سرّ الانهیار

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الثانی1 ـ بسر بن أرطاة القائد السفاح لمعاویة

أشار الإمام (علیه السلام) ـ فی هذا المقطع من الخطبة ـ إلى قصة بسر بن ارطاة ذلک الجبار الشامی الفض وغلبته على الیمن ، ثم تطرق (علیه السلام) إلى مصیر أهل العراق والمستقبل المظلم الذی ینتظرهم مع ذکر الأسباب والعلل التی ستفضی إلى ذلک المستقبل. فقد ذکر بعض شرّاح نهج البلاغة أنّ معاویة وجّه بسراً إلى المدینة وأمره بقتل شیعة علی (علیه السلام) وإرعاب أهل المدینة التی هبت لنصرة رسول الله (صلى الله علیه وآله)وقاتلت أبی سفیان ، فدخل المدینة وشتم أهلها وهدّدهم وتوعدهم ، ثم دعا الناس إلى بیعة معاویة فبایعوه ، وأحرق دوراً کثیرة. ثم قصد الیمن فاستباح أهلها وقد قتل ولدی حاکم الیمن آنذاک عبد الله بن عباس.(1) وقد ذکر ابن أثیر أنّ هذین الطفلین لاذا بأعرابی من بنی کنانة ، فلما أراد بسر أن یقتلهما ، قال له الکنانی: دعهما فلا ذنب لهما ، فإن کنت قاتلهما فاقتلنی معهما ، حیث کان یعتبر ذلک الأعرابی أن قتلهما یعنی تقصیره فی أداء الأمانة. فما کان من بسر إلاّ أن قتلهما وقتل هذا الأعرابی.(2)

على کل حال إطلع أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) على هذه الأخبار الألیمة فساءه ذلک فقال: «أُنبئت بسراً قد اطَّلع(3) الیمن وإنی والله لأظن أنّ هؤلاء القوم سیدالون(4) منکم» ، ثم تطرق (علیه السلام)إلى علل هذه الدولة لیسلط الضوء على أربعة عناصر مهمّة تقف وراء النصر ، فقال (علیه السلام): «باجتماعهم على باطلهم ، وتفرّقکم عن حقّکم». فالاتحاد دعامة النصر ولاسیّما إذا سادت الوحدة أتباع الحق. ولکن یالها من مصیبة أن یتفرق دعاة الحق عن حقهم ویجتمع دعاة الباطل ویتحدون على باطلهم! رغم أنّ الباطل مصدر الخلاف والتشتت وأنّ الحق مرکز الاخاء والوحدة. نعم فإنّ الوفاق والاتحاد لمن دوعی النصر والنجاح فی کل عمل وإنّ الشقاق والفرقة لمن دواعی الهزیمة والفشل.

أمّا العنصر الثانی فیخلّص فی الطاعة وإمتثال الأوامر التی کانت سائدة لأصحاب الباطل وعدم طاعة أهل الحق لإمامهم: «وبمعصیتکم إمامکم فی الحقّ، وطاعتهم إمامهم فی الباطل». أجل فالانضباط والطاعة حیثما کانت إنّما تقود إلى النصر والغلبة. ولیس لجیش ولا لاُمّة أن تبلغ ما ترید دون رعایتها للانضباط وطاعتها لآمرها وزعیمها ، ومن هنا ورد التأکید فی کافّة الدوائر والمؤسسات الیوم على مسألة الانضباط والالتزام بالمقررات.

العنصر الثالث یتمثّل بالأمانة والوفاء بالعهد والتی تقابلها الخیانة ونقض العهود ولاسیّما حیال الرؤساء والزعماء «وبادائهم الأمانة إلى صاحبهم وخیانتکم» فأمانتهم إنّما دفعت بهم لتعبئة کافّة الإمکانات والطاقات ضد أعدائهم ، فی حین بددت خیانتکم هذه الطاقات وذهبت بها أدراج الریاح ، وهل من مصیر ینتظر من ضیع طاقاته وبدد إمکاناته سوى الهزیمة والفشل. لقد فسرّ بعض شرّاح نهج البلاغة الأمانة هنا بالبیعة ، غیر أنّ التفسیر الذی أوردناه سابقاً واستناداً إلى سائر عبارات الخطبة یبدو أنسب من هذا التفسیر ، أضف إلى ذلک فإن کانت البیعة بمعنى الطاعة فقد ذکرت سابقاً ولا داعی للتکرار.

وأخیراً «وبصلاحهم فی بلادهم وفسادکم» وعلیه فقد أوجز الإمام (علیه السلام) عوامل نصرهم وفشل إتباعه فی اتّحادهم وانضباطهم وأمانتهم وصلاحهم فی بلادهم ، فی حین عاش أتباعه الفرقة والاختلاف والغدر والخیانة والفساد. فأسالیب الإدارة والحنکة فی الحکومة وإدارة شؤون البلاد مهما کانت قویّة فإنّها لن تؤدّی إلى نتائج مرضیة فی ظلّ هؤلاء الأفراد الذین یمثّلون أذرع الحاکم وعناصره فی الدولة.

أجل فالحق ضعیف مهضوم إذا مافسد أتباعه ، والباطل قوی فی ظلّ اتّحاد أتباعه.

ثم یختتم الإمام (علیه السلام) کلامه قائل: «فلو ائتمنت أحدکم على قعب(5) لخشیت أن یذهب بعلاقته(6)».

فهل من مجال للوثوق بمثل هؤلاء الأفراد الذین لا یؤتمنون على أتفه الأشیاء ، فضلاً عن القیام بإدارة شؤون الحکومة الإسلامیة ومسائل الصلح والقتال وبیت المال وامثال ذلک.


1. فی ظلال نهج البلاغة 1 / 177.
2. الکامل لابن أثیر 3/383; تأریخ الطبری 4 / 106 ، 108.
3. اطلع، تعنی فی الأصل النظر من الأعلى ، واستعملت کنایة عن النصر والغلبة المفاجاة، مادة «طلوع» بمعنى الظهور.
4. «یدالون» (فعل مضارع مجهول من باب الأفعال) من مدة دولة بمعنى الانتقال من مکان إلى آخر. ومن هنا اطلقت الدولة على المال والثروة التی تتداول بین الناس ، والمراد بها فی هذه العبارة سیغلبونکم وتکون لهم الدولة بدلکم.
5. «قعب»، قال بعض أرباب اللغة بمعنى قدح خشبی وقال البعض الآخر قدح کبیر ضخم.
6. «علاقة» إذا استعملت مفتوحة العین عنت الرابطة المعنویة وإن کسرت کانت بهذا المعنى أو بمعنى الروابط المادیة ، وقد وردت هنا بمعنى ما یعلق بالظرف من لیف أو نحوه.

 

القسم الثانی1 ـ بسر بن أرطاة القائد السفاح لمعاویة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma