الرضى والتسلیم إلى جانب السعی والعمل

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
الرضا والتسلیم أمام إرادة اللهالقسم الثانی

لعل هنالک من یقول بأنّ روح الرضى والتسلیم لأمر الله فی الرزق وفی المنافع المادیة بصورة عامّة إنّما تهدأ النفس البشریة وتحدّ من جماحها وتحوّل دون الإنسان والارتماء فی میادین الحرص والطمع وجبایة الأموال واللهث وراء الثروة والانغماس فی المحرمات کما تصدّه عن استشعار معنی الحسد والبغض، إلاّ أنّ مثل هذا الشعور قد یقتل عند الإنسان روح السعی والمثابرة بحیث یتشبّث کلّ فرد بذریعة من الذرائع من قبیل أنَّ الأرزاق مقسّمة وکلّ قد سمّى الله له رزقه ونصیبه فیخلد إلى السکون والدعة والکف عن العمل، فما جدوى ذلک والأرزاق قد قسمت; الأمر الذی یؤدی بالتالی إلى تخلّف الأمّة فی المجال الاقتصادی والتطور المادی واجتثاث جذور الفقر والحرمان.

إلاّ أنّ هذا الإشکال قد یزول إذا ما ألتفت إلى أمرین: الأول هو أنّ هذه التعالیم الإسلامیة والوصایا الأخلاقیة إنّما توخّت الحد من تهافت الإنسان على المادیات وتناسیه لکل ما سواها، بعبارة اُخرى فإنّ الإنسان یمتلک الدوافع التی تسوقه نحو المادیات والنهوض بحیاته الاقتصادیة، ولو لم تکن هنالک من کوابح لهذه الدوافع فإنّه سینطلق بسرعة هوجاء نحو الحرص والتسابق فی جنی الأموال والثروة بحیث یحطم کافة الحدود والقیود الأخلاقیة والقیم المعنویة. وبعد هذا هو المعنى الذی أشار له الإمام علی بن الحسین(علیهما السلام)حین قال: «معاشر أصحابی! أوصیکم بالآخرة ولست أوصیکم بالدنیا! فإنّکم بها مستوصون وعلیها حریصون وبها متمسِّکون»(1). والأمر الثانی یکمن ضرورة جمع کافة الآیات والروایات الواردة بهذا الشأن من أجل التوصّل إلى النتیجة النهائیة بخصوص التعالیم الإسلامیة; لأنَّ القضایا الإسلامیة المحوریة لاتبدو واضحة المعالم من خلال آیة واحدة أو حدیث واحد. ففی مجال تحصیل الرزق والقناعة به وضرورة السعی والحرکة هنالک الآیات والروایات التی أشارت من جهة إلى مسألة الرضى والتسلیم تجاه التقدیرات الإلهیة، وهنالک من جهة اُخرى الآیات والروایات التی وردت فی الحث على السعی والعمل، بحیث یفهم من مجموع الطائفتین من الآیات والروایات أنّ الضعف والوهن فی هذا المجال لیس صحیحاً کما أن الحرکة الحریصة والممزوجة بالذنب والمعصیة التی تفرزها طبیعة تجاهل التقدیر الإلهی والتوکّل على الله هى الأخرى لیست صحیحة أیضاً. وبعبارة اُخرى، صحیح أنّ الرزق قد قسم من جانب الله، غیر أنَّ ذلک مشروط بشرط السعی والجهد المقرون بالخلق والتقوى والورع.

ونختتم البحث بما ورد فی الحدیث النبوی الشریف بشأن مقام الرضى والتسلیم فی أنّ طائفة من المسلمین تطیر من قبورها یوم القیامة إلى الجنّة لتتنعّم بنعیمها دون أن تشهد الحساب فتسألهم الملائکة عن الحساب والجواز على الصراط، فتجیب أنّها لم تر الحساب والصراط. وتسألهم عن جهنّم، فجیبوا بعدم رؤیتها. فیسألون من أیّة اُمتم أنتم؟ فتقول من أُمّة محمد(صلى الله علیه وآله) فتقسم علیهم الملائکة عن أعمالهم التی أدّت بهم إلى هذه الکرامة، فیقولون: «کنا إذا خلونا نستحی أن نعصیه ونرضى بالیسیر ممّا قسِّم لنا» فتقول لهم الملائکة: «حقّ لکم هذا»(2).


1. بحار الأنوار 75 / 147.
2. مسکن الفؤاد نقلاً عن بحار الأنوار 100 / 25.

 

الرضا والتسلیم أمام إرادة اللهالقسم الثانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma