الدنیا دار المنى

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الثانی الکفاف والعفاف

لقد عرض الإمام(علیه السلام) هنا بذم الدنیا على أنّ حبّها والتعلق بها یعد من آعظم آفات سبیل سعادة الإنسانیة. کما أنّ الاغترار بزخارفها وزینتها أساس الذنوب والمعاصی، فقال(علیه السلام)«والدنیا دار منی لها الفناء»(1). نعم فدعائم الکون تحکی آثار الزوال والفناء، فالأشجار التی تتفتح فی الربیع وتحمل الثمار إنّما تذبل فی فصل الخریف لتجف ثم تتساقط أوراقها على الأرض فتعبث بها الریاح هنا وهناک، وکأنّ حیاة هذه الاشجار لم تشهد الربیع ولم تحمل الثمار. وهکذا حال الإنسان فالفتى القوی بالأمس، هو العجوز الهرم الیوم، والکهل العجوز الیوم سیکون عظاما نخرة غداً! ثم قال(علیه السلام) «ولأهلها منها الجلاء»(2) فکافة الأفراد دون إستثناء سیودعون عاجلا أم آجلا هذه الدنیا الفانیة لیتجهوا نحو تلک الحیاة الخالدة فی عالم الآخرة. فهذا قانون إلهی مطلق لا یسع أحد إنکاره والخروج علیه. ومن هنا عبرت بعض الآیات القرآنیة عن الموت بالیقین، وذلک لأنّه یوقن به حتى من أنکر المعاد والحساب. ثم قال(علیه السلام) «وهى حلوة خضرة» وتختص الحلاوة بالذائقة بینما ترتبط الخضرة بالباصرة، فخضرة الدنیا وجمالها تخطف بصر الفرد الغافل وتشده إلیها، بینما تسوق حلاوتها ذلک الإنسان إلى المعصیة والخطیئة، ومن المعلوم أنّ خداع الدنیا لا یقتصر على هذین الأمرین، بل لکل حاسة من حواس الإنسان ما یجذبها ویربطها بالدنیا. وأضاف(علیه السلام)«وقد عجلت للطالب والتبست(3)بقلب الناظر» فطبیعة الدنیا خیرها العاجل ومنافعها المبکرة، وإذا أتت الإنسان فإنّها تنفذ إلى قلبه حتى تکون جزءاً منه لأنّها جمیلة للناظر، کما أنّها حلوة للمذاق، ولذلک کان التحرر منها صعباً. وما ان فرغ الإمام(علیه السلام) من بیان صفات الدنیا لتتطلع القلوب إلى أوامر السماء حتى قال «فارتحلوا منها بأحسن ما بحضرتکم من الزاد ولا تسألوا فیها فوق الکفاف، ولا تطلبوا منها أکثر من البلاغ»(4). لا ینبغی أن ینسى الإنسان أنّه مسافر قد أقام هنا بصورة مؤقتة، والمسافر الفطن إنّما ینهمک باعداد الزاد والمتاع فی مثل هذا المنزل، فهو یتزود بأحسن الأمتعة والأشیاء ولا یثقل کاهله بالردی منها أبدا (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَیْرَ الزّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ یا أُولِی الأَلْبابِ)(5). فالتقوى أفضل زاد الدنیا إلى جانب الحذر من نوم الغفلة.


1. منی لها الفناء، أی قدر لها لها الفناء. وتطلق على الآمال التی یخطط لها الإنسان فالمراد أن الفناء مقدر فی طبیعة الدنیا.
2. «الجلاء» بمعنى الظهور ، ومنه الجلاء عن الوطن بمعنى الخروج منه ، وکأنّ الإنسان کان مستخفیاً وقد ظهر بعد أن خرج من وطنه.
3. ـ مادة «الالتباس» إن تعدت بحرف الباء عنت الاختلاط والامتزاج، وإن تعدت بحرف على عنت الاشتباه، ومن هنا یتضح أنّ المراد بالعبارة هنا الاشتباه.
4. «البلاغ» بمعنى الوصول إلى الشی، ومنه البلوغ الذی یصل فیه الإنسان مرحلة خاصة. والمراد بها هنا ما یتبلغ به، أی یقتات به مدة الحیاة.
5. سورة البقرة / 197.

 

القسم الثانی الکفاف والعفاف
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma