إنّ التأریخ الإسلامی ولا سیما إبان القرن الأول والثانی ملی بالفتن الغریبة والألیمة التی کادت تقضی على جهود النبی(صلى الله علیه وآله) وصحبه المیامین، ولو لا تلک الفتن التی عصفت بالإسلام لما کنا نعیش مثل هذا العالم، والأنکى من ذلک الفتن التی وقعت بعد خمس وعشرین سنة من رحیل النبی(صلى الله علیه وآله) حین وصلت الخلافة عام 35 هـ فاستهدفت تلک الفتن إعادة الإسلام إلى الجاهلیة; أمّا السنوات الأخیرة لخلافة عثمان فقد شهدت غیاب جمیع القیم والمثل الإسلامیة، فی حین تجددت سنن الجاهلیة وأعرافها المقیتة وانبرت طلائع الشرک والنفاق للتسلم مواقعاً حساسة فی الحکومة; الأمر الذی کان یعقد وظیفة الإمام(علیه السلام). صحیح أنّ الإمام(علیه السلام)تمکن بجهاده المریر أن یحیى القیم والمثل الإسلامیة، ولکن المؤسف أنّ الفتن لم تسکن حتى أدت فی خاتمة المطاف إلى قتل الإمام(علیه السلام) فی محرابه من قبل تلک الطغمة الضالة. ثم إتسع حجم هذه الفتن على عهد معاویة ویزید وسائر الشجرة الأمویة الخبیثة، فقد سفکت الدماء، واستفلحت البدع، وسادت الأهواء، لتبلغ ذروتها على عهد بنی العباس حتى مثل الإسلام وجفت عروقه. فلو نظرنا إلى هذه الفتن لوقفنا على عمق خطبة الإمام(علیه السلام)التی حصرت أساس الفتن فی أمرین إتباع الهوى والبدع فی دین اللّه; الأمران الذان یشاهدان فی کل مکان، فقد تمسکت طائفة من أصحاب الفتن بالأمر الأول بینما لاذت طائفة اُخرى بالأمر الثانی. ولا نرى البحث یسع الخوض فی هذه التفاصیل ونوکلها إلى مکان آخر.