أشار الإمام(علیه السلام) فی هذه الخطبة إلى خصائص مسلمی صدر الإسلام فی أنّهم کانوا مطیعین لرسول اللّه(صلى الله علیه وآله)ولم یأبهوا بابائهم واخوانهم وابناءهم فی میادین القتال، فکانوا یصاولونهم لیجرعوهم القتل من أجل تحقیق الاهداف الإسلامیة المقدسة. کانوا یتحلون بالاخلاص وصدق النیة; الأمر الذی جعل اللّه یؤیدهم بنصره ویفیض علیهم من لطفه وفضله حتى إنتشر الدین واضاء نور الحق والیقین فی أنحاء العالم. والحق لو أنّ المسلمین الأوائل کانوا على غرار أهل الکوفة لما تنفس الإسلام وتنهنه حتى فی مکة والمدینة، ولو کانت إرادتهم الفردیة هى الحاکمة وتمردوا على أوامر قیادتهم الربانیة لما اخضر عود شجرة الإسلام ولانهارت أعمدة خیمة الإیمان. وبالطبع فانّ کثیراً من اُولئک کانوا ممن أدرک عصر النبی(صلى الله علیه وآله)أو رأى أصحابه، إلاّ أنّ إرادتهم ضعفت ووهنت إثر تلک الأحداث التی أعقبت رحیل رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)، ولا سیما على عهد الخلیفة الثالث واقبال الناس على الدنیا والاغترار بزخارفها والخلود إلى الراحة والدعة بعد تنامی الأموال والثروات بفعل الفتوحات الإسلامیة، إلى جانب الدعایة الواسعة التی کان یمارسها المنافقون وأعداء الدین.