تخففوا تلحقوا !

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
الخطبة 21عاقبة المثقلین!

ورد هذا الکلام ضمن سیاق الخطبة 167، حیث تضمنت تلک الخطبة مثل هذه العبارات مع بعض الفوارق الطفیفة.

والذی یفهم من کلام المرحوم السید الشریف الرضی أنّ الإمام(علیه السلام) قد ألقى هذه الخطبة أوائل ما آلت إلیه الخلافة، بینما یفهم من کتاب «مطالب السؤل»(1) أنّ هذه الخطبة هى إمتداد للخطبة السابقة وتعرّض لذات المطالب.

وهناک احتمال آخر فی أنَّ الخطب الثلاث قد صدرت معاً عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) فی موضع واحد، ثم صنّفتْ ثلاثة أقسام.

على کل حال فإنَّ هذا القسم من الخطبة ـ والذی لا یتجاوز بضعة عبارات ـ وعلى حد تعبیر السید الرضی لو وزن بعد کلام الله وبعد کلام رسول الله(صلى الله علیه وآله) لمال به راجحاً! والحق ان الأمر کذلک حقاً ماهذه الفصاحة والبلاغة فی کلمات قصار تتعرَّض لمثل هذه الحقائق السامیة! فالإمام ینبِّه أبناء الأُمّة بادئ الأمر إلى مفهوم المعاد ومحکمة العدل الإلهی لیلفت إنتباههم من خلال ذلک إلى عظم المسؤولیات والوظائف التی ینبغی لهم أن ینهضوا بها فی خلافته، ویحذرهم من کافة ألوان النفاق والتشتت والفرقة والنکوص عن إداء الواجبات. وأخیراً یذکرهم بالعاقبة التی تنتظرهم بعد العرض على الله یوم القیامة، فأمّا الجنّة وأمّا النار «فإن الغایة أمامکم، وإن وراءکم الساعة تحدوکم».

والتعبیر بـ «الغایة» (عاقبة الأمر) بشأن القیامة والجنّة والنار لأنّ الحیاة فی الدنیا إنّما هى مقدمة للحیاة الأبدیة فی العالم الآخر.

فقوله(علیه السلام): «فان الغایة أمامکم» یعنی عدم وجود الشک والریب فی أن مآل الاُمور هناک ولیس لأحد الفرار عن ذلک المآب.

وأمّا التعبیر بـ «الساعة» فقد صرَّح بعض شارحی نهج البلاغة بأنّه إشارة إلى القیامة الصغرى; أى الموت. فقوله(علیه السلام): «وراءکم» یفید أنَّ عوامل الموت إنَّما تکمن وراء الإنسان، فهى تسوق الإنسان من الطفولة إلى الشباب ومن الشباب إلى الکهولة والشیخوخة وأخیراً من الشیخوخة إلى انقطاع الحیاة. فی حین صرَّح البعض الآخر بأنّ المراد بـ «الساعة» هو ساعات اللیل والنهار وکأنّها الأمر الصارم الذی کمن خلف الإنسان ویسوقه إلى حتفه. ولیس هناک من فوارق تذکر بین هذین التفسیرین حیث مؤداهما واحد. وبالاستناد إلى أن کلمة «تحدوکم» المشتقة من مادة «حدو» بمعنى «السوق والدفع نحو الشیء».

فإنَّ الذی یتبادر إلى الذهن هو أن تقلب اللیل والنهار والشهر والسنة رغم تقریبها الإنسان من وصول أجله وانقطاع حیاته، غیر أنّها تشکل عوامل غفلته بفعل اختلاطها بزخارف الدنیا وزبرجها. فالواقع هو أنّ هذه العبارة التی تصدرت الکلام رغم قصرها قد أشارت إلى القیامة الکبرى إلى جانب إشارتها إلى القیامة الصغرى; الأمر الذی یعدّ المستمع للاصغاء إلى المرحلة اللاحقة.

فأورد(علیه السلام) هذه الجملة المقتضبة العمیقة المعنى: «تخففوا تلحقوا» عادة إذا ما انطلقت قافلة من الناس إلى مکان وواجهت هذه القافلة بعض المنعطفات التی لایمکن اجتیازها بسهولة فإنَّ أولئک الأفراد المثقلین بالأحمال غالباً ما یتخلفون عن القافلة التی لا یسعها الوقوف من أجل فرد أو بضعة أفراد فلا یکون أمامها سوى تجاوز ذلک الفرد ومواصلة السیر والحرکة. أمّا ذلک الفرد الذی تخلف عن القافلة فإنَّه سیکون لقمة سائغة لقطاع الطرق واللصوص وذئاب الصحراء، بینما یشقّ المخفون طریقهم بسرعة تجعلهم یصلون إلى هدفهم أسرع من الجمیع. وهذا هو حال بنی آدم فی هذه الدنیا، فهم مسافرون وقد شدّوا الرحال إلى الحیاة الأبدیة التی تعقّب الموت. فمن ثقل حمله من متاع الدنیا وحطامها کان لقمة سائغة للشیطان، أمّا أهل الورع والزهد والتقوى فإنَّهم سیحثون الخطى سریعاً لینالوا سعادة الآخرة والفوز بالخلود.

وقد أکّد الإمام(علیه السلام) هذا المعنى ـ فی الخطبة 204 ـ حین نادى أصحابه: «تجهَّزوا ـ رحمکم الله ـ فقد نودى فیکم بالرحیل وأقلّوا العُرجة على الدنیا... فإنَّ أمامکم عقبة کؤودا ومنازل مخوفة مهولة».

وقد شبه بعض شرّاح النهج الإنسان بالمسافر الذی یجوب البحر وهو یواجه أمواجه العاتیة حیث سیکون الغرق مصیره الحتمی إذا لم یخف مؤونة سفینته.

وقد شبهوا قلب الإنسان بهذه السفینة، التی ستواجه الغرق لا محالة إذا ما أثقل ذلک القلب بحبِّ الدنیا والانغماس فی الشهوات.(2)

وأخیراً یختتم الإمام علی(علیه السلام) خطبته بقوله: «فانما ینتظر بأولکم آخرکم». وتدل هذه العبارة بوضوح على أنّ عالم البشریة بحکم القافلة الواحدة التی تشتمل على المقدمة ـ التی سبقت بالحرکة ـ والوسط والمؤخرة; وهى تواصل مسیرتها لتلتحق مؤخّرتها بمقدمتها، وبعبارة اُخرى فإنّ قانون الموت لا یعرف الحصر والاستثناء وهو المحطة التی سیتوقف عندها الجمیع. وبناءً على ما تقدّم فإنَّ عاقبة الأولین نذیر مبین للآخرین.


1. منهاج البراعة 3 / 301.
2. معارج نهج البلاغه، بیهقى / 109.

 

الخطبة 21عاقبة المثقلین!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma