لم یقتصر تأویل الحقائق وتحریف الآیات القرآنیة على الخوارج بغیة الوصول إلى مآربهم وأهدافهم المشبوهة، بل إذا تصفحنا تأریخ البشریة لوجدنا قضیة تحریف الحقائق من الحراب والوسائل الفعاله التی إعتمدها الظلمة والطواغیت على مر العصور. فقد مارس هؤلاء أبشع تحریف لکلام اللّه وکلام الأنبیاء والأولیاء وفسروها حسب أهوائهم وهم ینشدون هدفین: الهدف الأول خداع الناس والآخر خداع أنفسهم. وما قضیة النمرود مع نبی اللّه إبراهیم(علیه السلام)وفرعون مع موسى(علیه السلام)والتی تطرقت لها أغلب الآیات القرآنیة فی سورة البقرة وطه وسائر السور منک ببعید فقد کانوا یقولون کلمات حق ولا یریدون بها سوى الباطل من أجل خداع من حولهم والتغریر بهم. ونشاهد الیوم أبشع صور هذا التحریف وکلمات الحق التی یراد بها الباطل من قبیل کلماتهم فی الحریة والدیمقراطیة والکرامة الإنسانیة وحقوق الإنسان والثقافة والحضارة والمدنیة ومکافحة الارهاب وما إلى ذلک من الشعارات التی تلقلق بها ألسنة الطواغیت والجبابرة، ولا یریدون بها سوى الباطل، بل هنالک منافسة کبرى بین هؤلاء الطغاة فی إنتخاب الشعارات البراقة الأکثر تأثیراً وخداعاً من أجل نیل أهدافهم المشؤومة. ومن هنا تشتد وظیفة العلماء الاعلام فی ضرورة تنبیه الاُمّة إلى عظم الأخطار المحدقة وضرورة التحلی بالیقظة والوعی وعدم الانزلاق وراء هذه الشعارات الزائفة لیرفعوا من مستوى الاُمّة الثقافی فلا تنطلی علیها خدع الاستکبار وألاعیبه.