2 ـ اتباع الهوى وطول الأمل من أعدى أعداء الإنسان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
1 ـ خیر الزادتکملة

لابدّ من التعامل بصورة جادة مع التحذیر الذی اُختتمت به الخطبة بشأن الأخطار الکبرى التی یفرزها إتباع الهوى وطول الأمل ; فهما مکمن الخطر والمأساة التی تصیب الإنسان. فاتباع الهوى یعد أعظم عقبة تعترض سبیل سعادة الإنسان. فالاستسلام المطلق للشهوات والأهواء النفسیة یعد العدو اللدود لسعادة البشریة. القرآن الکریم من جانبه حذر حتى الأنبیاء من هذا العدو الفتاک، ومنهم نبی الله داود (علیه السلام)الذی قال بشأنه (وَلا تَـتَّبِـعِ الهَوى فَیُضِلَّکَ عَنْ سَبِیلِ اللّهِ)(1) کما صور هوى النفس فی موضع آخر بالصنم الذی یعبد من دون الله (أَفَرَأَیْتَ مَنِ اتَّـخَذَ إِلـهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللّهُ عَلى عِلْم وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ یَهْدِیهِ مِنْ بَعْدِ اللّهِ أَفَلا تَذَکَّرُونَ)(2). والحق أن إتباع الهوى لیعمی البصیرة ویصم السمع ویختم على العقل والفکر ویحول دون الإنسان وتمییز بدیهیات الحیاة، فهل هنالک من خطر أعظم وأفدح منه ؟! ومن هنا اقتصر القرآن بوعده الجنّة لاُولئک الذین یخشون الله ویسیطرون على أهوائهم (وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهى النَّفْسَ عَنِ الهَوى * فَإِنَّ الجَنَّةَ هِیَ المَـأْوى)(3).

طول الأمل هو الآخر من أسوأ وأخطر العقبات التی تعترض سبیل السعادة الإنسانیة ; فقد دلت التجارب على مدى التأریخ أنّ آمال الإنسان الخیالیة لا تقف عند حدود، فلا یزداد نحوها إلاّ تعطشاً. ومن الطبیعی أنّ مثل هذه الآمال تشل حرکة الإنسان وتسلبه جمیع طاقاته الفکریة والبدنیة ولا تبقى له شیئاً یشده نحو الآخرة. فاننا نعرف بعض الأفراد الذین عاشوا هذه الآمال الکاذبة حتى اللحظات الأخیرة من حیاتهم دون أن یلتفتوا حتى لتربیة فلذات أکبادهم. ومن عجائب هذه الآمال، أنّ الإنسان کلما تقدم أکثر کانت هذه الآمال أکذب بحیث تضاعف غرور الإنسان وتصده عن الواقع. وهذا هو الوضع السائد لدى الکفّار والذی أشار إلیه القرآن فی خطابه لرسول الله(صلى الله علیه وآله) ( ذَرْهُمْ یَأْکُلُوا وَیَـتَمَـتَّعُوا وَیُلْهِـهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ)(4)، المعنى الذی أشار إلیه الإمام (علیه السلام) فی قصار کلماته فی نهج البلاغة «من أطال الأمل أساء العمل»(5).

ویبدو أن تلک الآمال متعذرة النیل من خلال الأسباب المشروعة، وهى لا تتیسر إلاّ من خلال خلط الحلال بالحرام وهضم حقوق الآخرین ونسیان الله والآخرة. ومن هنا حذر الإمام (علیه السلام) فی الخطبة 86 من نهج البلاغة أولئک الذین ینشدون السعادة بالقول «واعلموا أنّ الأمل یسهی العقل وینسی الذکر فأکذبوا الأمل فانه غرور وصاحبه مغرور» ویبدو قصر الأمل على درجة من الأهمیة بحیث اعتبره الإمام (علیه السلام) الرکن الأصلی للزهد، وهذا ما أورده فی الخطبة 81 من نهج البلاغة «أیها الناس، الزهادة قصر الأمل والشکر عند المنعم والتورع عند المحارم». وآمال الإنسان کانت ومازالت أبعد وأطول من عمر الإنسان وإمکاناته وقدراته ; الأمر الذی لا یجعل أهل الهوى وطلاب الدنیا یحققون تلک الآمال ویظفروا بها أبداً، وغالباً ما یودعون الدنیا بمنتهى الانزجار والاستیاء فی لحظات نزع أرواحهم. وبالطبع لا ینبغی الغفلة عن الأمل بشکل الدافع الأساس لسعی الإنسان وجهده وانطلاقته فی هذه الحیاة، وعلیه فالأمل حسن ولیس بقبیح ولا یمکن مواصلة الحیاة من دونه، إلاّ أنّ المذموم إساءته وطوله وبعده عن الواقع واستناده إلى الوهم والخیال. ومن هنا ورد فی الحدیث «الأمل رحمة لامتی ولولا الأمل ما رضعت والدة ولدها ولا غرس غارس شجراً»(6).

وبناءً على ما تقدم فان وظیفة أساتذة الأخلاق خطیرة ثقیلة ; وذلک لأنّهم لابدّ أن یضیئوا نور الأمل فی قلوب الناس من جهة ومن جهة اُخرى ینبغی أن یبقوا علیه متوازناً بعیداً عن الإفراط. والآمال المنطقیة هى تلک التی تنسجم ومتطلبات الإنسان وقدراته الواقعیة بحیث لا تبعده عن هدفه المنشود. وبالطبع فانّ الإسلام لا یعارض التخطیط والبرمجة من أجل المستقبل والتطلع إلى الغد ولا سیما بالنسبة للأنشطة الاجتماعیة التی تعود بالنفع على المجتمع الإسلامی وتضع حداً للتبعیة لأعداء الإسلام، فانّ مثل هذه الأنشطة لیست مذمومة فحسب، بل تعتبر عبادة والمذموم فی الإسلام أنّ الإنسان یغرق فی هالة من الآمال الفارغة التی تنسی الآخرة، وبالتالی لا یظفر الإنسان بها مهما جند طاقته وإمکاناته.

وفی الحیاة الفردیة مطلوب هو التفکیر فی العاقبة والذی إصطلحت علیه الروایات بالحزم. والمذموم فی الإسلام أن یغرق الإنسان فی الأمل حتى ینسى الآخرة، ویفنى کل طاقته وقواه فی ذلک الأمل الذی لن یبلغه قط.


1. سورة ص / 26.
2. سورة الجاثیة / 23.
3. سورة النازعات / 40 ـ 41.
4. سورة الحجر / 3.
5. نهج البلاغة، الکلمات القصار / 36.
6. بحار الأنوار 74 / 173.

 

1 ـ خیر الزادتکملة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma