المعذّرون المفتضحون!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الثانیالقسم الثالث

یشرح الإمام(علیه السلام) فی هذا المقطع من الخطبة ما أورده فی بدایتها، ثم یعرض الأدلة القاطعة التی تدین ناکثی البیعة ومؤججی نار الحرب ویفضحهم أمام المسلمین. فقد أشار(علیه السلام)إلى الذریعة الأصلیة التی تمسک بها طلحة والزبیر وأعوانهما; أی المطالبة بدم عثمان، فقال(علیه السلام): «وإنّهم لیطلبون حقاً هم ترکوه ودماً هم سفکوه» ـ روى المؤرخ المعروف الطبری فی تاریخه عن أحد أصحاب عثمان أنّ علی(علیه السلام) کان فی ماله بخیبر لما حصر عثمان، فقدم المدینة والناس مجتمعون على طلحة، وکان لطلحة فی حصار عثمان أثر، فلما قدم علی(علیه السلام)أتاه عثمان، وقال له: أمّا بعد; فانّ لی حق الإسلام وحق الأخا والقرابة والصهر، ولو لم یکن من ذلک شیء وکنّا فی جاهلیة، لکان عاراً على بنی عبد مناف أن یبتز بنو تیم أمرهم ـ یعنی طلحة ـ فقال له علی(علیه السلام): أنا اُکفیک، فاذهب أنت. ثم خرج إلى المسجد فرأى اُسامة بن زید، فتوکأ على یده حتى دخل دار طلحة وهى مملوءة من الناس، فقال له: یا طلحة، ما هذا الأمر الذی صنعت بعثمان؟ فقال: یا أبا الحسن، أبعد أنّ مس الخرام الطبین! فانصرف علی(علیه السلام)حتى أتى بیت المال، فقال: افتحوه، فلم یجدوا المفاتیح، فکسر الباب، وفرق مافیه على الناس; فانصرف الناس من عند طلحة حتى بقی وحده، وسرّ عثمان بذلک; وجاء طلحة فدخل على عثمان، فقال: یا أمیر المؤمنین; إنّی أردت أمراً فحال الله بینی وبینه، وقد جئتک تائباً ـ فقال: والله ما جئت تائباً ولکن جئت مغلوباً; الله حسیبک یا طلحة.(1) ثم ذکر الطبری فی موضع آخر من تأریخه أنّ عثمان حین قتل، خرج من عنده «سودان بن حمران» وهو یقول «أین طلحة؟ فقد قتلنا عثمان»(2).

فالذی یستفاد من هذه الشواهد وسائر القرائن التأریخیة أن طلحة کان من المخططین الرئیسیین لقتل عثمان. أمّا جملة عائشة بشأن عثمان فهى معروفة مشهورة للجمیع فقد کانت تنادی صراحة «اقتلوا نعثلاً! قتل الله نعثلاً» وکانت تقصد بنعثل عثمان.

ابن أبی الحدید یصرح فی شرحه لاحدى خطب نهج البلاغة بشأن موقعة الجمل فیقول: یعترف جمیع المؤرخین المسلمین بأنّ عائشة کانت من أعدى أعداء عثمان وهى التی أخرجت قمیص رسول الله(صلى الله علیه وآله)وکانت تقول «هذا قمیصه لم یبل وقد أبلى عثمان سنته»، وقیل أنّ أول من دعا عثمان نعثلاً عائشة، وکانت تقول: «اُقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً»(3). فالعجیب ورغم ذلک قد خرج هؤلاء للمطالبة بدم عثمان! ویبدو أنّ هذه المسائل لیست عجیبة فی عالم السیاسة (السیاسة التی تفتقر إلى الإیمان والتقوى والورع) فی أن یتآمر بعض الأفراد ثم یهبون للوقوف بوجه هذه المؤامرات من باب الدفاع! ثم قال الإمام(علیه السلام): «فلئن کنت شریکهم فیه فان لهم لنصیبهم منه ولئن کانوا ولوه دونی فما التبعة إلا عندهم».

فالمراد أنّ الجمیع یعلم بأنّ هؤلاء شرکاء فی قتل عثمان، ولو افترض بانّی شریک أیضاً فی هذا الدم (والحال انّی لست غیر شریک فحسب، بل بذلت قصارى جهدی لاطفاء نیران هذه الفتنة) فانّ التهمة ثابتة بحقهم، فان کانوا هم النواة الأصلیة فی هذا العمل فان علیهم أن یتحملوا مسؤولیة عملهم! وإذا کان الأمر کذلک فما أوقحهم فی قیامهم ومطالبتهم إیّای بدم عثمان.

