الرحمة اللامتناهیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الأول القسم الثانی

تناول هذا الفصل حمداللّه والثناء علیه، ثم أشار إلى ست من النعم الإلهیة التی تستحق الحمد والشکر، فقال(علیه السلام) «الحمد للّه غیر مقنوط(1) من رحمته». کیف الیأس من رحمة اللّه الواسعة وهو القائل سبحانه (وَرَحْمَتِی وَسِعَتْ کُلَّ شَیء)(2) کما قال على لسان نبیه یعقوب(علیه السلام)(لا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِلاّ القَوْمُ الکافِرُونَ)(3) وعلى لسان خلیله إبراهیم(علیه السلام)(وَمَنْ یَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاّ الضّالُّونَ)(4) وعلیه فلابد للإنسان من الانابة إلى اللّه مهما کانت ذنوبه ومعاصیه، ولا ینبغی له الیأس من رحمة اللّه، بل إنّ هذا الیأس کفر وضلالة وهو من أعظم الذنوب ثم قال(علیه السلام)«ولا مخلو من نعمته». کما ورد فی القرآن الکریم (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللّهَ سَـخَّرَ لَکُمْ ما فِی السَّمـواتِ وَما فِی الأَرْضِ وَأَسْبَـغَ عَلَیْکُمْ نِعَمَـهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً)(5) وأضاف(علیه السلام)«ولا مأیوس من مغفرته» کیف لا وهو القائل (قُـلْ یا عِـبادِىَ الَّـذِینَ أَسْـرَفُوا عَلـى أَنْفُسِـهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِـیعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِـیمُ)(6). بل ورد فی الحدیث النبوی الشریف أنّ هذه الرحمة لمن السعة بحیث یتطاول علیها ویطمع بها حتى إبلیس «لیغفر اللّه یوم القیامة مغفرة ما خطرت على قلب أحد حتى إبلیس یتطاول الیها»(7) کما جاء فی الروایة: «أنّ للّه مئة رحمة وقد أنزل واحدة منها إلى الأرض وقسمها بین مخلوقاته، وإستأثر بتسع وتسعین إدخرها لعباده یوم القیامة» (8). ولما کانت هذه الاُمور تسوق الناس إلى العبادة، قال(علیه السلام): «ولا مستنکف(9) عن عبادته» وذلک لأنّ الاستنکاف عن العبادة لا یؤدی سوى إلى العذاب، فقد قال القرآن بهذا الخصوص (وَأَمّا الَّذِینَ اسْتَنْکَفُوا وَاسْتَکْبَرُوا فَیُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِـیماً وَلا یَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِـیّـاً وَلا نَصِـیر)(10). ثم عد نعمتین اُخریین(علیه السلام)فقال «الذین لا تبرج منه رحمة، ولا تفقد له نعمة» فقد تکررت الرحمة والنعمة وکأن السابقة أشارت إلى أصل الرحمة والنعمة الإلهیة، بینما تحدثت العبارة اللاحقة عن دوام هذه النعمة وعدم إنقطاعها، وهذا ما ورد تأکیده فی القران (وَ إِنْ تَعُـدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوه)(11). والطریف فی الأمر أنّ هذین الوصفین فی الواقع ذکرا کدلیل على عدم استنکاف الناس عن عبادة اللّه; الأمر الذی تناوله علم الکلام تحت عنوان «شکر المنعم من دوافع معرفة اللّه». أمّا المفردات الرحمة والمغفرة والنعمة فهى وإن کانت مرتبطة مع بعضها إلاّ أنّ مفاهیمها مستقلة، فللرحمة معنى واسع یشمل کل فضل ولطف من اللّه للعباد سواء عن طریق إفاضة النعم أو مغفرة الذنوب، وبعبارة اُخرى فانّ نسبة الرحمة إلى النعمة والمغفرة هى نسبة العموم والخصصوص المطلق، بینما لکل من النعمة والمغفرفة مفهوم منفصل عن الآخر، فالنعمة تختص بالإمکانات الوجودیة التی تأخذ بید الإنسان إلى السمو والکمال، أمّا المغفرة فهى إزالة آثار الذنب وتعبید الطریق بعد إزالة العراقیل.


1. «مقنوط» من مادة «قنوط» على وزن قنوت بمعنى الیأس من الخیر والرحمة، والقنوط على وزن بلوط صیغة مبالغة.
2. سورة الاعراف / 156.
3. سورة یوسف / 87 .
4. سورة الحجر / 56.
5. سورة لقمان  / 20.
6. سورة الزمر / 53.
7. فی ظلال نهج البلاغة 1 / 226.
8. مجمع البیان ذیل تفسر بسم اللّه الرحمن الرحیم من سورة الفاتحة.
9. «إستنکاف» من مادة «نکف» على وزن نظم بمعنى الابعاد، والانتکاف بمعنى الخروج من أرض إلى اُخرى، والاستنکاف بمعنى الآباء والاعراض عن الشیء.
10. سورة النساء / 173.
11. سورة النحل / 18.

 

القسم الأول القسم الثانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma