ذکرنا آنفا أنّ الزمان لایراد به هنا المّدة الزمنیة لحرکة الشمس والقمر (أو دوران الأرض حول نفسها والشمس) فالأزمنة متشابهة ذاتاً، والأشخاص هم الذین یتغیرون والحوادث والواقائع التی تجعل العصر والحیاة حلوة أو مرة.
و علیه فاذا قیل بفساد الزمان فالمراد فساد الناس.
ویصدق هذا الأمر على المکان أیضاً، فاذا قیل أنّ المنطقة الفلانیة أو البلد الفلانی فاسد فالمقصود فساد أهل تلک المنطقة أو ذلک البلد.
وبالطبع فان هنالک من یحاول استغلال هذه العبارات لیجعل من فساد الزمان أو المکان ذریعة لفساده وانحطاطه.
فاذا سئل عن سبب فساده وانحرافه، إنبرى للجواب: وماذا أفعل فقد فسد العصر أو البیئة التی أعیش فیها، والحال هو ومن حوله مصدر الفساد. ولعلنا نلمس هذا المعنى فی الاشعار التی تنسب إلى عبدالمطلب جد النبی (صلى الله علیه وآله) حیث أنشد قائلا:
و یعیب الناس کلهم زمانا *** وما لزماننا عیب سوانا
نعیب زماننا والعیب فینا *** ولو نطق الزمان بنا هجانا
وان الذئب یترک لحم ذئب *** ویأکل بعضنا بعضا عیان(1)
و من البدیهی أنّ زوال فساد الزمان مرهون بتغییر الناس فیشملوا بلطف الله وعنایته (إِنَّ اللّهَ لا یُغَـیِّرُ ما بِقَوْم حَتّى یُغَیِّـرُوا ما بِأَنْفُسِـهِمْ)(2). وبذلک فالإنسان هو المقصر الأصلی على کل حال.