ویواصل الإمام(علیه السلام) کلامه قائل: «وإن أعظم حجتهم لعلی أنفسهم». حیث یمیط اللثام عن الدافع الرئیسی وهو أنّ هؤلاء کانوا یرغبون باستمرار الأوضاع التی کانت سائدة على عهد عثمان، فتجعل لهم بعض الامتیازات فی بیت المال، غیر أنّ ذلک العهد ولى واندرس ولیس هنالک من سبیل إلى عودته إلى مسرح الأحداث ثانیة: «یرتضعون اُمّا قد فطمت ویحیون بدعة قد اُمیتت».

کما وردت عدة تفاسیر لقوله(علیه السلام): «اُما قد فطمت» منها أن یکون المراد تلک السنن الجاهلیة والبدع والعصبیة التی کانت سائدة قبل الإسلام، حیث یتشبثون بکل الوسائل الأخلاقیة من أجل الحکومة، فأمیر المؤمنین یصف ذلک العهد بالاُم التی فطمت فلم تعد هنالک من وسیلة لتحقیق المطامع»(4).

ویبدو أنّ هذا التفسیر یناسب العبارة الثانیة «ویحیون بدعة قد اُمیتت» لا العبارة الاولى، کما أنّ جمع العبارتین بمعنى واحد یخالف ظاهر اللفظ. فی حین ذهب البعض إلى أنّ المراد أنّهم بمطالبتهم بدم عثمان إنّما یریدون احیاء أیام حکومته، رغم أن هؤلاء المطالبون بدمه هم من بین الأفراد الذین ثاروا علیه وسببوا قتله ومن هنا أرادوا أن یرتضعوا أما قد فطمت. وبالطبع فانه یمکن الجمع بین کل هذه المعانی، وإن بدأ المعنى الأول أنسب. فالنتیجة التی ستتمخض عنها حرکة هؤلاء الافراء سوف لن تکون سوى الفشل الذریع; الأمر الذی عبر عنه الإمام(علیه السلام)بالقول «یا خیبة الداعی! وإلام أُجیب»(5). والواقع انهذه العبارة تکهن بالنتیجة التی ستؤول الیها معرکة الجمل. فالإمام(علیه السلام)یعلن أنّ عاقبتهم ستکون الفشل والهزیمة; عاقبة الغدرة الذین خططوا لقتل عثمان ثم انبروا للمطالبة بدمه ففرقوا صفوف المسلمین فضلوا طائفة من الناس وخسروا الدنیا والآخرة. ثم قال الإمام(علیه السلام): «وإنّی لراض بحجة الله علیهم وعلمه فیهم» ولعل مراده بحجة الله، ما ورد فی الآیة القرآنیة بشأن البغاة (وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ المُـؤْمِنِـینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما فَإِنْ بَغَت إِحْداهُما عَلى الأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتّى تَفِیءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ)(6). أمّا قوله(علیه السلام): «علمه فیهم» فقد تکون إشارة للحدیث المشهور عن النبی(صلى الله علیه وآله)بشأن علی(علیه السلام) «قاتل الناکثین والقاسطین والمارقین». فلما سألت أم سلمة رسول الله(صلى الله علیه وآله) عن هذه الفرق الثلاث قال: الناکثین أهل الجمل، والقاسطین أهل الشام والمارقین أصحاب النهروان»(7).

ولما کان الإمام(علیه السلام) راضى برضا الله وعالم بما ستؤول إلیه الأحداث من یأس العدو وهزیمته فان روحه مفعمة بالرضى والهدوء والسکینة.


1. تأریخ الطبری 3 / 453.
2. تأریخ الطبری 3 / 411.
3. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 6 / 215.
4. منهاج البراعة 3 / 310.
5. «الخیبة» بمعنى الیأس، والمراد بالداعی هنا طلحة والزبیر الذین دعوا الناس للخروج على عثمان. وقوله إلام اُجیب، تحقیراً لاولئک الذین اتبعوهما دون دلیل.
6. سورة الحجرات / 9.
7. إحقاق الحق 4 / 99 نقلاً عن ینابیع المودة.

 

القسم الثانیالقسم الثالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma