَرادُّکَ إِلى مَعاد)(9) وکأنّ النبی(صلى الله علیه وآله)دعا اللّه أو کان یعیش حالة الدعاء فاستجیب له. ومن هنا حثت الروایات على الدعاء فی السفر.(10) وتختتم البحث بما ورد عن علی(علیه السلام)حین إنطلق من الکوفة إلى الشام، حیث وضع رجله على الرکاب فقال: بسم اللّه الرحمن الرحیم، فلما استوى على دابته قال: (سُبْحانَ الَّذِی سَخَّرَ لَنا هـذا وَما کُنّا لَهُ مُقْرِنِـینَ * وَ إِنّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِـبُونَ)(11) ثم دعا بهذا الدعاء الذی فرغنا من شرحه.


1. بحارالانوار 90 / 302.
2. اصول الکافی 2 / 468 ح 1.
3. بحارالانوار 90 / 341; أصول الکافی 2 / 486.
4. سورة الفرقان / 77.
5. سورة النمل / 62.
6. سورة المؤمنون / 28 ـ 29.
7. سورة القصص / 22.
8. سورة القصص / 24.
9. سورة القصص / 85 .
10. الوسائل الشیعة 8 / 275 ـ 281.
11. سورة الزخرف / 13 ـ 14.

 

الاستعاذة باللّه من وعثاء السفر الخطبة 47
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma