هناک أبحاث بین شرّاح نهج البلاغة بشأن المقصود بکلام الإمام(علیه السلام) إلاّ أن المشهور أنّ المراد به معاویة. فقد ذکر ابن أبی الحدید فی شرحه: وکثیر من الناس یذهب إلى أنّه(علیه السلام)عنى زیاداً، وکثیراً منهم یقول إنّه عنى الحجاج أو المغیرة، والأشبه عندی أنه عنى معاویة، لأنّه کان موصوفا بالنهم وکثرة الأکل، وکان بطیناً، یقعد بطنه إذا جلس على فخذیه. (1)
وروى أبو عثمان الجاحظ فی کتاب السفیانیة أنّ أباذر قال لمعاویة: سمعت رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)قال: «إذا ولی الاُمّة الاعین الواسع البلعوم الذی یأکل ولا یشبع فلتأخذ الاُمّة حذرها منه»، کما أورد عدة روایات من المصادر المعروفة من قبیل تأریخ الطبری وتأریخ الخطیب وکتاب صفین عن أبی سعید الخدری وعبداللّه بن مسعود أنّ رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) قال: «إذا رأیتم معاویة على منبری فاقتلوه، أو فاضربوا عنقه»(2) فالعبارات الواردة فی الروایة والتی تشبه عبارات الخطبة تفید أنّها بشأن معاویة. والشاهد الآخر موضوع السب الذی ورد أخر الخطبة، حیث نعلم جمیعاً بان معاویة کان یحرض الناس على سب أمیرالمؤمنین(علیه السلام) من على المنابر، فهل من داع للتحری عن فرد آخر وردت بشأنه الخطبة سوى التعصب والعناد؟! على کل حال فانّ الإمام(علیه السلام) تحدث فی هذه الخطبة عن حاکم نهم أکول مندحق البطن یأمر الناس بسبه والبراءة منه. ثم أشار الإمام(علیه السلام) إلى وظیفة الاُمّة حیال ذلک. وقد أثبت التأریخ صحة نبوءة الإمام(علیه السلام)التی تحققت فی عهد معاویة.
وأخیرا أشار الإمام(علیه السلام) إلى بعض فضائله فی آخر الخطبة.
«أَمّا إِنَّهُ سَیَظْهَرُ عَلَیْکُمْ بَعْدِی رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ، مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ، یَأْکُلُ مَا یَجِدُ وَیَطْلُبُ مَا لا یَجِدُ، فَاقْتُلُوهُ، وَلَنْ تَقْتُلُوهُ أَلا وَإِنَّهُ سَیَأْمُرُکُمْ بِسَبِّی وَالْبَراءَةِ مِنِّی، فَأَمّا السَّبُّ فَسُبُّونِی، فَإِنَّهُ لِی زَکَاةٌ، وَلَکُمْ نَجَاةٌ وَأَمّا الْبَراءَةُ فَلا تَتَبَرَّءُوا مِنِّی، فَإِنِّی وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَسَبَقْتُ إِلَى الاِْیمَانِ وَالْهِجْرَةِ».